أقواس
معلوم أن التعليم العالي يؤهل لمسارات مستقبلية يؤمل عليها في بناء الأوطان، وذلك من خلال برامج يتحمل تنفيذها أولئك الجامعيون الذين تأهلوا تأهيلاً يمكنهم من أداء تلك الرسالة على أكمل وجه.. وهو ما تركز عليه الدول دائماً وخاصة في مجالات التعليم والتربية، برغم أن أدنى المرتبات هي لهذه الشريحة، وأن أعلى التأهيلات تتم عبر هؤلاء الرسل الذين يفنون حياتهم في سبيل الجيل.. أي جيل كان وفي أي زمان ومكان!والجامعيون.. شريحة مهمة للاعتماد عليها في التعليم العام، ذلك أن التخصصات العلمية لها أهمية في مسارات العلم والتربية.. ويكون التركيز أكثر على التخصصات العلمية ثم تليها السياسية والأدبية واللغات.. وهي كلها تخصصات تلعب دوراً مهماً في مسارات التعليم وتربية الأجيال.. ويتخرج هؤلاء الجامعيون من كلياتهم على أمل الحصول على وظيفة تمكنهم من أداء رسالتهم العلمية.. وينتظر هؤلاء سنين طويلة، وتذهب المعلومات من أذهانهم وعقولهم، والوظيفة لم تزل في (السامسونايت)، على رأي الممثل القدير/ دريد لحام (غوار الطوشي)! أعداد كبيرة من خريجي الرياضيات والفيزياء والجغرافيا وعلم النفس.. وحتى الكمبيوتر، أكان للدبلوم أم البكالوريوس.. هؤلاء يسجلون في فروع وزارات الخدمة المدنية والتأمينات للحصول على وظيفة، ولكن لا حياة لمن تنادي ، فقد مرت السنين وتعاقبت، ورأى بعض هؤلاء المستحيل في حصوله على وظيفة، برغم الاحتياج إليه لتخصصه المطلوب.. وكله بحسابه وثوابه، (والنفوس الميتة) موجودة في كل زمان ومكان.. فمن يدفع يحصل على الوظيفة والعكس صحيح! التقيت شباباً طيبين في مقاهي المعلا – كريتر – الشيخ عثمان، والبعض الآخر يبيع سمكاً، وآخر يعمل سمساراً (دلالاً) والبعض قد أصيب بحالة نفسية وتجده يقضم أظفاره وتجده في زاوية من الشارع (يهادر نفسه) وينظر إلى الجدران.. وكم يا مصائب لو عددناها.. وعموماً سألت أحدهم، وهو يعمل لدى مطعم، يقدم فيه الشاي والفول والفاصوليا والخبز.. الخ.. سألته وهو باشا ضحوكا – لم أجد وظيفة ربما لأنني خريج رياضيات.. ضحكت بمرارة، وهل خريج الرياضيات غير مطلوب.. هل سجلت في فرع الخدمة، قال نعم، سجلت في تعز إيماناً مني بخدمة أهل محافظتي – لأنني عاطفي هكذا.. ولكن إلى اليوم لا وظيفة، ولا هم يحزنون لا في تعز ولا في عدن.. والحال كما ترى..! الجامعيون يتكبدون مشاق التأهيل العلمي، والوظيفة لا تصل إليهم، والجهات المسئولة ربما لا تخطط ولا تعمل على استيعاب هؤلاء.. برغم أن الأشقاء والأجانب يحصلون على عقود عمل كمدرسين.. ولذلك نقول ما قاله الأولون تشاؤماً : (بصل السوق حالي) رغم كونه بعيداً عن الحلاقة بشكل مطلق : فهل وصلت الرسالة؟!