«لحج» حاضرة الغناء والشعر
عبدالقوي الأشولتستوقفك الحاضرة اللحجية بأصالة تراثها وفنها الأصيل وشعرائها المتميزين.. بعذوبة أصوات بلابلها التي تشدو بقيثارة حب الحياة والناس.. التغني بالجمال, سواء الجمال المبثوث في أفق الحياة والطبيعة أو روحه المتصلة بذات الإنسان الرقيق المهذب بكل مشاعره المتصلة بالخالق.. المتجددة بصيرورة إعمار الأرض التي هي المهمة الربانية إلى الإنسان تكليفاً لايقتصر على جوانب حياتية بعينها بقدر ما هو متنوع وثري بجوانب لاحدود لها.. منها ماهو مرتبط بالفنون الإنسانية وجداول العطاء الباعث على النماء في صلب صخرة الحياة التي تلبث الأعمار وتلبث الأجيال المتلاحقة بعدنا في ترك بصمات عطاء في جوانبها التي تستجيب لسعينا بحال من الرقة بلغت أن تكون ذات الصخرة هي التي تمنحنا نهلة الماء العذب.. الرقراق التي تمنح الحياة وتثرى على جنبات شطها الخصب..كما لاستنفد طاقات البشر المتجددة بالعطاء..فكم أنت أيتها الخمائل الأرضية بسجادك ذي الزخارف البهية قادرة على مدنا في لحظات التجلي بمكنونات ودرر رائعة لاندري كيف تأتي ولكنها آتت إلينا طيعة في لحظة تجلي.. لا..لا تلك لحظة صفاء لاتمت كما ظن الأقدمون الى جنة وادي عبقر بصلة ..فكيف نقبل مثل هذا الإسناد لملكات العطاء المنبجسة جداولها من ثنايا الروح وعطر المحبوبة.لما لاتكون ملكات إبداعنا آتية من هناك من خمائل أنثى رائعة مدهشة آسرة .. بسهام لحظها التي نبدد في حضرتها في حالة من الارتعاشة وما يبدو إنها حالة قدر يخالطها دفق ووهج الروح التي تحلق في أفق الحياة مدفوعة بعطر الشوق وبظل الإحساس والنشوة والوجل والخجل والجرأة في ان لماذا لاتكون جنة وادي عبقر هن ملكات الروح من بنات حواء المتوشحات عند المساء بعقد الفل ونواصي الكاذي واكاسير بخورهن .. وندى بحور عشقهن الثري العميق بمكوناته التي لاتتيح لأي كان سبر أغوارها المعيقة والوقوف على أسرارها الدفينة.. إنها متعة محاولات الاكتشاف المتصلة المتواصلة في رحلة تيهنا وهيامنا التي لاتنتهي بأي حال للوقوف على حقيقة أو كامل حقيقة هذا المخلوق الرقيق.استهلال ربما أخذني بعيداً عن مرادي وغايتي - اعني لحج - بطربها وفنها وتاريخها الثري، إلا أن للاستهلال غاية لابد من المرور عبرها أصل أعطافه واردانه وثناياه. ولأن لحج مسك اليمن وعطرها المتضوع .. فلامناص من ولوج بوابتها العتيقة من عسجد أرضها وهوائها العليل ومائها النمير، وصولاً الى المبتغى الذي أدرك عدم بلاغة الوصف في مفرداتي التي تقف عاجزة عن إعطاء الأمور حقها بواقعية.. لماذا؟ لأن أعذب الشعر أكذبه كما هو عند الأولين.. بمعنى ان الحال لايكون مقلوباً على نحو ان نقول أعذب الوصف أكذبه لأن المعنى لايستقيم، وهو اعتراف مني بعدم معرفة الأسباب التي هي وراء هذا الكم من الفرادة الغنائية والشعرية التي عرفت بها لحج الخضراء منذ زمن بعيد.[c1]هل أعجبك يوم في شعري غزير المعاني؟[/c]هكذا أبدع أميرها (القمندان) بأشعاره المتهادية مع قدوم الفجر والنسمة .. الثملة مع قدوم الليل والنجمة المنتظرة الفجر الآتي في أفق تباطأ خطى الليل فيه ربما، وشكا للمحب والعاشق الولهان وصباباته التي تعتدى على قوانين الحياة ونواميسها دون قصد منه.ليل .. ناجاه الفنان المرحوم محمد صالح حمدون بصوته العذب المديد بشجن مفرط وإحساس لايتكرر.. ونبرات فرحه وحزنه في آن .. حزن لايبلغ الكآبة وفقدان الأمل ولكنه حزن أشبه من حيث الوصف بمحاسن العين المريضة عند الغزال البري .. حين يمنحها الفتور قدراً هائلاًَ من الجمال الأخاذ.ياباهي الجبين .. أغنية رائعة توحي بعذوبة الحب وبيئته التي لاترنو الى بديل ولاترى ذلك فيما سواه من أحببنا او من أحبوا شعراء ذلك العهد الجميل..أسئلة محيرة عن سر تلك البيئة التي أنجبت كل هؤلاء الفنانين والشعراء!!والى ما يمكننا ان نعيد رسم صورة تلك المنمنمات المتداخلة العصية على التقليد والمجاراة.. بدء اً من امتلاك ناصية الإبداع لدينا او لدى من يحوم في حمى الشعر والشعراء وعوالمهم.[c1]ناموا كلهم ناموا وحتى البدرذي كان يؤنسني معاهم نام[/c]ذلك صوت المرحوم الشاعر صالح نصيب الراثي من غادروا مسرح الحياة قبله ان لم تكن في البيت ثورية معناها في بطن الشاعر وهي مستبعدة عند شعراء الأغنية اللحجية تحديداً.. ومع ذلك لم تنم عيون الفن والشعر ومكامنكه في أصنابير مدينة تقاوم عاديات الدهر ببسالة عجيبة .. موصية بأن فيض الأودية التي تستقر مياهها العذبة على بساط الأرض الخضراء ستظل مصدراً متجدداً للنماء والعطاء والحياة وقوة الانتماء الى الوجود الحي.