من أثينا الى عدن ( 197 )
عمر عوض بامطرففي الحلقة الماضية رقم ( 196 ) من ( رحلتي مع المسرح ) المنشورة في عدد الخميس 29 ديسمبر 2005م من صحيفة ( 14 اكتوبر ) الغراء وصلت بالقارئ الى نزول ستار النهاية للمسرحية على المشهد الاخير ، واليوم اريد ان اعرض على القارى ازمة المسرح الدرامي من تجاربي وتجارب بعض الاصدقاء من المهتمين بالحركة المسرحية في اليمن .. واول مايعاينه الكاتب المسرحي بعد اكتمال النص له عدم حصوله على الفرقة التمثيلية القادرة على عرض مسرحيته ، واذا توفرت الفرقة لم يتوفر المسرح فنحن ليس عندنا مسرح حقيقي حتى اليوم . ومن تجاربي وتجارب بعض زملائي المدرسين والموظفين وجدت ان السبب الرئيسي في المنازعات الزوجية ينشأ عن عدم التكافؤ بين الزوجين او بين افراد الاسرتين لعدم الحرص في الاختيار ، فكتبت في اكتوبر عام 1964م ، مسرحية قصيرة باسم ( سعاد ) تتعرض للزواج غير المتكافئ بين الاسر وبخاصة تلك التي ان استشارت وسألت عن حقيقة اخلاق ومعدن الاسرة الثانية لاتجد النصح والمصارحة ممن تستشير ، وهؤلاء يغفلون عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : ( الدين النصيحة ) فينشأ النزاع المؤدي الى انفصال عرى الزوجية .. ويتسبب سوء الاختيارفي المعاناة لاسرة الفتاة اكثر مما يتسبب للزوج ولاسرته ، وبخاصة اذا كان لهما اطفال .. ومازالت ( سعاد ) حبية درج مكتبي !! ثم اتممت مسرحية ( ست البيت ) في اكتوبر 1964م ، ولم اجد الفرقة المتكاملة ولا المسرح لتقديم المسرحية ، حيث توزع اعضاء الفرقة التي قدمت مسرحية ( فتاتنا اليوم ) ، على مسرح الحزب الوطني الاتحادي بعدن في السادس من اغسطس 1964م وبعد جهود وصبر ، وبحث عن العنصر النسائي عرضت ( ست البيت ) لليلتين في مدينة البريقة على مسرح مصافي عدن وهو مسرح متكامل بكل لوازم المسرح الفنية ، ثم على مسرح المدرسة المتوسطة للبنين بعدن ليلتي 29.31 اغسطس 1965م . واريد ان اوضح هذا ان مسرحية ( ست البيت ) لم تحض بالنقد الدرامي الذي يدل على قدره وتمكن الناقد من ادواته النقدية ، وكذلك مسرحية ( تاتنا اليوم ) وما تبعهما من مسرحيات ، لان العقد الدرامى له خواصه ونظرياته واتجاهاته الفكرية والفنية ، وهو ما نفتقده حتى اليوم بعد مرور مائة عام من ظهور اول عرض مسرحي في عدن . واذكر انه كان للهيئة العربية للتمثيل تقليد جيد ، فكنا ندعو بعض الزملاء من المهتمين بالمسرح ( ست البيت ) على الاصدقاء ، توزعت اراؤهم في اتجاهين حول مضمون المسرحية ، فمنهم من اعتبرها رمزية باسقاطهم شخصية الوكيل ( عبده ) على المستعمر الانجليزي للمناطق المحتلة من الجنوب اليمني ، وعدن على ( ست البيت ) ، وكان مما اوحى للقائلين بهذا ظهور بطل المسرحية الاخ / علي صالح المسيبلي الذي مثل دور ( الحاج احمد ) رب الاسرة اليمني في جميع فصولها ، ثم قام في المشهد الاخير بدور ( عبده ) المتولي شؤون الاسرة ، ظهر لابساً البدلة الافرنجية السوداء ، والمونوكول معلقاً على عنقه يستخدمه من حين الى اخر للنظر باحدى عينيه ، وقد فاجأني به في ليلة العرض الخاص الاولى على مسرح شركة مصافي عدن في البريقة ، ثم بعد نقاش بيننا اتفقنا ان يستمر ببزته التي ظهر بها في بقية عروض المسرحية .. وقد لزمني اعادة حوار ( مريم ) التي ادت دور ( ست البيت ) كما اعدت كتابة حوار ولدها ( عبدالله ) في الدور الختامي ليكون استقبالهما للوكيل ( عبده ) في المشهد الاخير فيه شيء من الاستعلاء وفرض شخصيتيها عليه بقوة ، واشعاره بأنهما قد ادركا حباياه في تأييده طلب زواج ناصر لابنه عبدالله من سعاد . وكان البعض في جلسة النقاش معنا يفضلون لو اتفقت الاسرة على زواج ( سعاد ) بابن خالها عبدالله ، وكان هذا في نظرهم سيؤدي الى تمتين اواصر المحبة والمودة بين الاسرة الموزعة بين عدن والريف وينهي دابر القطيعة والشكوك التي بدأت تطفو على علاقتهما ببعض .. ولو اني انهيت المسرحية بالزواج لاختلت عناصر الصراع القاتم في المسرحية منذ بدايتها وضاع في نهايتها الهدف منها مالم اضع مشهداً آخر يبين كيف تم التعامل بين الطرفين المتناقضين ثقافة واسلوب حياة .. وقد تنبه المحرر الفني لصحيفة الايام الغراء الاستاذ محمد رشيد لهذا العنصر الهام في بناء المسرحية حيث كتب في صفحة الجمعة من كل اسبوع في العدد (277) الصادر يوم الجمعة 1965/8/2م .مانصه . ( وجاء الخال ناصر ) ومعه ابنه ( عبدالله ) من البادية طالبين راغبين الابنة العصرية المتعلمة ، وبطبيعة الحال هناك فارق كبير بين ابن خالها وبينها وربما تحطم عشهما الزوجي لو تمت المصاهرة ، بيد ان معين الصبر ينفجر وتثور العائلة كلها في وجه الخال المتزمت وتحطم تلك الطاعة البليدة الموروثة ) .. واغفل دور ( سعيد ) ابن خالة سعاد الذي اداه الاخ / ياسين محمد عبدالله الشهير بياسين بهري ، وقد لعب دوره بكفاءة وقدره عالية ، وكان اشتراكه في مسرحية ست البيت بداية مشوار جيد على المسرح وفي التلفزيون حيث شارك في ( بداية ونهاية ، وبين نارين ، وجريمة في الليل من اعمال الهيئة العربية للتمثيل وتأليف واخراج علي صالح مسيبلي كما مثل دور عادل في مسرحية هدى البديلة من تأليف المرحوم عبدالمجيد القاضي .وفي استعراضه لاداء الممثلين قال : ( قامت بدور الام سميرة راجح وكانت رايعة في تمثيل دورها .. علي مسيبلي في منتهي الروعة جعل اعصاب الجمهور مشدودة اليه عبدالله مسيبلي ممتاز الا انه اكثر من تدخين السجائر ، سلوى سعيدي . في حاجة الى التشجيع وقامت بدورها خير قيام .. العم وابنه ابناء البادية حتى لتخالهم بحق وحقيقة من البادية - ( يقصد الخال وابنه وقد ادى دور الخال الممثل سالم عبدالله ودور الابن الممثل ناصر حسين ، المحامي توفيق سعيدي .. ممتاز جداً ) . واختتم الاخ / محمد رشيد موضوعه بقوله : ( كل هؤلاء الذين اشتركوا وحققوا النجاح للمسرحية نهديهم قبلنا وكل من ساهم فيها ، وانهم اثبتوا ان المسرحية في امكانها ان تمثل مكانتها فالمسرح مدرسة الشعب ولايسعنا الا ان نقول لهم سيروا في بركة الله ) . والى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله ..