هل يوجد على وجه هذه الأرض من لا يعرف النور بكل ما تعنيه الكلمة فلولا النور لما استطعنا الرؤية فهل يستطيع أي إنسان أن يرى أو أن يمارس حياته فى الظلام ؟ الإجابة لا .. لا يستطيع الإنسان العيش في الظلام بدون النور وهل من أحد يستطيع أن يأتيك بالنور غير الله للاجابة على هذا يقول تعالى " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (71) القصص " ومن هنا كان الأجدر بنا أن نتذكر نعمة الله سبحانه وتعالى علينا بأن جعل لنا نورا نهتدي به في الظلمات " أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً (16) نوح " وهذا النور في ظلمات الليل فما بالكم بظلمات الأنفس والبشر فسبحان الله الذى جعل لنا نورا نهتدي به في الخروج من هذه الظلمات إلى النور .وأستشهد هنا من قصة موسى عليه السلام حين سار بأهله ورأى النار " وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16 ) طه فالنار هنا كانت بمثابة الدليل الذي رآه موسى للاهتداء إلى الطريق أو ما قد ينتفع منه الفرد في مثل هذه الظروف وهذا واضح من خلال الآيات وهو لا يعلم بما قد سيحدث عند النار. وقد أرسل الله تعالى موسى إلى فرعون والى بني إسرائيل لكي ينذرهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور " وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنْ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49) الأنبياء " لقد ذكر الله تعالى أن ما انزله على موسى أى التوراة الفرقان وضياء ونحن لا نحتاج إلى توضيح ما هو الضياء أو الفرقان حيث أن كلاهما مما يساعد البشر على الهداية.وأيضا يقول سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (175) النساء. وهكذا كان وصف الله تعالى للقرآن الكريم بأنه نور مبين أى نور كامل واضح لا شك فيه وأن من يعتصم بهذا القرآن فسيدخله في رحمة منه وفضل ويهديه إليه صراطا مستقيما فهل يوجد نور اسطع من ذلك كي نهتدي به ليخرجنا من الظلمات إلى النور؟انه النور الذى انزله الله ووصفه بأنه مبين أى واضح فلماذا نجد من يقول أن الروايات والأحاديث التي نقلها الينا بشر مثلنا تنسخ حكم الله في القرآن أو تضيف اليه .. فهل القرآن ( نور الله ) ناقصاً . تعالى الله عن ذلك؟ وهل رأينا نورا ناقصا أو ضياء ناقصاً وغير واضح. لقد قال الله أن القرآن نور مبين فهل وجدناه معتما كي يبينه أي شيء آخر ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا و كبرت كلمة تخرج من أفواههم .خصوصا وان هناك من يجعل بعض الروايات والأحاديث التي يدخلها الشك في مقام التشريعات والأحكام التي جاءت من عند الله تعالى في القرآن الذي نقله الينا بنينا الكريم (ص ) عبر الوحي ‘ علما بأن تلك الروايات ظهرت بعد زمن طويل من موت النبي عليه الصلاة والسلام بأكثر من 200 عام ، وقد وضعها ونقلها الينا بشر مثلنا عبر كتب بشرية لا يجوز أن نشركها بكتاب الله !!فأي أحق أن نتبع.. كلام الله سبحانه وتعالى أم كلام البشر الذين يصح عليهم النسيان والهوى؟ الأحق بأن نتبع كلام الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم الذي وصفه بالنور وقد يتبين لنا هذا المعنى في سورة النور يقوله تعالى "وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنْ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) النور .ويضرب الله الأمثال للناس فإن كل ما جاء في هذه الآية من توضيح لقوة هذا النور وشدة وضوحه والذي يخرج من هذه المشكاة والتي هي بمثابة جهاز ضوئي هائل ، إن دل على شيئ فإنه يدل على قوة البرهان الذي هو القرآن وهل يستطيع أحد أن يدعى أن القرآن (نور الله ) أنه غير كاف للهداية أو أنه يحتاج لنور آخر غير القرآن.. ؟ فقد وصفه الله بأنه نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء .ونلاحظ التضاد في الوصف بين النور والظلمات " وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ " (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) النور، ففى هذه الآية الكريمة وصف لاعمال الذين كفروا فأتى فى وصفين هما : ـ الأول: هو كالسراب الذى يحسبه الظمآن ماء ويظل طيلة حياته وهو يجرى وراء سراب حتى يتوفاه الله على ذلك الحال وقد أضاع حياته فى يحث عن الماء بالطريق الخطأ الذى لا يريده الله .الثانى : أن أعمال الذين كفروا كظلمات فى بحر لجى متلاطمة أمواجه ومن فوقه سحاب يمنع الرؤية والاهتداء ،حيث وصف الله الشكل السابق بانها ظلمات بعضها فوق بعض فى هذه الحياة المظلمة لا يستطيع أن ينير هذه الظلمات إلا الله تعالى وليس أحدا غيره .فلماذا لا نتبع النور الذي انزله الله تعالى على رسوله الكريم ( ص ) ،والذي هو مكلف بتوصيله لنا ،والذي وصله لنا وأتمه على أكمل وجه ، والذي يضمن حفظه لنا هو الله سبحانه وتعالى من أي حذف أو اضافة وكفى بالله حفيظا " ..إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ، وقد تحدى الله به الانس والجن أن يأتوا بسورة من مثله ، وهذا طبعا مستحيل لانهم لايستطيعون ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا . وفي آخر كلامي كما قال رب العزة ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور . وأرجو من الله أن يهديني إلى أقرب من هذا رشدا.
|
فكر
تأملات حول الظلمات والنور فى القرآن
أخبار متعلقة