صنعاء/ سبأ:تعد السياسة الجمركية إحدى أهم أدوات السياسة المالية الهادفة إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، التي ترتكز أساساً علي الإدارة الجمركية والنظم التشريعية والجمركية المتصلة بها.ويؤكد خبراء الاقتصاد على أهمية هذه السياسة في عملية الإصلاح المالي والاقتصادي ..مبينين أن الحديث عن المنظومة الجمركية وعن الاقتصاد إنما هو حديث عن التنمية الحقيقية والحداثة وعصرنه مؤسسات اليمن وأن الحداثة تعني أن ينخرط الاقتصاد اليمني في الاقتصاد العالمي من خلال تتبعه للمعايير الدولية للتجارة. ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الزيدي أن السياسة الجمركية تسعى إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية المتعلقة بدمج الاقتصاد اليمني في النظام التجاري العالمي وتنمية علاقةالمشاركة بين الجمارك اليمنية والمجتمع التجاري فضلاً عن رفع قدرة القطاع الخاص التنافسية من خلال خفض تكلفة صفقات الاستيراد والتصدير. وحسب الدكتور الزيدي فإن السبيل الوحيد للاقتصاد اليمني لكي ينمو هو بتشجيع الاستثمار من الخارج والداخل والذي لن يتم إلا من خلال بناء الثقة لدى المستثمر أكان أجنبياً أم يمنياً وتطبيق معايير الاستيراد والتصدير وهي معايير منطقية وشفافة. ويؤكد أن ذلك لن يتأتى إلا من خلال العمل علي تطوير الجمارك اليمنية لتتواكب مع المتغيرات الدولية ودراسة أفضل السبل المتاحة لتطوير السياسة الجمركية بكافة أدواتها . من جانبه أكد الباحث الاقتصادي الدكتور خالد الوزان على أهمية إيجاد نظام جمركي مواكب للمتغيرات ويسهم في تفعيل دوره في عملية التنمية. وقال " لكي تتمكن وزارة المالية من تفعيل السياسة الجمركية وتمكينها من خدمة عملية التنمية فإن عليها إتباع إجراءات جمركية تتسم بالسهولة والبساطة والوضوح، ووضع هيكل تعريفة جمركية يتسم أيضا بالوضوح والبساطة، إضافة إلى الميكنة الشاملة لكافة الإجراءات الجمركية، وتطبيق مبدأ الشفافية في إتاحة المعلومات لكافة المتعاملين مع الإدارة الجمركية ،فضلاً عن الالتزام بالمعـايير و الأعـراف الدولية في مجال العمل الجمركي" . وأضاف .. هذا إلى جانب ممارسة الرقابة لتحقيق الأمن الداخلي والخارجي من خلال دورها في قوانين مكافحة المخدرات وقوانين الأسلحة والذخائر والمفرقعات وذلك في منظومة تعاون من اجل مكافحة الإرهاب والاتجار في السلع غير المشروعة .وفيما يرى الخبراء أن السياسات المالية المتعلقة بإصلاح الإدارة الجمركية وتفعيل دورها في عملية التنمية تواجه العديد من الصعوبات والمعوقات أهمها معالجة المشاكل الجمركية، وخاصة الالتزام بالقوانين ومشاكل القيمة الجمركية، وتحديد أسعار السلعة الواحدة من نفس المصدر.يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور سيف العسلي على أهمية مواصلة عملية البناء والإصلاح وبخاصة فيما يتعلق بضعف المهام الإرادية والحمائية لمصلحة الجمارك. وأشار إلى أن هناك العديد من القوى ذات المصالح التي تعمل على إحباط أي تقدم في عمل مصلحة الجمارك. ويعتبر الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمود السقاف حرص الإدارة الجمركية على الجانب ألإيرادي دون الجوانب الأخرى المتعلقة بمهامها أفقدها الدور المأمول منها في عملية التنمية. وقال " إن العمل ألإيرادي للجمارك يشوبه الكثير من الشبهات ، وينبغي على مصلحة الجمارك العمل بكل شفافية ووضوح في هذا الجانب، وحتى تتمكن المصلحة من تحقيق أهدافها الراميةإلى ترسيخ مبدأ الشراكة بينها وبين القطاع الخاص وعليها أولاً اقتلاع كل بذور الفساد داخلها." وأكد السقاف على أهمية البدء بتنفيذ ما تضمنته توصيات الدراسة الخاصة بمشروع إعادة البناء والهيكلة لمصلحة الجمارك والتي نفذها مكتب الاستشارات الدولية البريطاني / دبليو إس بي / ومن ابرز توصياتها إعادة هيكلة مصلحة الجمارك بشكل جوهري بحيث يكون رئيس المصلحة على قمة الهرم الإداري والتنفيذي ولا تتعلق مهامه بأي إجراء روتيني، وإستحداث أربعة قطاعات للمصلحة، شمالية،جنوبية،شرقية، وغربية، يعين لكل منها وكيل في إطار الهرم القيادي لمصلحة الجمارك . رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة محفوظ شماخ قال "إن الذين لا يلتزمون بالقوانين في اليمن كثيرون ، فليست مصلحة الجمارك وحدها أو القطاع الخاص وحده ولكن يمكن القول بأنهم موجودون في كافة الأراضي اليمنية". و أكد شماخ أن هناك خلل قائم في الأنظمة الآلية الجمركية... وقال "هناك خلل في الأنظمة الآلية الخاصة بمصلحة الجمارك والتي لابد من إصلاحها حتى تتمكن الجمارك من غرس مبدأ الثقة مع متعامليها وهو ما ينعكس بالتالي على تفعيل دورها في عملية التنمية .وبدور وزير المالية نعمان الصهيبي أكد على أهمية البدء بتنفيذ إجراءات جمركية جديدة محفزة ومشجعة على الالتزام الطوعي من قبل المتعاملين مع الجمارك بتقديم البيانات والوثائق الداعمة لإجراءاتهم الجمركية. ويرى الصهيبي أن للجمارك دورا هاما في تشجيع الصناعات المحلية ورفع معدل التنمية الاقتصادية من خلال إتباع نظم جمركية تسهم في تشجيع الصناعات الوطنية والتصدير فضلاً عن أن إيراداتها تعتبر مورداً هاماً من موارد الدولة السيادية. وأعتبر القطاع الخاص شريك أساسي في عملية التنمية ، بإعتباره الرافد الرئيسي لموارد الدولة الضريبية والجمركية . وبين أن وزارته والمصالح التابعة لها تواصل العمل على تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والإداري الهادف إلى تحقيق المزيد من الاستقرار والنمو الاقتصادي من خلال الإصلاح المؤسسي وتنمية الموارد الذاتية خاصة غير النفطية . وأشار إلى أن وزارة المالية قامت بسلسلة من الأعمال والإجراءات سواء فيما يتعلق بمراجعة القوانين والدراسات المتعلقة بمختلف قطاعات المالية العامة والتي تضمنت إصلاحات تشريعية وقانونية،وتبني سياسات مالية تعمل على تعزيز عملية الإصلاح خاصة الإصلاح المالي ومحاربة الفساد بكل أشكاله . وطالب وزير المالية القطاع الخاص بأن يعي أهمية دوره في عملية التنمية والعمل كشريك فعلي مع الإدارة المالية أكانت جمركية أو ضريبية والعمل على تعزيز مبدأ الثقة والمصداقية بين الطرفين . من جانبه قال رئيس مصلحة الجمارك الدكتور علي علي الزبيدي أن توجهات مصلحة الجمارك تهدف إلى تعزيز وتسهيل حركة التجارة وتعزيز الالتزام الطوعي بالمتطلبات الجمركية وبما يخدم الطرفين الحكومي والخاص. وبين أن المصلحة حددت إستراتيجية جديدة لها تتضمن إنشاء إدارة المخاطر و تطبيق برنامج خدمة الشركاء المتميزون الرامي إلى تسهيل عملية التعامل مع شركاء العمل الجمركي في التنمية. لافتاً إلى الإجراءات المتعلقة بتخفيض التعرفة اللجمركية التي عمدت الحكومة إلى تنفيذها في سبيل تطوير وتحديث أساليب العمل الجمركي من خلال حصر التعرفة الجمركية في حزمتين 5 بالمائة و10 بالمائة وإعفاء أكثر من ثمانين سلعة إيراديه من الرسوم الجمركية وإلغاء ضريبة الاستهلاك والإنتاج وإحلال ضريبة المبيعات المخفضة محلها بالإضافة إلى أن حوالي 70 بالمائة من بنود التعرفة أخضع لفئة 5 بالمائة . وقال نأمل أن تسهم كل هذه الإجراءات على المدى المتوسط والطويل في رفد الخزينة العامة للدولة بمليارات الريالات التي كانت تخسرها الدولة بسبب التهريب بذريعة إرتفاع فئة الرسوم مقارنة بالفئة الحالية .
تطوير المنظومة الجمركية خطوة لعصرنة المؤسسات المالية اليمنية
أخبار متعلقة