تنظيم الأسرة من منظور إسلامي
عرض/ محمد فؤاد راشداجتهد العلماء المسلمون في الماضي والحاضر ليضعوا آراء حول موضوع الصحة الإنجابية الذي أصبح من أكثر الموضوعات أهمية في حياتنا المعاصرة .. وقد توافق الموروث الديني مع العلم واهتمام التشريع الإسلامي بالدعوة إلى الممارسات الصحية السليمة من مبدأ الحرص على توفير أفضل الشروط الحياتية للأسرة والمجتمع ..وما يعطي هذا الموضوع أهمية اكبر انه موجه بشكل رئيسي لفئة الخطباء والمرشدين والمرشدات الدينيات وهي الفئة التي تركز اهتمامها على هذا الهدف الموحد والنبيل ، والذي من المفترض به توحيد الجهود وتعاضد الأيدي بين مقدمي الخدمة الصحية وبين علماء الدين . إن نظرة الإسلام إلى الأسرة واضحة وصريحة للغاية ، فقد جعل من الزواج فلسفة حياة ثم لم يتجاهله ، بل نظمه غاية التنظيم ، ورتبه وجعل عليه واجبات ومسؤوليات .. ومن كتاب فتاوى وآراء شرعية حول الصحة الإنجابية الصادر عن مؤسسة الإرشاد الاجتماعي نقتطف هذه الباقة من رأي الدين في هذا الموضوع .. [c1]نماذج تخطيطية للتوالد في الإسلام [/c]يمكن أن نميز في الإسلام ثنائية في موقفه تجاه التخطيط العائلي فهناك موقف يدعم الإكثار من التوالد وآخر يحبذ الإقلال منه.أما العوامل التي تقرر أي الموقفين يؤخذ به في بيئة معينة فإنها قد تشمل الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية لمجتمع إسلامي معين كما تشمل الأهداف التي يضعها هذا المجتمع لنفسه ، مثلا يتضح انه إذا كانت الأوضاع من النوع السائد في المجتمعات الإسلامية التقليدية ، فان ارتفاع نسبة المواليد يصبح ضروريا للتعويض عن كثرة الوفيات ولمساعدة المجتمع الإسلامي في نشر تعاليمه ومن جهة أخرى إذا اصبحت الزيادة السكانية تشكل عائقا في وجه النمو الاقتصادي والوطني والازدهار العائلي فان المبرر للإكثار من المواليد ينتفي.. ومقياس العزة والقوة والمنعة اليوم ليس بالعدد ولكن بالعمل والفن والفقه والإيمان وإن كان العدد قليلا قال تعالى « إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ( سورة الأنفال آية 65 ) ، سر هذه الآية في آخرها فهي تدل على أن غلبة المسلمين وإن كانوا أقل عددا ترجع إلى الإيمان القوي ، إلا أن الغالبية لم يفقهوا هذه الأصول . وتوقع الإسلام مشكلات تنجم عن الضغط السكاني وأثره الاقتصادي وكما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم « أعوذ بالله من جهد البلاء ، قالوا ما جهد البلاء يا رسول ؟ قال قلة المال وكثرة العيال « وقال « التدبير نصف العيش ، والتودد نصف العقل ، والهم نصف الهرم ، وقلة العيال أحد اليسارين « .. وهناك عدد من الانعكاسات الصحية لمخطط التوالد عند الإسلام تتضح في آيات مثل قوله تعالى « لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ( سورة البقرة الآية 233 ) ما تشير إليه هذه الآية هو الضرر الصحي للأم والضرر المادي للأب .وهناك آيات أخرى تدعو إلى المباعدة بين الولادات عن طريق الإرضاع والعزل مثل قوله تعالى « والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة « سورة البقرة الآية « 233 « وقال سبحانه « وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ( سورة الأحقاف الآية 15 ) .. كما أن الإسلام لا يمانع في استخدام الوسائل القديمة أو الحديثة في منع الحمل مؤقتا ، بل إن هناك من من يرى أنه لا حرج في منع الحمل أساسا إذا رأى الزوجان ذلك دون إكراه .. وكما نعرف يذكر أن الإيمان بالقضاء والقدر عند الشعوب الإسلامية يعتبر أحد العوامل الداعية لكثرة التوالد ، صحيح أن بعض المسلمين يشعرون بشيء من القلق بالنسبة لفكرة تحديد النسل ، لأن هذا قد يعني أنهم يحاولون التدخل في مشيئة القدر.. غير أن الإسلام يدعو إلى التخطيط وإلى إجراء ما يلزم لبلوغ الهدف المنشود ، فقد جاء إعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله ما إذا كان عليه أن يعقل ناقته أو يتركها سائبة في رعاية الله تعالى فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم « اعقلها وتوكل على الله « .[c1]نظرة الإسلام للصحة الإنجابية[/c]يحرص الإسلام على إيجاد الأمة القوية فكرياً وتربوياً ومادياً وعسكرياً قال رسول الله صلى الله علية وسلم « المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير» رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما وتعتبر الصحة الشاملة بكل جوانبها الوقائية والعلاجية أول عامل لقيام المسلم بواجباته وإعمار الأرض وخلافتها والصحة الإنجابية جزء لا يتجزأ من مفهوم الرعاية الصحية الشاملة وتعنى بشكل مباشر بعمليات الإنجاب والخصوبة وعناصر الوقاية من المشاكل ذات العلاقة.وتعتمد الجمهورية اليمنية في سياستها السكانية على الالتزام بنص وروح الشريعة الإسلامية، والقيم الأخلاقية ، وحقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً بما لا يتعارض مع تعاليم الإسلام .[c1]أسس الصحة الإنجابية السليمة[/c]الارتباط الشرعي بين الرجل والمرأة في ظل زواج شرعي لتكوين أسرة متماسكة وإنجاب الأولاد.قال تعالى”يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء البعد عن الارتباط غير الشرعي بين الرجل والمرأة والمتمثل في علاقة الزنا وغيرها من العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.قال تعالى» والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين» .