زفة العريس الافريقي كروياً
عيدروس عبدالرحمن وكأن التاريخ يريد ان يعيد نفسه ، مجدداً ، في النهائي الافريقي الذي سيضم بلد الضيافة / مصر / وحصان البطولة الجامح ساحل العاج .. فالاخير ، اخرج مصر من نهائيات كأس العالم وهزمه ذهاباً واياباً في التصفيات والفراعنة اخرجوا كوت دي فوار في بطولة بوركينا فاسو بضربات الترجيح ، ومازاد عليهم في ختام مباريات الدور الاول من البطولة . والفريقان المتأهلان لنهائي افريقيا الخامس والعشرين ، كانا ضمن مجموعة واحدة ( الاولى ) وبلغا النهائي .. كما هو حال اصحاب ترتيب المركزين الثالث والرابع من المجموعة الرابع ، مع فارق ان ساحل العاج ومنذ بداية النهائيات رسمت لنفسها خطة واضحة وجريئة لانها لاتريد فقط الفوز بالبطولة فحسب ولكن الاستفادة القصوى من تلك المباريات الهامة والحساسة التي ستواجهها .. ساحل العاج ، وهذا رأي شخصي تعمد الخسارة من الفريق المصري في ختام مباريات مجموعتهما الاولى ، لانه لعب اولاً بصفه الثاني ، دارجاً الدفع بعناصره الحاسمة في دكة البدلاء لان مدربه ، كما يبدو ، يريد مواجهات اكثر سخونة واقوى اثاره ليلعب مع الكاميرون في دور الثمانية ، وهي البلد التي هزمت ساحل العاج ذهاباً واياباً في تصفيات كأس العالم ، ولولا التعادل المصري مع الكاميرون لتأهلت اسود الكاميرون ، فالمدرب العاجي تعمد خوض مواجهة ساخنة جداً مع المرشح الاول للبطولة ، ولديه خطة محددة يريدان يطبقها ويعرف كيفية استيعاب لاعبيه لتلك الخطة ، ويبدو انه نجح تماماً ، بالتأهيل لدور الاربعة ، وبالتخلص من عقده الكاميرون وجانب هام انه اكد جدارة ساحل العاج واحقيتها في امتلاك بطاقة التأهل للمونديال كأفضل من الكاميرون . ومن يتابع ، المسار التدرجي لفريق ساحل العاج ، يرى ان هناك خطة مدروسة تماماً من مدربه الفرنسي ، وان هناك تصاعداً رهيباً في مستوى ساحل العاج من مباراة لاخرى .. فالفريق العاجي بدأ النهائيات بمستوى واداء مطلوب منه التأهل للادوار الاخرى مما جعل الكثير يستعجل الحكم عليه وعلى مستواه ، لكنه انتفض بسرعة الصاروخ اداء وعروضاً في الادوار الاقصائية ، فاقصى الكاميرون ، بجدارة واطاح بالفريق النيجيري بثقة واقتدار.. والله وحده يعلم ما الذي سيفعله الفريق الايفواري مساء الجمعة . كوت دي فوار اعتمدت على حصانة دفاعية محكمة منذ البداية وعلى ارتداد هجومي ضارب وسريع ، فزادت جرعات الحصانة الدفاعية والثقة خاصة بعد فوزه على هجوم الكاميرون ونيجيريا .. لذلك فالفريق يسير بخطة مدروسة تماماً منذ انطلاق البطولة . على ان الفريق المصري ، اعتمد بوصوله للنهائي على مواجهة الفرق المنافسة كل على حدة ، دون حاجته لربط ذلك باستراتيجية عامة يكون التأهل للنهائي جزء من مشروعها .. ولذلك عندما فاز على ساحل العاج ، كان طموح الفريق المصري ، الابتعاد عن مواجهة الفرق القوية ،التي تركزت جميعها في الجانب الاخر ، فمصر لاقت الكونفو في دور الثمانية ، ثم السنغال في نصف النهائي ، وكلاهما لايرقيان الى مستوى كل من الكاميرون ونيجيريا .ويمكن اعتبار ان قوة مصر تتركز في عامل الارض والجمهور والقوة الهجومية الفاعلة التي اعطت للفراعنة الرقم الاكبر من حيث تسجيل الاهداف ، مع خط وسط جيدجداً ،ودفاع يعتبـــر ليس الافضل ولا الاقـوى في البطــولة .بعكس ساحل العاج الذي وصل خطه الدفاعي الى القمة بمباراتيه الاخيرتين ومع اقوى خطوط الهجوم المنافسة ولم يلج مرماه سوى هدف واحد فقط امام الكاميرون .. لكن اقوى خطوط الفريق هو خط الوسط الذي سيكون العلامة الفارقة في النهائي المرتقب ولذا فالمطلوب من المصرين الاستحواذ والتحكم بوسط الملعب ان ارادة الفوز بالكأس الافريقية للمرة الخامسة في تاريخهم وان حبوا زيادة ايام وسهرات الفرح الجماهيري والوطني والذي تعيشه مصر حالياً كاعياد وطنية جميلة طغت على جراح وضحايا عبارة السلام . امام الكابتن القدير حسن شحاته ، مباراة من نار وفريق مختلف تمام الاختلاف عن ذلك الذي فاز عليه في الادوار الاولى - ومطالب الكابتن شحاته مراقبة اكثر من لاعب ، كما ان سيطرته على الوسط ستكون هي كلمة السر ومفتاح الفوز بالبطولة والتي يجيدها ساحل العاج لانه يلعب بخمسة في الوسط يمتلكون من المهارة ، الخبرة ، الحنكة ، ادارة المباراة ، ودهاء التخلص من المواقف الصعبة ، وكلها عوامل كابحة للجموح الفرعوني بالفوز بالبطولة . نهائي القارة السمراء ، الجمعة لن يكون سهلاً لمصر كما حدث في مباراة الدور الاول ، ولن يكون وردياً لساحل العاج كما عملته في تصفيات المونديال ، سيكون صراعاً رهيباً بين فكري المدربين ، وبين انضباط تكتيكي عالي جداً ، وحماسة وارادة فوق العادة ، بين هدير جماهير عاصفة وخبرات احترافية تعرف كيف تروض تلك الاصوات .. بين سلسلة هجمات مصرية متواصلة وارتداد هجومي مركز وقاتل مثل سم الافاعي . ويبقى الامل في ان يكتب حسن شحاته اسمه بجوار محمود الجوهري ويحمل الكأس الافريقية حسام حسن للمرة الثالثة في تاريخه .. لكنه لقاء من نار يحترم فيه مدرب وفريق كوت دي فوار باعتبارهم اصحاب افضل العروض ومروضي النسور والاسود .