د.شهاب غانم :صدمت عند قراءتي نبأ وفاة الشاعر اليمني محمد حسين هيثم في النسخة الالكترونية من صحيفة 14أكتوبر التي أتصفحها من وقت إلى آخر.وشعرت بالحزن يغمرني لأكثر من سبب حزنت لأنني عرفت في محمد حسين هيثم الطيبة واللطف.. وحزنت لأنه شاعر فأنا أحزن لوفاة الشعراء ربما لأن والدي كان شاعراً وخالي كان شاعراً وأنا عاشق للشعر وكذلك أشقائي وربما لأن الشعراء هم ضمير هذه الأمة ومحمد حسين هيثم كان من أكثر الشعراء اليمنيين شهرة خارج اليمن..وحزنت لأنه توفي وهو مازال في عنفوان العطاء.وقرأت ما كتبه عنه الصديق القاص الموهوب محمد عمر بحاح والصديق الشاعر الرقيق كمال محمود فتأكدت من صدق حدسي عن طيبة شاعرنا الراحل وسعة ثقافته..فأنا لم ألتقه سوى مرتين.كان اللقاء الأول خاطفا وحديثنا قصيراً بعد أمسية شعرية شارك فيها في الإمارات بدعوة من اتحاد كتاب وأدباء الإمارات .أما المرة الثانية فقد سكنا في نفس الفندق معا في أكتوبر 2001 في الكويت عدة أيام وكان معنا شقيقي الطبيب الفنان د.نزار غانم،وكنا ثلاثتنا هناك بدعوة من مؤسسة البابطين لحضور وضع حجر الأساس لأكبر وربما أول مكتبة عربية مخصصة للشعر وأيضاً للمساهمة في ندوة أدبية قدم فيها شقيقي مداخلة وقرأت فيها بعض قصائدي وكذلك هيثم.والتقينا عدة مرات في صالات الفندق وفعاليات الندوة وبعد أن قدمت قراءاتي الشعرية حرص على أن يأتي إلي ويعرب عن إعجابه الشديد بإحدى قصائدي.وعرفت في وجهه اللطف والطيبة أخبرته يومها أنني كنت أحضر كتابا عن خالي الشاعر الراحل علي محمد لقمان فأخبرني إنه من زمن يريد كتابا عن لقمان وأنه سينشر الكتاب في الإمارات وكان أول كتاب ينشر عن لقمان تلته كتب في اليمن لو أعطيته له – لا أذكر إنه كان يقصد في مركز الدراسات والبحوث اليمني بصنعاء أو في اتحاد الكتاب اليمنيين – ولكني على كل حال نشرت الكتاب للأدباء نجمي عبد المجيد ود.الحداد ود.الهمداني..وتحدثت معه عن المختارات التي اختارها هو والدكتور عبدالعزيز المقالح في كتاب مختارات من الشعر العربي في القرن العشرين..وقلت له إن القصيدة التي اختارها لوالدي ليست من أفضل شعره ولو خير والدي أو لو خيرت أنا لاخترت غيرها ولكنه دافع عن رأيه.وكانت تلك القصيدة هي "الهوى والليل" التي غناها الفنان الكبير سالم أحمد بامرهف.وهي من أول دواوين والدي "على الشاطئ المسحور" الذي غلبت عليه الرومانسية وأستاذنا الكبير د.المقالح كثيراً ما جاهر بأنه يرى ذلك الديوان أفضل دواوين والدي وهو رأي لا أوافقه عليه ولا كان والدي يوافقه عليه.لم أسمع من شعر هيثم أو أقرأ إلا القليل فقد حضرت الأمسية التي شارك فيها في الشارقة كما قرأت له بعض القصائد في كتب المختارات ووجدته مهموما بها حسب الحداثه كما وجدته حريصاً على موسيقا التفعيلة وعلى غنائية حالمة حزينة فيما قرأت.يقول في إحدى قصائده بعنوان عدن:على بعد عشرين ألف ظلام وسبع حروف بين هجس المدارات في غرف الرعد تحت الجسور وفوق الرصيف المناوئخلف عواميد هذا الظلام القديم رأيناك كنت تقولين شيئاًوكنا نحاول شيئاًوكنا نعد الأصابع كنا نفتش عن حجر أو بلاد ليس غير الحداد وانتظرناك ها أنت تتشحين بأسماء من عرفوك وصلوا على جمرةواستظلوا بشاهدةواهتدوا في الرماد أنت لم تبدأي يقظة الدم بعد ولم توقدي للأحبة شمس الضلوع ولم تهجي بالمدى المستعاد.......وتعودين من كل موت تعودين تياهة مشتهاةلقد أحسن الشاعر في وصف المدينة الخالدة عدن إنها دائماً تعود من كل موت حتى ولو رحل أبناؤها الشعراء واحدا تلو الآخر..ومنهم والدي محمد عبده غانم وخالي علي محمد لقمان وأستاذي لطفي جعفر أمان والصديق محمد حسين هيثم..ولقد أحسن أ.د.احمد على الهمداني في اختيار هذا النص في كتابه "عدن في عيون الشعراء" ولنبق مع شعر هذا الشاعر لحظات أخرى فأكثر ما يبقى من الشاعر شعره مع العلم بأن هيثم قدم الكثير أيضاً للنشاط الثقافي والأدبي في اليمن من خلال جهوده في اتحاد الكتاب وفي مركز الدراسات والبحوث اليمني الذي كان فيه نائبا للدكتور عبدالعزيز المقالح ومن خلال كتاباته وعلاقاته وصداقاته الكثيرة.يقول في قصيدة بعنوان "أين تمضي با أيامنا يا غزال؟".الذين أتوا خلسةهربوا في الكلام غزالا صغيراًومروا ظلالاإلى طلل في الفواصل كانت منازلهم حرقة في التشابيهريعا على الرفأبكوا بكوا ثم مالوا إلى غيبهم واناخوا قليلاوقالوا:الاأين تمضي بأيامنا يا غزال؟مرة أخرى الشعراء يمضون يبكون ويبكي عليهم ولكن تبقى غزلانهم الصغيرة.
|
ثقافة
محمد حسين هيثم..وداعاً
أخبار متعلقة