مجسم منارة المحضار ويقع في مدخل تريم وبمنطقة الغرف
التقاه: عبد الرؤوف هزاعبمناسبة الاحتفاء بتريم كعاصمة للثقافة الإسلامية 2010م، هذه المدينة التاريخية المبنية من الطين والتي تعد من أهم المدن التي تحمل تراثاً معمارياً متميزاً، مدينة تريم التاريخية مبنية أساساً من مادة الطين ومواد بيئية متوفرة محلياً فإنها وبكل ما تحمله من تراث معماري كبير تستحق أن يفرد لها حيز كبير في وسائل الإعلام المختلفة، لبيان ذلك التراث المعماري العريق ..تريم مدينة القصور الطينية ومدينة المساجد المبنية أيضاً من طوب اللبن، ومنارة مسجد المحضار تشمخ كأسطورة بنائية للمعلم التريمي، هذه المنارة التي تعد أطول منارة في العالم صنعت أيضا من الطين وهي شاهدة على أهمية مادة الطين ومقاومتها للظروف المناخية إلى يومنا هذا، وباعتبار مادة الطين مادة صحية، تتناسب مع الظروف المناخية في البيئة اليمنية بشكل عام وظروف الوادي بشكل خاص، وبهدف توضيح الرؤية أمام ذلك كله، تم اللقاء بالدكتور المهندس ثابت سالم العزب متخصص وباحث في مجال البناء بالطين - وسنعرج معه قليلا حول أهمية البناء بالطين في مدينة تريم بشكل خاص وفي وادي حضرموت بشكل عام، وهناك الكثير من الأسئلة الخاصة بمادة الطين باعتبارها من أهم مواد البناء في الوادي والأهمية التاريخية للبناء الطيني في وادي حضرموت، وكيفية حماية مدينة تريم من كوارث السيول والكوارث الأخرى التي تتعرض لها المباني الطينية في مدن وقرى الوادي، ناهيك عن أهمية تراثنا المعماري في الكثير من مدننا التاريخية المبنية من الطين كمدينة صنعاء، شبام، وزبيد وغيرها. 14 أكتوبر التقت الدكتور المهندس / ثابت سالم العزب وإليكم الحصيلة : - أعطنا لمحة تاريخية عن مدينة تريم وعن وادي حضرموت بشكل عام ؟
ثابت سالم العزب
- مدينة تريم من أعظم المدن اليمنية قديماً وحديثاً، وهي عاصمة حضرموت القديمة، حيث سميت باسم ملكها تريم ابن حضرموت ابن سبأ الأصغر، وتكمن عظمتها في مجالات عديدة أهمها، موقعها الجغرافي في الخارطة اليمنية، حيث تحتل موقعاً متميزاً في الجزء الشرقي من اليمن والجزء الأوفر حظاً من وادي حضرموت بشكل خاص، ولموقع المدينة أهمية تجارية كبيرة حيث عرفت كمركز تجاري مهم قبل الإسلام، تربط خطوط التجارة البرية والبحرية ولاسيما تجارة البخور واللبان، المار من ظفار والمحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط، ومنها إلى مختلف بلدان العالم - هذا الوادي الذي تلتقي فيه أودية كثيرة وتصب كلها فيه والمشهور بوادي حضرموت، كما تعد مشعلاً من مشاعل الحضارة قديما وحديثاً، حيث تميزت تريم بحضارة عريقة شهدتها المدينة منذ عصور غابرة، فكثير من القصور والآثار تدل على عظمة تلك المدينة وعظمة ساكنيها، فلو اخذنا قصراً من قصور تريم لنافس أكثر المباني الحديثة تصميماً وتنفيذاً وهي قصور فخمة صنعت من الطين، وكذلك وجود قبور الصالحين باعتبارها موئلا لناسها العظماء كقبر النبي هود عليه السلام وغيره، وللمؤرخين نترك تفاصيل الانتساب لعاد وثمود ونوح، وبعد ظهور الإسلام أضحت مدينة تريم فناراً مضيئاً بنور الله غمرت بنورها مساحات شاسعة من الكرة الأرضية وكانت قبلة لطالبي العلم إلى يومنا هذا.وأما عن وادي حضرموت، يعتبر من اكبر أودية اليمن ويشكل ظاهرة طبوغرافية متميزة واضحة المعالم ويجري موازيا للساحل الجنوبي في شبه الجزيرة العربية وعلى بعد(200 - 165) كم منه، ويمتد غير مستوى بين الشرق والغرب على خط 16 درجة، حيث يبلغ أقصى عرض له 15 كم و ينحرف عند قرية قسم في مركز تريم، حيث يصل إلى أقل عرض له وهو 2 كم’ في موضع خلف مدينة تريم ومن هناك يبلغ انسداده في وادي قبر النبي هود، مخترقا المرتفعات الساحلية عبر وادي المسيلة وتصب مياهه عند مدينة (سيحوت) في محافظة المهرة في بحر العرب، ويمتد وادي حضرموت بطول 240 كم، وارتفاعه عن سطح البحر 700م تقريباً. إن وادي حضرموت يعتبر انسب مناطق الجزيرة العربية للاستيطان خلال العصور القديمة، وهو واد متسع جدا ويحتوي على مخزون مياه قريب إلى السطح، ويمتاز بتربة غرينية جيدة للمحاصيل الزراعية، وكذا تعد صالحة للبناء وخاصة الطوب المجفف تحت أشعة الشمس، ومن المرجح بين كثيرين من الباحثين الغربيين بأن وادي حضرموت قد عرف الحياة البشرية قبل أن تعرفها المناطق الغربية من اليمن. وإذا كانت اليمن اليوم تعاني من شحة في المياه تصل إلى درجة الخطورة أو الكارثة، فان وادي حضرموت، يحتل مركزاً مرموقاً لاحتوائه على أكبر حوض مائي - ربما يكون أهم مخزون عربي، فلذا نرى ضرورة الاعتناء بهذا الحوض المائي ووضع الدراسات اللازمة في كيفية الاستفادة منه باعتباره لا يقل أهمية عن الثروات الأخرى لهذا الوطن.[c1]العمارة الطينية[/c]- باعتبارك متخصصاً في مجال البناء بالطين كيف تنظر إلى العمارة الطينية - الإسلامية، مستدلاً بقصور تريم الطينية ومساجدها بكل ما تحمله من جمال معماري متميز يعد تراثا إنسانيا وحضاريا ؟ - تعتبر مدينة تريم أنموذجاً للعمارة الإسلامية البديعة والمتطورة، عبرت بحقيقة عن روح العصر فالعمارة بالمفهوم الإسلامي، ليست جدراناً مشيدة عليها زخارف متنوعة ننظر إليها بإعجاب ولكنها نتاج بشري تعبر عن روح العصر وثقافته خلال سلسلة طويلة من تطور الإنسان في سلم حياته، وهذا الفكر صيغ عبر قرون طويلة. والعمارة هي كائن يؤثر ويتأثر، أكسبتها الخبرة والمعارف المتداولة مدلولات وأسماء شتى، ومفاهيم فلسفية تحكي عن فكر الناس وحياتهم الدنيوية والدينية، ولما جاء الإسلام الحنيف أعطى البيت خصوصية وقيمة أثرت تأثيرا كبيرا على مفهومه الاعتيادي، وأثرت معانيه ومكوناته، وأصبح السكن والعمارة - من عمارة الأرض وسكون النفس. يقول - أكبر في كتابه (عمارة الأرض في الإسلام 1995م)، عن المهندسين والمخططين (فهم يحاولون تطوير عناصر البيئة الإسلامية لملائمة متطلبات العصر كبناء بيئة تنمي الترابط الاجتماعي وتلائم المناخ بأقل التكاليف كاستخدام مواد البناء التقليدية في البناء كالطين مثلا، وهكذا كثر تداول عبارة (العمارة الإسلامية) وأصبحت ذات مفهوم متغير بحسب اهتمام المستخدم للعبارة، ولكن يمكن القول بأن العناصر العمرانية التي ظهرت بعد ظهور الإسلام، وما نفذ من تعاليم إسلامية في كيفية البناء وتقسيم البيت، اتجاهه، عادات المسلمين، وغيرها. يقول ابن خلدون: في أن العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران وتعظم الحضارة، وعلى نسبة عمرانها في الكثرة والقلة والحضارة والترف، تكون نسبة الصنائع في الجودة والكثرة. وذكر بان بغداد وقرطبة والقيروان، لما كثر عمرانها صدر الإسلام، واستوت فيها الحضارة، كيف زخرت فيها بحار العلم، وتفننوا في اصطلاحات التعليم وأصناف العلوم، واستنباط المسائل والفنون؛ وهكذا نرى اليوم بأن تريم مثلها مثل تلك المدن أضحت متجه العلم والتعلم، قبلة الكثير من الجنسيات ينهلون منها العلم، أن عمرانها مستبحر وحضاراتها مستحكمة منذ آلاف السنين، فهناك المدارس والروابط، وقفوا عليها الأوقاف، وارتحل إليها الناس في طلب العلم، بل ارتحل العلماء الحضارمة إلى الكثير من الأمصار ينشرون العلم والإسلام، وينهلون أيضاً من تجارب ورقي العالم المتحضر.فإذا كانت أهم مواصفات المسكن هي تلبية الحاجة للساكن بأن: تقي الحر والبرد، تستر عن العيون، تمنع من ولوج الدواب ولا تعشش فيها الهوام ولا يخاف سقوطها لفرط ثقلها، ولا تؤثر عليها الرياح وتلك من أعدل المساكن وأنفعها. وقد أوجز ابن القيم الشروط الواجب توافرها في المنزل الإسلامي مثل: البساطة، الخصوصية، التوافق مع البيئة. وهي شروط انعكست كثيرا على عمارة المنازل عبر العصور الإسلامية. وقد استطاع أهالي تريم استخدام تلك المواد البيئية بكل اقتدار حيث تم وضع المعالجات اللازمة لمواد البناء كالتثبيت والتخمر وتحديد فترة الجفاف وغيرها من العوامل المهمة التي تؤدي إلى تعمير البيت طويلاً أفضل من المواد الحديثة.فإذا كانت مدننا الطينية، قد أسست في قرون أقدم من ظهور الإسلام، في القرن الرابع قبل الميلاد، ومنهم من قال في القرن السابع قبل الميلاد، إلا إن العمارة الإسلامية، تطورت بعد هذا التاريخ، فكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيته، وما تلا ذلك من تطور لاحق، كان له عظيم الأثر في تطور واستقلالية العمارة الإسلامية، من مسجد ومنارة وبيت وعمارة، وغيرها من الأشكال البنائية المتطورة حتى يومنا. وما نرى من تطور في البت التريمي، إلا أنموذجا أصيلا للبيت الطيني الحديث، ونموذجا حيا للعمارة الإسلامية النابضة بالروحانية والجمال.[c1]المسكن الإسلامي[/c]- إذاً ما هي خصائص المسكن الإسلامي؟- التصميم للمسكن في المدن الإسلامية يعبر عن احتياج المسلم في مختلف بلاد العالم الإسلامي، وقد أدى تأثير المسكن العربي والإسلامي بالتوجيه الديني والعادات والتقاليد، الخصوصية والستر، إلى جانب مراعاة العوامل البيئية والمناخية، واهم تلك الخصائص:•وجود المدخل المنكسر حيث لا يؤدي إلى فناء المنزل مباشرة، وذلك حتى لا يتمكن أي عابر بالشارع أن يرى ما في الداخل المسكن عند فتح الباب.•وجود الفناء المكشوف وهو يعتبر قلب الدار الرئيسي الذي تلتف حوله جميع العناصر والفراغات الرئيسية للمنزل، وقد تعود الإنسان المسلم أن يرى السماء مباشرة ليشعر بتلك العلاقة الروحية مع الكون وصانعه، كما يجب أن يحتوي على حديقة ونافورة لتلطيف الجو داخل هذا الفناء، حيث يلعب دورا أساسيا كمنظم لدرجات الحرارة داخل المسكن، وهذه من متطلبات التصميم الحديث في البيئة الحارة.- وجود الاستقلالية للضيوف، حيث يطل على الفناء الداخلي، وبمرحاض مستقل. حيث يتميز البيت بوجود استقلالية بين النساء والرجال.- وجود فتحات صغيرة فوق فتحات النوافذ لخروج الهواء الحار ودخول الهواء البارد من أسفل النوافذ.إن البيت اليمني له خصائصه الذاتية: تتميز المباني في اليمن بطابع متميز وفريد، فهي ذات ملامح محلية واضحة، وان كانت تشترك في مواصفات المدن الإسلامية إلا إن لها طراز معماري خاص، ونتيجة للتنوع الجغرافي والمناخي في اليمن، فإنها تتبعها التنوع في استخدام مواد البناء المحلية المختلفة من ناحية، ووضع المعالجات الفنية في نظم التهوية والحلول الإنشائية والمعمارية اللازمة.[c1]كوارث ومعالجات[/c]- هل أثرت الكارثة التي حصلت في أكتوبر 2008م، على استخدام الطين كمادة بناء نتيجة لتأثرها بالأمطار؟ وما هي المعالجات التي يمكن اتخاذها للوقاية من الكوارث؟أهل الوادي بالذات لديهم جرأة غير محدودة أليسوا هم أول من بنى أول ناطحات السحاب في العالم؟- أليسوا هم من بنى منارة المحضار الشهيرة من مادة الطين والقش؟ أليست التجربة المحلية للبناء في الوادي تعد من أهم تجارب البناء محليا ودولياً؟ هل المواد الحديثة صالحة في ظروف الوادي؟ هذه الأسئلة وغيرها تم مناقشتها في الندوة التي أقامتها إدارة صندوق إعادة الأعمار لمحافظتي حضرموت والمهرة في مطلع هذا العام 2010م، مع الجمعيات الضامنة للمتضررين، وكم كان الأمر بالنسبة لي مدهشا، كوني اعرف جيدا ثقافة أهل الوادي في مجال البناء بالطين إذ تعتبر تجربة البناء في وادي حضرموت من أهم الخبرات العالمية ولاسيما في استخدام الطوب الطيني المجفف تحت أشعة الشمس (اللبن أو المدر)، وحينها تحدثوا جميعا عن أهمية البناء بالطين وتناسبه بيئيا وصحيا مع ظروف المناخ في الوادي، ولم اسمع النشاز من الأصوات ولكني رأيت بأم عيني النشاز من المباني والهياكل تنتشر في الكثير من المواقع المهمة في مدينة تريم، آلمني ذلك كثيرا ولم أعد أتحمل تلك المناظر المشوهة للنسيج العمراني الجميل لقصور تريم ومبانيها البديعة، لقد أثارت المباني الإسمنتية في نفسي الاشمئزاز لقبحها، ولو عرف القائمون عليها لاعتبروا أنفسهم من المسيئين إلى أنفسهم والى الطبيعة كون الطين لا تضاهيه أية مادة بنائية أخرى في ظروف الوادي على الإطلاق.هل أثرت كوارث السيول سلباً على استخدامات الطين كمادة بناء؟ كيف نحمي مدينة تريم من كوارث السيول؟ وما هي مشكلة الوادي اليوم؟ هذه الأسئلة وغيرها يمكن إيجازها بالتالي:مثل تلك الأسئلة تذكرنا بمن يعيب الزمان والعيب فيهم، وهنا أقول ليس ذنب الطين بل نحن ذنبنا إذ لم نضع الحلول الصحيحة لتجنب البيت الطيني مياه السيول، الجدار الطيني عيبه الرئيسي انه لا يستطيع مقاومة الماء، لاسيما اللبن أو المدر المجفف تحت أشعة الشمس، ولكننا نستطيع حماية الجدران بواسطة اللياسة والطلاء الخاصة بالجدران الطينية، كما أن هناك نماذج أخرى للجدران الطينية لا تتأثر بالماء مثل الطوب المضغوط المثبت بالاسمنت. وبما إن تجربة البناء بالوادي تعتمد على الطوب المثبت بالتبن، فان المعالجات يجب أن تكون على هذا الأساس.لقد تعرضت مدينة تريم ومعها كل مدن وادي حضرموت لكوارث سيول كثيرة منذ أزمنة غابرة، مما أدى إلى تقلص الكثير من مساحاتها المبنية، كان آخرها كارثة الأمطار والسيول التي استمرت أكثر من ثلاثين ساعة خلال الفترة من 22 - 25 أكتوبر 2008م، وقد أعلنت منطقة منكوبة، حيث أدى ذلك إلى تضرر المدن الطينية جميعها وماتت أعداد كبيرة من البشر ونفقت الحيوانات وتضررت أيضا البنى التحتية والممتلكات من أراضٍ زراعية وآليات وآبار وغيرها وكانت البيوت الطينية هي الأكثر تضررا من غيرها حيث بلغت المنازل المهدمة كليا 1762 منزلا، أما المنازل المهدمة جزئيا فقد بلغت 2025منزلا.(تقرير وكيل وزارة الأشغال العامة والطرق م/ عبد الله محمد متعافي).وقد شخصت وزارة الأشغال العامة والطرق أهم أسباب انهيار المباني من خلال المعاينة والتقييم وما رأيناه لازما الإشارة إليه من وجهت نظرنا أيضا وهي كالتالي:1 - كثافة واستمرار تساقط الأمطار لفترة تزيد عن ثلاثين ساعة دون انقطاع.2 - تفرع الأودية الكثيرة والتقائها في وادي حضرموت بالقرب من تجمعات سكانية (بالقرب من مدينة تريم حيث يقل عرض الوادي في هذه المنطقة) أدت إلى تكون سيول جارفة لا عهد لها منذ سنين غابرة، مما تسببت في جرف قرى كاملة. 3 - بروز عوائق غيرت مسارات مياه السيول وأدت إلى انحرافها في اتجاه المباني والقرى الآهلة وأهم تلك العوائق ما يلي:- البناء في مجاري السيول أو بالقرب منها (البناء العشوائي).- أشجار السيسبان - وبرأيي إن هذه المشكلة هي الكبرى بين كل تلك العوائق، حيث امتلأ الوادي من هذه النبتة المستشرية كسرطان خبيث أدت إلى ارتفاع منسوب الوادي، من الأتربة المتراكمة في بطن الوادي حتى بلغ منسوبا كبيرا ربما يصل إلى عدة أمتار، إضافة إلى تغطية هذا المنسوب بالأشجار الكثيفة النابتة فيه والتي حولت مجرى السيول عن مساره الطبيعي إلى وجهات أخرى أتى على المباني والمزارع وأغرق الحرث والنسل، وإذا كنا فعلا ننوي إعادة الاعتبار لهذه المدينة الجميلة بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية، فيتوجب على القائمين عليها إعطاء أهمية كبيرة لحل هذه المسألة، وبصورة عاجلة فلا يجب التواني عن حل هذه الإشكالية والمشكلة الطبيعية التي أصيب بها هذا الوادي العظيم.- لا يتم الاعتناء بمجاري السيول، مما يسبب عوائق طبيعية، أم صناعية بما يخلفه الإنسان من مخلفات في نشاطاته الحياتية مثل الصخور وأسوام الأتربة ومخلفات البناء وغيرها.- تدني شروط ومواصفات البناء التقليدي عما كان سائدا في الماضي ولم تتبع تقنيات حديثة مدروسة علميا حيث أن الكثير من المباني الطينية لا تبنى لها أساسات حجرية قوية ومثبتة في الأرض ولا ترفع تلك الكراسي إلى مناسيب كافية حتى لا تسمح بوصول الماء إلى الجدران الطينية.- لا توجد كمرات مسلحة رابطة فوق الأساس حتى تضمن عدم زحزحة الكرسي مع توزيع الأحمال على الأساسات.- لا يتم التشطيب للجدران الطينية بالنورة أو الرمل والنورة والرماد بالقدر أللذي لا يسمح للمياه الوصول إلى وحدات بناء الجدران الحاملة(الطوب)، خاصة ان الجدران الطينية لا تقاوم المياه بالقدر الكافي، مما يسبب الانهيار السريع لتلك الجدران، كون الطين يمتص الماء وتتفكك الروابط بين خلايا الطين فتذوب رقائق الطين مع الماء.[c1]مقترحات وآراء لتطوير البناء الطيني [/c]1 - وضع دراسات إستراتيجية لإمكانية الاستفادة من المساحات الواسعة والمرتفعة في الوادي وبالقرب من المدن القائمة وذلك لبناء مواقع التعويضات الجديدة التي تستوعب سكان القرى المنكوبة والقرى التي تتعرض باستمرار للكوارث وذلك من خلال حماية المواقع التي حددتها الهيئة العامة للأراضي والسلطة المحلية حيث تبين أن الكثير من تلك المواقع المحددة بحاجة إلى حماية ووضع مخارج رئيسية لتصريف المياه.2 - إعداد إستراتيجية علمية للوادي والصحراء لتجنب كوارث السيول والتي يجب أن تشمل تصورات فنية وإجرائية سليمة لمجابهة الكارثة وذلك من خلال تكليف وزارة الأشغال العامة ووزارة التعليم العالي ممثلة بجامعة حضرموت بوضع المعالجات اللازمة للمشاكل القائمة والمسببة لتلك الكوارث.3 - وضع دراسة شاملة لتطوير مجالات البناء بالطين بما يحدث البيت الطيني لتلبية الحياة العصرية وتجنب سلبياته بوضع المعالجات العلمية المدروسة للطين - كمادة بناء مهمة وبيئية في الوادي، وذلك من خلال الخبراء والباحثين المحليين بالتنسيق مع المعلمين الذين يمتلكون خبرات متراكمة في هذا المجال، مع إعداد مقاييس ومواصفات كفيلة بالأخذ بالأفضل وتجنب السلب.4 - وضع المعالجات الإستراتيجية لمياه الأمطار للاستفادة منها بالتنسيق مع الدول المانحة ولما فيه تجنب كوارث محتملة للوادي خلال الفترات القادمة.5 - التنسيق مع المراكز المتخصصة مثل مركز تريم للعمارة والتراث والجهات المهتمة بعملية البناء بالطين، لوضع إستراتيجية علمية بشأن استخدام مادة الطين كمادة بناء أساسية في الوادي، مع حظر الاستخدام لمواد البناء التي لا تتناسب مع الظروف البيئية والصحية لسكان الوادي.6 - سن تشريع البناء في الوادي ولو من خلال تعميم إلى الجهات ذات العلاقة، من خلال تشخيص مادة الطين كمادة وحيدة صالحة للبناء في ظروف الوادي، مع دراسة توفي مادة البناء الكافية والمعتمدة في تصنيعها على مادة الطين مثل: الطوب الطيني المجفف تحت أشعة الشمس، الطين المدكوك في قوالب، الطوب الرملي الطيني، الطوب المضغوط المثبت بالاسمنت وغيرها من الأشكال والأنواع غير المحروقة، كون المحروق لا يناسب الطين في الوادي، وجميع تلك الدراسات أجريت من قبلنا ويمكن الاطلاع عليها من خلال رسالة الدكتوراه للمهندس ثابت سالم العزب 2009م.