متابعة/ نصر با غريبيحق لنا القول إن زيارة الدكتور/ عدنان الجفري محافظ محافظة عدن يوم الثلاثاء الفارط إلى مركز العزاني للتراث الفني والتوثيق بمديرية المنصورة عبرت عن مدى اهتمامه ورعايته لمنظمات المجتمع المدني عامة ولتلك التي تقوم بأداء أدوار متميزة لحفظ وتوثيق تراثنا الفني والثقافي ومنع ضياعه أو اندثاره.وجسدت زيارة المحافظ هذه اشراقة جديدة ومبشرة لكل المثقفين والفنانين اليمنيين وأضافت زخماً إضافياً لجهود المحافظين السابقين لمدينة عدن في رعاية ودعم الفن والثقافة والحفاظ عليهما.وقد تحولت زيارة المحافظ لمركز العزاني في مساء ذلك اليوم الجميل ودون ترتيب سابق إلى أمسية ثقافية فنية وحلقة نقاش احتضنها المركز وشارك فيها إلى جانب الأخ المحافظ الأخ/ عبد الخالق البركاني عضو مجلس النواب والأخوة/ عبدالله با كداده مدير عام مكتب الثقافة بعدن وأيوب أبوبكر مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل وحسن حيد عضو المجلس المحلي بالمحافظة وأحمد لملس مدير عام مديرية المنصورة وعبدالله العزاني رئيس المركز وحشد من المسؤولين بالمحافظة والمثقفين والفنانين والمهتمين.وفي بداية الأمسية تحدث الدكتور/ عدنان عمر الجفري محافظ محافظة عدن الذي أثنى على الجهود التي يقوم بها مركز العزاني رغم الظروف الصعبة التي يعانيها في حفظ وتوثيق تراثنا الفني والموسيقي ذي البعد التاريخي والذي لا يقدر بثمن.وقال : إن الحفاظ على مركز العزاني وتشجيعه على الاستمرار في أداء رسالته النبيلة ودعمه يعني الحفاظ على التاريخ الفني والثقافي للأمة باعتباره ملكاً للجميع ويمثل ذاكرته الحية.وأشار الأخ المحافظ أن قيادة محافظة عدن سؤلي المركز رعايتها وستتعاون مع كل الجهات الداعمة له والمساهمة بالبحث عن مصادر للتمويل لتمكينه من القيام بأنشطته المختلفة، داعياً رجال المال والأعمال والجهات المانحة إلى تقديم كل الدعم الممكن للمركز.وأوضح أن تسليم محضر عقد تمليك قطعة الأرض لإقامة مبنى المركز عليها يعد البداية الحقيقية لإبراز عمله واستفادة المجتمع والأجيال القادمة منه.وحث الأخ الدكتور/ عدنان عمر الجفري على الاستفادة القصوى مما يختزله المركز من كنوز غنائية وموسيقية وشعرية متنوعة.. داعياً المركز إلى تنظيم الفعاليات الثقافية والعلمية والبحثية والفنية والأمسيات التوعوية كي يتمكن المثقفون والباحثون والمهتمون من الاستفادة من مكنوناته التراثية ونشرها وتعريف الجيل الحالي بفن آبائهم وأجدادهم.من جهته أشاد الأخ/ عبدالله باكداده مدير عام مكتب الثقافة في عدن على جهود الأخ/ محافظ المحافظة في دعم وتسليم محضر تمليك الأرضية التي سيقام عليها المبنى الجديد له والتي جاءت كتتويج للجهود السابقة للمحافظين السابقين لعدن - الدكتور/ يحيى الشعيبي والأخ/ أحمد محمد الكحلاني.وأشار الأخ/ عبدالله با كداده إلى تأثير المبدع في الفعل الاجتماعي الذي هو أساس المتغيرات فكان الفنانون يسجلون مآثرهم الغنائية الوطنية العظيمة ضد الاستعمار البريطاني والإمامة وتحريض الشارع والرفع من روحه المعنوية لما للغناء والألحان من دور تحفيزي كبير رغم عمليات القمع والترهيب التي كانت تمارس ضدهم.. مشيراً إلى مقولة حكيم الصين كونفشيوس القائلة : “ ليس المهم من يضع القوانين ما دام أنا من يضع الألحان “.واستعرض في سياق حديثه المسيرة التاريخية لمركز العزاني منذ تأسيسه قبل نحو ستين عاماً ودوره التنويري الوطني في ظل أوضاع بالغة الصعوبة ويمن مجزأ إلى شمال وجنوب وأحد هذين الجزأين مقسم إلى ثلاث وعشرين سلطنة ومشيخة وولاية، غير أن رسالة الفن التي حملها المركز على عاتقه قدمت رؤية موحدة لكل اليمن.
وأضاف الأخ/ عبدالله باكداده القول إن المركز استطاع أن يحفظ ويصون لنا موروثاً غنائياً وثقافياً كبيراً أكثر من ستة عقود من الزمن وحتى الآن. متحدياً كل الظروف المريرة التي مر بها رغم عدم توفر الإمكانيات والدعم له.وتطرق إلى دور إلى الأخ/ محافظ عدن واهتمامه الملحوظ بالمركز وبدوره التوثيقي، إضافة إلى تمخض المساعي السابقة للمركز خلال الفترة الماضية بحصوله على قطعة الأرض والتجاوب الإيجابي من قبل منظمة اليونسكو بتقديم دعم عيني عبارة عن أجهزة ومعدات تسجيل ونسخ للأسطوانات والأشرطة الغنائية القديمة بقيمة تقدر بنحو خمسة عشر ألف دولار أمريكي.إلى ذلك عبر الأخ/ أيوب أبوبكر عن سعادته في هذا اليوم (الثلاثاء الماضي) الذي شهد إنجاز عمل ملموس بدعم الفن والثقافة في المحافظة.. مشيراً إلى أن زيارة المحافظ للمركز تؤكد مدى حرصه واهتمامه اللافت للنظر بالأنشطة الاجتماعية والثقافية في المحافظة من خلال تخصيصه لمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بعدن نحو (40) مليون ريال لتفعيل وتوسيع تلك الأنشطة بالمحافظة.من ناحيته قال الأخ/ محمد الجنيد مدير عام مكتب طيران اليمنية بعدن إن لزيارة المحافظ لمركز العزاني أثر بليغ لأنها تدل على اهتمام المحافظ بمنظمات المجتمع المدني والأهلي التي تضطلع بمهمة حفظ وتوثيق التراث الفني اليمني العظيم.وأوضح أن مركز العزاني للتراث الفني والتوثيق يمتلك مصنفات فنية تعود لحقبة تاريخية مهمة في حياة شعبنا اليمني وخاصة إبان فترة الاحتلال البريطاني والحكم الإمامي.ونوه إلى الدور الذي قام به المركز خلال تلك الفترة بتسجيل ونشر الأغاني والقصائد الوطنية التي ناهضت الاستعمار والإمامة وعززت عرى التلاحم والوحدة الوطنية لكل أبناء اليمن كله من أقصاه إلى أقصاه.الأخ/ فضل عوض صالح عضو مجلس الأمناء لمركز العزاني قدم في كلمته التي ألقاها الشكر بالنيابة عن أسرة العزاني والمنتسبين إلى المركز على الرعاية التي أحاطها المحافظ للمركز بعد سنوات طويلة من التجاهل والصبر حتى تكللت بالحصول على الأرضية للمركز.وقال : إن زيارة المحافظ للمركز تعد لفتة كريمة منه رغم مشاغله الكثيرة وتعبر بصدق عن مدى حرصه للدفع بالواقع الثقافي وإزالة كل المعوقات التي تكبح تطوره أو حفظه للأجيال المقبلة في المستقبل.وعبر عن ثقته الكاملة وبما لمسه من الأخ/ محافظ عدن يحمل رؤية تطويرية شاملة ستثمر تحقيق نجاحات كبيرة في كل المجالات على مستوى المحافظة.وكان الأخ/ عدنان عمر الجفري محافظ عدن قد سلم في بداية زيارته محضر تمليك أرضية المركز إلى الأخ/ عبدالله العزاني رئيس المركز وسط تصفيق حار وترحيب كبير من الحضور.عقب ذلك قام الأخ/ المحافظ بجولة استطلاعية في أرجاء مبنى مركز العزاني واطلع على محتوياته من الاسطوانات والأشرطة الغنائية والشعرية والموسيقية والمسرحية والخطب السياسية التي يحتفظ بها المركز والبالغ عددها نحو 100 ألف أسطوانة وشريط.كما تعرف المحافظ على استديو العزاني الذي يعد أول استديو لتسجيل الأغاني والألحان في اليمن والجزيرة العربية ولا زال باقياً إلى الآن، وتعرف كذلك على الأجهزة القديمة للاستماع والتسجيل وتكبير الأصوات التي يعود تاريخها إلى نحو 60 سنة مضت.واستمع الأخ/ المحافظ إلى بعض الوصلات الغنائية والشعرية القديمة وإلى مقاطع موسيقية من السلام السلطاني اللحجي والسلام الإمامي والمعزوفات الوطنية الحماسية.واستمع الحضور بعد ذلك في جو عابق بأصالة الفن اليمني القديم إلى وصلات غنائية مختارة قدمها الفنان/ سند علي حمود الذي أطرب الجميع بأغانيه العذبة الجميلة التي ذكرت الحضور بروائع الأغاني للفن اليمني وأعادت ذاكرتهم إلى زمن الأجداد والآباء.