القاهرة / متابعات :في عمله "سوق الجمعة" قال النقاد إنه لم يسبقه أحد عربي في عمل لوحة بهذا الحجم, والتي تبلغ مساحتها 23 مترا وارتفاعها 140 سنتيمتراً حتى دخلت موسوعة "جينس", والتي لأول مرة سترى النور في الأول من ديسمبر بقاعة الفنون بدار الأوبرا المصرية.هو الفنان طه القرني الذي أبدع لوحته التي تنقسم إلى تسعة مقاطع في ثلاث سنوات يعمل بها بشكل متواصل, بعد متابعة السوق بزياراته المتكررة له أسبوعيا منذ سبعة سنوات, حينما كان بمنطقة إمبابه سابقا وانتقاله إلى منطقه برقاش, ظل وقتها الفنان في متابعته, يرصد حركة الناس.. فئاتهم.. أنماطهم.. نوعية الباعة و طريقة عرض بضائعهم, والحركة الرهيبة التي تبدأ من بعد صلاة فجر الجمعة حتى العشاء في حركة دائبة غير مملة, حتى انتقل السوق أخيرا ليستقر بجوار سوق الحمام بمنطقة السيدة عائشة, والذي يسمى بسوق الإمام متربعا ما بين مقابر الإمام حتى حضن جبل المقطم متخللا المقابر و ساكنا على جانبي ممر القطار القديم بالمنطقة و مفترش كل هذه المساحة في حضن جبل المقطم - هذا وفقا لما وصفه الفنان -.استفز الفنان تلك الوجوه التي تحمل السمات المصرية القديمة, والمستحدثة لغويا بتيماتها ومصطلحاتها وتعبيراتها, وأنواع الملابس وتفصيلات كل شخصيه داخل السوق, وهذا ما دفعه لكي يبدع أكبر لوحة عربية في العالم, يوثق بها تاريخ هذا السوق, ولتكون شاهدا في المستقبل بوجود سوق الجمعة, مثلما حدث في عصر المستشرقين حينما أتوا إلى مصر ورسموا قصورها وأشخاصها وأسواقها, فهو سيساعد ملايين الأجيال القادمة في التعرف على هذا السوق الشهير, بل والعالم كله أيضا سيشاهده بهذا العمل بما يحويه من تفاصيل دقيقة تنبع من ريشة الفنان, التي تصور روح الأشخاص وطبيعة البيئة المصرية بمنتهى الصدق والأصالة.ففي السوق يقول الفنان: "على الرغم من طريقة البيع و الشراء إلا أن الشخصيات تظهر على اختلافها و ثقافاتها, مما استفزني لأسجل عملاً يتسم بالمصريـة المعاصرة, وعمل لقطه فنيـه تجمع بين عـالم المتناقضـات داخـل سوق الجمعـة " سوق الإمام ", متأثرا بالملمح الإنساني ولغة التعامل بين العناصر و الطابع المميز للمكان, فأخذت المعايشة والرؤية المتكررة تعتصرني لخروج عمل يصور سوق الإمام بدراسة الشخوص و المجاميع داخل المساحة, و أخذت بتركيز بصري وثقافي وفني لمدة ثلاثة سنوات في عمل العديد من الرسومات والقطاعات الطولية والعرضية للسوق, وربط العناصر بعضها ببعض, وكذلك الحركة في المساحة, وتحليل المجموعات وإعادة ربطها لونيا, مع الاحتفاظ بسمات الشخصيات منفصلة, ووضع تصميم يسمح للعين بالتنقل بين العناصر, بالإضافة إلى الاحتفاظ بالتصميم العام و معالجة التوازن بين الكتل والحركة والمجاميع في الخلفيات, واحترام التنسيب العام بين الشخوص الأمامية والخلفية, وعمل بانوراما حركية لونية تسمح برؤية العمل في إطار تصميمي داخل المساحة, وأيضا عمل ربط عام بالخلفية التي أوجدتها الطبيعة, والتي أعطت للعمل صبغه زمنيه مع الشخصيات".تميزت خلفية اللوحة التي تتمثل في شكل جبل المقطم بالخطوط العرضية ولسعات الضوء الساقطة على أجزاء منه, وتميز اللون ما بين الرمادي والوردي, مما أعطى الفرصة للفنان بعمل حاله فنيه تخرج العمل بشكل يقترب للواقعية, وكذلك بفرد المساحة دون إحداث ملل للرؤية, مما جعله يقوم بتوزيع الكتل بشكل لوني وحركي مع احترامه للفراغات والسماح بتخلل الهواء داخل العمل, وذلك ما أعطى العمل مرونة للرؤية واستقطاع أكبر جزء من نوعية المترددين على السوق لصياغتهم تشكيليا.