الفنان يوسف احمد سالم، واجه منحنيات صعبة قبل وفاته ، هذا الفنان الذي عاش فقيراً لا يملك حتى مسكناً يؤويه وعاش مجاوراً للبحر صيادا يسعى من اجل رزقه لكنه أثرى الساحة الفنية بباقة غنية من الأغاني والألحان التي لا تنسى، وعندما داهمه المرض والشيخوخة لم يلتفت إليه احد حيث أودع دار المسنين لفترة ولماَّ فاض الكيل به امتدت إليه يد حانية من قبل أهل الخير الذين ادخلوه المستشفى لتلقي العلاج، ثم ذلك الموقف الإنساني المنبعث من وفاء غير معهود في زماننا الذي أبداه الفنان الكبير خالد السعدي الذي آتى من دولة الإمارات العربية المتحدة حيث يقيم وانتشله من حالته الصحية والنفسية وتكفل بمواصلة علاجه في( ابوظبي).ولما توفاه الله كان خالد السعدي قد تكفل بنقله إلى ارض الوطن ليوارى الثرى فيها ولكن شاءت الأقدار أن يدفن في ارض الخليج، وما نحب أن نؤكده هنا أن الفنان خالد السعدي قد مثل الوفاء في انصع صورة تجاه أستاذه ومعلمه الفنان يوسف احمد سالم حيث أقام له حفل تأبين في عدن حضره جمع كبير من الفنانين والمثقفين والذواقة الفنيين وقدم وصلات غنائية للفنان الراحل أعادت للحاضرين ذلك الزخم الفني الجميل الذي كان يتمتع به المرحوم.ولم يكن خالد السعدي وحده وفيا ليوسف احمد سالم فقد كان على الجانب الآخر إنسانة عظيمة جندت إمكانياتها الصحفية وقلمها الرشيق من خلال صحيفتنا 14 أكتوبر الغراء للتذكير بمناقب الفنان يوسف احمد سالم والحالة المأساوية التي مر بها خلال مرضه وقبل موته وبعد موته وحركت حالة الجمود لدى الكثير من الناس الذين تناسوا قيمة الفنان يوسف احمد سالم وطالبت من خلال كتاباتها بأن لا يمر هذا الفنان العملاق في حياتنا مرور الكرام، تلك الإنسانة التي نذرت قلمها لهذا الغرض هي الكاتبة الصحيفة الرائعة سلوى صنعاني ابنة الفنان والموسيقار محمد سعد الصنعاني، الهرم الفني الشامخ الذي أثرى الساحة اليمنية بالعديد من الألحان والأغاني الرائعة.فلقد عرفت سلوى صنعاني معنى المعاناة والمرض من خلال حالة والدها الصحية إذ تعرض للمرض والنسيان معاً وبقيت هي معايشة له ومؤانسته في وحدته بعد ان تخلى عنه الأصحاب والأحباب، ومن هذا المنطلق كان وقوفها مع الفنان يوسف احمد سالم في مستوى المسؤولية أثار إعجاب أهل المروءة في مجتمعنا. وإذا كان “ الشيء من مأتاه لا يستغرب” كما يقول المثل فان سلوى صنعاني قد عبرت عن معدنها الأصيل في حالة كهذه.ويجرنا الحديث في هذا السياق لتناول شيء عن والدها الفنان محمد سعد الصنعاني الذي كان له باعُ في إثراء الأغنية أللحجية من خلال العديد من القصائد والأغاني التي تغنى بها هو أو لحنها لفنانين آخرين ومن أهم القصائد التي قام بتلحينها” الشاطئ المسحور” للشاعر محمد عبده غانم و” الوتر المغمور” للشاعرين عبدا لله هادي سبيت وصالح فقيه و” يتحرشوا بي وانا عابر سبيل”و” ياحبيبي اوه من عمايلك أوه” للشاعر مسرور مبروك”و”جاهل مهلي زين” و” سبح القمري وهلل من على ألبانة فتش” للشاعر عوض مغلس و” لوعتي” للشاعر سالم باجهل. ويكفينا في هذا السياق ان نذكر بالخصوص برائعة محمد سعد الصنعاني الغنائية “ بو العيون السود بتسبي الأسود” كلمات الشاعر عبدالخالق مفتاح التي نالت شهرتها الواسعة في أرجاء الوطن اليمني وفي دول الجوار.إننا نشد على أيدي الفنان خالد السعدي والأستاذة الكاتبة سلوى صنعاني على ما أبدوه من روعة الوفاء والجميل الحسن تجاه الفنان المظلوم يوسف احمد سالم وربما نجد لهما صولة أخرى مع فنان آخر قد يعاني نفس الجحود واللامبالة التي لاقاهما الفنان الراحل فنحن في زمن عز فيه الوفاء وتخشبت فيه المشاعر.واخيراً نتمنى من قلوبنا أن نسمع يوماً عن تكريم لائق للفنان محمد سعد الصنعاني، تخليداً له ولأعماله الفنية الرائعة وكل الفنانين الذين لهم بصمات واضحة على الفن اليمني الأصيل.