حماية فلذات الأكباد وحفظ سلامتهم ودفع الأمراض الخطيرة عنهم والتي يمكن الوقاية منها بالتحصين مسؤولية نحن موقوفون بها أمام الله عز وجل يوم الحساب.ولا يمكن القول بانحسار خطر شلل الأطفال في الوقت الراهن، فالخطر باقٍ ببقاء واستمرار عزوف بعض الآباء والأمهات وإحجامهم عن تحصين أطفالهم دون سن الخامسة ضد هذا الداء الخطير.والضحية بلا شك هم الأطفال المحرومين من التحصين، وكذا الذين يهملون ولا يحصلون على جرعات عديدة كافية لتأمين حمايتهم على الدوام من فيروس الشلل.فالإعراض عن التحصين أشبه بكارثة وان حلت فانها ستحل على الأطفال الذين أهمل تحصينهم أو الذين حرموا منه نهائياً.وبينما زيادة الاقبال على التطعيم بصورة كاملة وشاملة تعمل على اختفاء حالات الإصابة الجديدة بفيروس الشلل، يعمل الإعراض عنه من جهة أخرى ومنع بعض الآباء والأمهات لأطفالهم منه على عودة الفيروس في وقت لاحق بظهور بعض الإصابات الجديدة بالمرض بين صفوف الأطفال المهملين والمحرومين أصلاً من التحصين.إذ ليس فيروس شلل الأطفال أو ما يسمى بالتهاب سنجابية النخاع بالمرض الهين.. انه عالي النقاوة وله قدرة ثابتة على مقاومة تأثير الوسط الخارجي، ومع ان حصيلته تتراوح بين عدوى خفيفة ومرض شللي، فقد تنتج عنه الوفاة أيضاً في بعض الحالات.وبطبيعة الحال تؤكد المصادر الطبية أنه لا يصيب إلا البشر فقط، وله ثلاثة أنماط جميعها تسبب الشلل، إلا أن النوع الأول أخطرها لتسببه في أغلب حالات الإعاقة الشللية.. فيما يمكن ان يبدأ الشلل فجأة أو بالتدرج، ومن الممكن أيضاً أن يصيب أية مجموعة من العضلات في أي موضع تبعاً لموقع ومستوى إصابة الحبل الشوكي، غير أنه يصيب بشلل الساقين ألأكثر مما يصيب الذراعين أو أي موضع آخر في الجسم، فتصبح على أثره العضلات المصابة مشلولة رخوة تفقد توترها وحركتها، لكن الإحساس بالألم واللمس يظل قائماً دون تغيير.وفي الحالات الوخيمة قد يصاب المريض بالشلل الرباعي الذي يصيب عضلات الجذع والبطن والصدر وما يترتب عليه من عواقب خطيرة، وقد يتناظر في الطرفين العلوي والسفلي معاً (الساقين والذراعين).وبظهور حالة إصابة بشلل الأطفال في أي عائلة يصبح معها الأفراد الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات عرضة للعدوى بدرجة عالية، نظراً لسرعة انتشار هذا الفيروس النشط الذي يزداد انتشاره في الأماكن المزدحمة رديئة التهوية والنظافة والتي لا يهتم قاطنيها بنظافتها أو بنظافتهم الشخصية.بدليل أن عدواه تنتقل أساساً من خلال تناول طعام أو شراب خالطه ـ بشكل أو بآخر ـ شيء أو أثر من براز حاملي المرض أو شيء من افرازاتهم الأنفية والفموية، كذلك من خلال تلقي رذاذ عطس أو سعال حامل العدوى بصورة مباشرة.إذ يدخل فيروس شلل الأطفال الجسم عن طريق الفم، ومن ثم يتكاثر في البلعوم والقناة الهضمية للعائل المضيف، لينتشر بعد ذلك في الجسم عن طريق مجرى الدم وعندها يمكن له مهاجمة الجهاز الليمفاوي والجهاز العصبي المركزي.وتختلف دورة المرض تبعاً لحدة الفيروس، فيما تستغرق فترة حضانته حوالي أسبوع واحد في العادة كما يتفاوت رد الفعل للعدوى بفيروس الشلل إلى حد كبير تبعاً لشدة الحالة الإكلينيكية للمريض.وفي معظم الحالات يظهر المرض في صورة توعك طفيف وحمى خفيفة والتهابات بالحلق وتقيؤ وألم بالبطن وفقدان الشهية، وهي علامات شائعة لا يمكن التمييز بينها وبين أعراض حالات العدوى الفيروسية الخفيفة الأخرى.وبواقع الحال لا تبدو على المرضى في معظم الحالات أية أعراض إضافية، لكن الأمر يختلف لدى 2 من المرضى لتمكن الفيروس من الوصول إلى المخ والحبل الشوكي، إذ تظهر لديهم أعراض مرضية شديدة في الجهاز العصبي بشكل مفاجئ وان سبقتها أحياناً فترة هدوء وسكون مؤقتة، وعلى اثرها تنتاب المريض حالة من القلق والتوتر والصداع وتتفاوت ارتفاع درجة الحرارة لديه ما بين (38ْ ـ 39ْم).وفي ثلث الحالات التي تصل إلى هذه المرحلة يختفي المرض خلال 7 أيام، أما بقية الحالات فتتطور إلى الشلل.وعادة ما يظهر الشلل أثناء الحمى، وفي الغالب لا يتطور أكثر بعدما تعود درجة الحرارة إلى معدلها الطبيعي.وفي الحالات التي تنتهي بالشلل يلاحظ أن مسار المرض يمر عبر طورين، طور أصغر وطور أكبر، وأحياناً تفصل بين الطورين عدة أيام بدون أعراض.ففي الطور الأصغر يعاني المريض الحمى والأعراض التنفسية العلوية وأعراضاً هضمية، أما الطور الأكبر فيبدأ بآلام عضلية وتشنجات بالعضلات ومعاودة الحمى، حيث قد تختفي الآثار السلبية قبل أن يظهر بوضوح ضعف العضلات.ومن جملة العوامل المساعدة على حدوث العدوى بفيروس شلل الأطفال:ـ حرمان الأطفال خلال السنة الأولى من العمر من التحصين الروتيني أو عدم استيفاءه الجرعات كاملة على النحو المحدد في كرت التحصين الروتيني المعتاد.ـ سؤ التغذية وتلوث الطعام والشراب بالفيروس.ـ إهمال النظافة الشخصية وسوء الصرف الصحي، والتبرز في العراء خاصة قرب المنازل ومصادر المياه.ـ الازدحام الشديد وسوء تهوية المنازل.ـ تأخر أو انعدام التبليغ الفوري في أقرب مستشفى أو مركز صحي عند الاشتباه بوجود حالات إصابة جديدة بالمرض.من ناحية أخرى لا تقتصر الأضرار التي يتركها شلل الأطفال على الجسد فحسب، بل هي أوسع من ذلك بكثير، حيث أن قيود الإعاقة تترك ألماً نفسياً طويلاً لدى المعاق ووالديه ومحبيه، وربما لا تزول سريعاً ما لم يتم التغلب على الوضع الذي آل إليه الطفل بتأهيله ودمجه في المجتمع وتوجيهه الوجه الصحيح لبناء مستقبله، أما أن يظل مقيداً محبطاً دون تشجيع أو تحفيز على العمل والمثابرة وإثبات ذاته، فذاك نتيجة سوء تقدير الأسرة والمجتمع أو عدم الإدراك أو التجاهل لأهمية تلك المطالب المشروعة.ختاماً.. الأولى التخلي عن الحجج الواهية وعدم الانقياد أو الانصياع وراء الادعاءات المغرضة والشائعات الكاذبة التي يروجها البعض ضد التحصين، فهي ليست في صالح أطفالنا، وعلى الآباء والأمهات أن يعوا جيداً أن التطعيم ضد شلل الأطفال السبيل الوحيد لصون وحماية جميع أطفالهم تحت سن الخامسة من ويلات الإصابة بهذا الداء، ولا مبرر ولا عذر سيقبل إذا ما فات الأوان ووقع أي طفل لم يحصن أسير الإعاقة والعجز، فالتحصين واجب.. ولا يحق لهم التقاعس عنه.*المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان
واجبنا تحصين أطفالنا لحمايتهم من شلل الأطفال
أخبار متعلقة