الفن التشكيلي في بلادنا يعاني نوعاً من الابتعاد عن مشكلات المجتمع وقضاياه الراهنة، فقد أصبح في أغلبيته لا يتصل اتصالاً مباشراً بالجمهور ولا يلعب دوراً لا كبيراً ولا صغيراً في حياة المجتمع بمشكلاته ومعاناته ومشاعره كما هو الحال في سائر البلدان.لذا نجد أن دور الفن التشكيلي في مجتمعنا يقل بكثير عن دور بقية الفنون مثل الموسيقى والمسرح والغناء والشعر، والسبب هو ازدياد عدد الفنانين التشكيلين الذين يرسمون بالأساليب التي تبرأ منها عباقرة الفن في عصر النهضة متحججين بأنها أساليب تجريدية وهي لا تمت إلى التجريدية بصلة واتجهوا إلى عالم الإبداع والتقنيات الفنية والتصوير الزيتي المذهل الذي أبهر عصوراً تلو عصور إلى يومنا هذا .. فنحن أصبحنا عاجزين عن صناعة أمثال تلك التحف الفنية وأبينا حتى السير في مضمارها وسلكنا طريقاً آخر بحجة أنه “فن الحداثة” فأصبح معظمنا يخلق أعمالاً تسمى فنية وهي للأسف لا يقتنع بانتسابها للفن إلا اثنان: الأول هو صاحب اللوحة نفسه والآخر الفنان الذي أراد أن يقوم بدور المنجم فبقي يحاول إقناع الآخرين باختلاق مقاصد ومعان هوائية لها وهي في الأخير عبارة عن “طلطخة” ولعب بالألوان الثمينة التي لا يعرف قدرها، وفي النهاية ينسبها إلى إحدى المدارس الفنية ظلماً وبهتاناً، فنجد النتيجة في النهاية هي السخرية من المجتمع والناس أجمعين.[img]img_1902.jpg[/img]ولعلنا جميعاً نعلم أن الفن التشكيلي راق يقوم بشد المتذوقين من الأقدام ويجعلهم متسمرين في صمت واندهاش أمام العمل الفني الرائع لما يرونه من إبداع وتجل منبهرين بالتقنيات العالية والإمكانيات الساحرة التي انعكست من فنان رائع يستطيع بها إقناع المتلقي بأن الفن التشكيلي له أًول وقواعد ودراسات أكاديمية، وليس كما اعتقد البعض بأنه خوض في التجارب ليصبح فناناً، وتناسى أن الفن والموهبة هي فطرة إلهية منذ نعومة الأظفار.أين ذهبت جهود العباقرة من رواد الفن الأوائل الذين اضطروا لنبش القبور وأخرجوا جيفة الجثث كي يدرسوا بناء جسم الإنسان ومكوناته ليصنعوا لوحات أمثال “الجوكندا”؟!لذا يجب على كل فنان تشكيلي أن يعي ما يفعل ويكون على دراية بأعماله ولوحاته الفنية ويحاول توصيل أفكاره وأهدافه حتى وإن كانت بطريقة غير مباشرة يحاول بها إجبار المتذوق على الوقوف بتأمل واندهاش لما صنعت أحاسيسه وأنامله بالخطوط والألوان كي يتميز عمن لقبوا بفنانين تشكيليين، وليس من العيب أن يناقش ويستشير ويتبادل الرأي وموضوعه وعمله قبل وأثناء تنفيذه للعمل مع من هو أكبر منه خبرة، ولا يكون من آلاف المتخرجين من المعاهد والكليات الفنية والهواة، بل من العشرات المتميزين منهم.واختصاراً لما أسلفت من حديث، فإنني لا أقصد توبيخ أو جرح أي فنان ولكن أحاول أن ألفت انتباه البعض إلى أن الطريق هو من هذه الناحية، من أجل خلق فن صادق يخدم المجتمع وليس مجرد استخدام الألوان والأشكال مبتعدين عن الفكرة والهدف وأسلوب العمل “وهو الأهم” لكي نخلق عملاً مميزاً يعطي انطباعاً راقياً عن الفن التشكيلي اليمني.[c1]* أستاذ بمعهد الفنون [/c][img]img_1894.jpg[/img][img]img_1895.jpg[/img]
|
رياضة
الفن التشكيلي أرقى من أن يكون لعباً بالألوان
أخبار متعلقة