الثقافة الفرعونية سرقها اليونانيون
القاهرة / 14أكتوبر / وليد الجزار:احتضن مقهي الأديب العالمي نجيب محفوظ ندوة ثقافية لمناقشة كتاب « التراث المسروق « لشوقي جلال حضرها عدد من الأدباء والمثقفين الذين أكدوا أهمية هذا العمل الثقافي وحاجة المكتبة العربية إلى مثله .. وتحدث المترجم طلعت شاهين الجزار قائلاً : إن هناك مستويين من المعرفة في الغرب للكتب المترجمة أولها مستوى المثقف ومعرفته بأن الحروف التي يستخدمها هي في الأصل حروف عربية وأن العرب لهم الفضل الكبير في تشكيل المعارف المعاصرة التي بنيت عليها الحضارة الأوروبية.وأضاف أن كتاب “ التراث المسروق “ هو عمل جيد يستحق منا القراءة أكثر من مرة ومناقشة أفكاره التي قد نتفق أو تختلف معها ، فهذا الكتاب يحاول أن يعيد الثقافات لا نقول العربية فقط، لأن هناك من ينظر إلى أبعد من المسمي العربي ، فالكتاب يتحدث عن الثقافة المصرية الفرعونية باعتبارها هي الأساس في كل الفلسفات اليونانية ،وأن اليونان لم يفعلوا أكثر من سرقة هذا الفكر الذي كان بعيداً عن الجماهير محفوظاً في المعابد ،واستطاعوا أن يتعلموا على أيدي الكهنة الفراعنة ، وقالوا إنهم أنتجوا هذه الفلسفة ، وبعد ذلك نسي الناس أن الأصل موجود في مصر. وأوضح أن هذا الكلام غير صحيح ، فهناك كتب غربية تشير إلى أصول فرعونية لبعض الأفكار الغربية ، وقيل عن “فيثا غورس” أنه درس في معبد أمون ، وبعد ذلك توصل إلى كثير من النظريات خاصة في مسائل الهندسة وأيضاً بعد غزو الإسكندر الأكبر لمصر واتخاذ الإسكندرية كعاصمة ما يعني اتصالاً حدث بين الفكر اليوناني والفرعوني. و قال : من المعروف أن التاريخ يكتبه المنتصرون، فمكتبة الإسكندرية كانت بداية لعدد من الباحثين اليونانيين الذين استطاعوا أن يدرسوا التراث المصري الفرعوني وأن يكتبوا فيه بأفكار جديدة بنوها على الأفكار التي اتخذوها من الفكر الفوعوني .ويشير الجزار إلى أن القول بأن كل شيء قاله اليونانيون مسروق من المصريين ، يحتاج إلى تفسير قبل أن نتهم أحداً ، ولو أخذنا جميع هذه الأفكار على أنها مسلم بها نصبح تماماً في موقف الذين أنكروا على المصريين والعرب أن يكون دورهم الرائد ، وهناك مصطلحات في الترجمة مراوغة ومن الممكن أن تؤدي إلى عكس المعني المراد وفي اللغة العربية لا يوجد اتفاق على كثير من المصطلحات ، وهذا يعود إلى الفوضى التي تعيشها العربية، حيث توجد مجامع لغوية في مصر والشام ، وفي المقابل فإن دولة مثل كاربانيا تلتزم بالقاموس الذي تصدره الأكاديمية الملكية في إسبانيا ويعتدون بلغة المراسلين من دول أمريكا اللاتينية لهذا المجمع ، وبالتالي يكون لكل منطقة بعض المصطلحات أو المعاني التي يمكن أن يكتسبها أي مصطلح نتيجة التجاور مع لغات أخري هي في النهاية لغات شفاهية مثل لغات القبائل الهندية بأمريكا اللاتينية والعالم العربي يفتقد ذلك مما يخلق لكل مترجم لغته كأنه شاعر فالبعض يترجم تحت تأثير المعرفة الخاصة بلغته في منطقته ولا يفكر في الآخرين.وأشار إلى أن كلمة البربر التي تعني الجهلة بالمعنى الذي يطلقه الرومان على المستعمرات وغيرهم من البشر وإطلاق هذه التسمية على قوم خرج منه من لعب دوراً مهماً في تغيير الخريطة العالمية مثل طارق بن زياد الذي ينتمي إلى هذه القبائل البربرية فهذه المصطلحات في الترجمة مراوغة.وقال إن الغرب لا يعرف أن مصر جزء من العالم العربي وهو إلى حد ما نسبياً محقاً في جزئيته وذلك عندما يتعامل مع مصر باعتبار التاريخ الفرعوني ، ولكن إذا تعامل معها بعد تاريخ دخول الإسلام يصبح في هذه الحالة غير محق وعليه أن يتعامل باعتبارها جزء من العالم العربي.وأضاف أنه إذا أردنا أن نعيد نفس المكانه في التاريخ الثقافي العالمي فيجب أن نعترف أننا قدمنا أشياء واستطعنا أن نخلق ثقافة جديدة من خلال هذا الامتزاج بثقافة أخري ، وهم أنفسهم يعترفون أن الحضارة المعاصرة التي يعيشوها قامت على ترجمات كثيرة لكثير من الثقافات ،أولها الثقافة العربية باعتبار الأندلس في منطقة الجزيرة “ الإيبريه “ لها دور هام ، حتي إنه لولا ابن رشد ما كان لأوروبا أن تعرف أرسطو لعدم وجود كتاب أو خطط بشكل مادي وملموس ولا مذكور في كتب أخري لابن رشد عندما ناقش أفكاره حاوره ورد عليه وأمّن على بعض أفكاره فمن خلال هذه الكتب إستطاعت أوروبا أن تعرف فكر وكتب أرسطو، إذن أوروبا حصلت على الفكر اليوناني من المفكرين الإسلاميين لا أقول العرب لأن الأندلس لم تكن عربية في ذلك الوقت.والقول إن اليونانيين أخذوا من الفراعنة أو الثقافة الإسلامية أو العربية صحيح فقد قامت حضارتهم على أفكار الفرس وثقافة الرافدين والفراعنة إذن هناك تمازج حضاري في هذه المنطقة .ويضيف : الحضارات في تاريخها الطويل منذ رحلة الإنسانية عبارة عن موجات صاعدة وهابطة وعندما تنحصر موجة حضارة من الحضارات وتبدأ موجة أخري فإنه بالضرورة هناك تأثير من الموجة القديمة على الموجة الحديثة والموجة الجديدة تسلم التي تأتي بعدها ، وإذا كان الفراعنة في فترة من الفترات سادوا العالم في الفكر والرافدين في الفكر واليونان أوالفرس قد احتلوا هذه المكانة فترة من الفترات ثم جاءالإسلام ، فالآن جاء دور الثقافة الأوروبية ، وهنا قد يأتي دور آخر لمنطقة أخري.وأكد أن المستقبل الحضاري القادم موجود في أمريكا اللاتينية حيث بدأت تعي دورها وبدأت تلعب هذا الدور بعيداً عن الخلافات التي توجد على صفحات الصحف عن الخلاف الروسي الأمريكي حول “ جورجيا “ وعلينا أن نبحث عن حلول لمشاكلنا دون أن تكون هذه الحلول بمعزل عما يجري في العالم.