شخصيات خالدة
ولد محمد بن سيرين البصري الأنصاري في خلافة عثمان بن عفان ( رضي الله عنه) سنة 653م، هو من التابعين الذين عُرفوا بالزهد والورع، وكان إمام عصره في علوم الدين، وقد اشتهر بالعلم والفقه وتعبير الرؤيا. ويعد كتابه(تفسير الاحلام) من اشهر الكتب في هذا المجال في العالم اجمع، وقد ترجم كتابه الى الكثير من اللغات العالمية. وقد استقى علمه هذا من تراث اسلافه العراقيين القدماء الذين يعدون او من اكتشف علم التنجيم ودراسة الكواكب والاحلام.كان أبوه عراقياً بصرياً مولى لأنس بن مالك، وهو من سبي «عين التمر» في العراق، حيث كانوا صغارا يدرسون الانجيل في دير عين تمر عندما وقعوا بالاسر على يد (خالد بن الوليد) الذي اخذهم الى الحجاز. عُرف محمد بن سيرين بالزهد والورع، وكان محدثًا بارعًا وفقيهًا متمكنًا، وقد اجتمع على حبه أهل زمانه، حيث وجدوا فيه من العلم والحكمة والأدب والزهد والتواضع ما جعله يتربع على أفئدتهم ونفوسهم وعقولهم ويحظى بتلك المنزلة الرفيعة.كان ابن سيرين مثالا صادقًا للمسلم الحق وللخلق الرفيع، وكانت حياته حافلة بالصور الرائعة للأمانة والزهد والبر والتواضع، يقدم في حياته وسلوكه القدوة والنموذج للداعية الواعي والعابد المخلص والصديق الناصح والابن البار والعالم المجتهد والتاجر الأمين.أوضح ابن سيرين في مقدمة كتابه «تعبير الرؤيا» شروط تعبير الرؤيا التي يجب أن يكون عليها من يتعرض لهذا الفن، فيقول: «إن الرؤيا لما كانت جزءًا من ستة وأربعين جزءا من النبوة، لزم أن يكون المعبر عالمًا بكتاب الله ، حافظًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم خبيرًا بلسان العرب واشتقاق الألفاظ، عارفًا بهيئات الناس، ضابطًا لأصول التعبير، عفيف النفس، طاهر الأخلاق، صادق اللسان؛ ليوفقه الله لما فيه الصواب ويهديه لمعرفة معارف أولي الألباب».ويرى ابن سيرين أن الرؤيا قد تُعبّر باختلاف أحوال الأزمنة والأوقات، فتارة تعبر من كتاب الله ، وتارة تعبر من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما قد تعبر بالمثل السائر. فأما التأويل من القرآن فكالبيض يُعبّر عنها بالنساء ، لقوله تعالى: «كأنهن بيض مكنون»، وكالحجارة يعبر عنها بالقسوة، لقوله تعالى: «ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة».توفي ابن سيرين بالبصرة 729م.