كتب/محمد بن حسن السقافمنذ نحو خمسة أعوام زرته وكانت حينئذ مراحل البداية وأعجبت بوضوح الرؤية وبعد الطموح و قوة العزيمة و شموخ الهدف و أسرني ذلك الشعور إلى درجة السيطرة علي .. وخلافاً لكل المؤشرات حينها راهنت بيني وبين نفسي على نجاح هذا المشروع الإنساني الإسلامي التربوي الوطني ، لأنني حينها لم أنظر إلى ما هو ( منظور ) ولكني كنت أنظر إلى ما لا يرى بالعين ولكن بالحدس و البصيرة ، ولذا كان يقيني وتقديري في موضعه على الرغم من أن عوامل التشجيع أقل بكثير من وسائل الإحباط واليأس التي تشكل المحيط .كما أسلفت كان هذا قبل خمس سنوات أو أكثر قليلا وخلال هذه الفترة كنت أتابع من هنا وهناك أخبار هذا المشروع النموذجي الذي نحن بأمس الحاجة إليه وإلى أمثاله شريطة أن يكون بنفس الضمائر و التوجهات , و كلما استجد في ذلك جديد انتابتني غبطة وسرور لا لهوى في النفس أو انتصار للذات ولكن لأبعاد بعيدة تتجاوز الأفق لا يدركها إلا من كان في موضعي أو قريباً منه , لأن الإخفاق في ذلك سيكون تكريسا للتقهقر والانحطاط الذي يغلب في يومنا هذا على كل ما يخدم الفكر والثقافة وسلامة القلب و الجوهر وتزكية النفس و إذكاء الروح بجدية وإخلاص ورقي مواكب للمتغيرات , من أعماقي أقولها الحمد لله أن المشروع لم يطوع أو يتجاوب مع الطبيعة السائدة اليوم ونواميسها المقلوبة التي بسببها تقلبت القلوب أو العكس .بالأمس جددت زيارتي لهذا المشروع ( دار السيدة خديجة بمدينة سيئون ) , وكم أذهلني ما رأيت وما وقفت عليه , وقد تكون المفاجأة خفيفة ومقبولة لو كان المشروع بتمويل من الدولة أو من إحدى المنظمات الكبيرة الداعمة للبنية التحية في اليمن , ولكن ذلك الشعور تمادى وتوغل في نفسي إلى ما لا حدود له فمؤسس المشروع والقائم عليه أخي وصديقي السيد الفاضل خالد بن شيخ المساوى وهو حفيد المربي العلامة السيد محمد بن شيخ المساوى , أكد لي بأن شيئاً من ذلك لا وجود له بمعنى أن المشروع قام بجهود ذاتية متواضعة تلاه دعم عيني متمثل في قطعة أرض من السيدة والمربية الفاضلة المغفور لها زينب بنت علي بن شيخ بلفقيه , ولكن الفضل بعد ذلك يعود في معظمه للانصهار والنمو الداخلي لإنتاجية المشروع والمتمثل في بيع منتجاته من مشغولات فنية وملابس ودورات تأهيلية للنسوة والفتيات والرسوم الدراسية بأسعار متدنية غير هادفة للربح .وبعد تجوالي داخل المبنى وبين الفصول الدراسية ـ من المراحل الأولى من الصفوف الابتدائية ـ , تفاءلت كثيراً وقرت عيني وخنقتني عبرتي وأيقنت بأن النية مطية والنجاح لا يتم إلا بمجاهدة الذات ثم الأخذ بالأسباب و وضوح الرؤية ومعرفة النهاية قبل البداية وهي الأجر والمثوبة عند الله سبحانه وتعالى .بكل جوارحي أهنئ نفسي وأخي السيد الفاضل خالد المساوى وكل من معه لأنه حتماً ليس بمفرده بل أعرف أن حوله رجالاً هم أيضاً خالد المساوى ولكل منهم على الأخر فضل كبير في هذا الإنجاز والنجاح الكبير فهم فريق يختل الأداء بخلل أحدهم أو انحراف نيته ,شكراً لهم جميعاً على هذا الإنجاز الذي نفخر به جميعاً ونتعلم منه الكثير ونعده عمل مخلصاً متميزاً و نتمنى أن تعمم هذه التجربة الرائدة في مجال تعليم وتثقيف و تزكية المرأة , عندها سينعم كل مجتمعنا بهذه الثمار الزكية الطيبة التي ستعمر قلوبنا ومنازلنا وتبدد ظلمات بيوتنا إلى نور رباني يغمر أعماقنا و يعانق السماء , عندها ستكون أمهات الغد كما كن أمهاتهن في زمن ما قبل النفط .دار السيدة خديجة جدير باسم أول أم للمؤمنين ونحسبه كذلك وفق مشاهد ومشاعر تغمر كل غيور , وهي أيضاً تجربة جديرة بالدراسة والاستنساخ والتعميم , وليس في هذه الزاوية الصغيرة مقام لتفصيل هذا النجاح ومسار الدار ومخرجاته وما يؤمل فيه , وأرجو أن تتاح الفرصة لذلك لاحقاً وما هذا إلا رمية حجر في بحور ليست آسنة فحسب بل متجمدة , فمن يرمي كرميتي ليذوب الجليد ؟
أخبار متعلقة