يوسف سيد محمود في كتابه (أزمة الجامعات العربية):
القاهرة /14اكتوبر/ رويترز:الجامعة لم تعد مكانا لغرس ملكات الابتكار والإبداع وإنما جهة يحصل منها الطالب على مؤهل لدوافع اجتماعية لا علميةيرى تربوي مصري أن الجامعات في بلاده أصبحت تنتج معلومات وليس معرفة بعد أن سيطرت عليها الدولة وأصبحت جزءا من أزمتها ليصير أستاذ الجامعة مسالما مأمون الجانب بعيدا عن الروح النقدية في ظل علاقة «شبه عسكرية» بين أعضاء هيئة التدريس.ويقول يوسف سيد محمود أستاذ أصول التربية بجامعة الفيوم بمصر وجامعة الملك سعود إن الجامعة ضعفت مكانتها في المجتمع وفقدت دورها القيادي مستشهدا على ذلك بدلائل منها « هبوط وظيفة الجامعة من التفكير والتنظيم للمجتمع إلى إمداد الصفوة الحاكمة أحيانا بالموظفين من الأساتذة والذين لم يعودوا قادة بل خبراء» يسترشد أحيانا بآرائهم.وشهدت مصر في السنوات الأخيرة صعودا سياسيا مفاجئا لأساتذة جامعيين خبراء في مجالاتهم التقنية والمهنية لكنهم يفتقرون إلى الخبرة السياسية وأصبح دورهم تنفيذيا فقط بسبب ما يعتبره مراقبون ضعف تنشئتهم السياسية وعدم انخراطهم في الحياة العامة قبل تولي المناصب الوزارية.ويقول محمود في كتابه (أزمة الجامعات العربية) أن الجامعة لم تعد مكانا لغرس ملكات الابتكار والإبداع لكنها جهة يحصل منها الطالب على مؤهل لدوافع اجتماعية لا علمية.ويقع الكتاب في 240 صفحة كبيرة القطع وصدر عن (الدار المصرية اللبنانية) في القاهرة ضمن سلسلة (افاق تربوية متجددة) التي يقول الناشر إنها تهدف إلى «تحريك ما قد أصاب العلوم التربوية والنفسية من أجواء راكدة واجترار في الفكر والممارسة.»وقال شيخ التربويين المصريين حامد عمار في مقدمة الكتاب انه رغم كثرة ما يعقد من مؤتمرات لإصلاح التعليم الجامعي «فان وتيرة التغيير بطيئة جدا في حراكها. نتقدم بمتوالية حسابية وتتحرك جامعات الدول المتقدمة وبعض دول جنوب وشرق آسيا بمتوالية هندسية ومن ثم تتسع الفجوة وتتعمق الهوة بين جامعاتنا الرسمية» في العالم العربي والجامعات الأجنبية.ويقول محمود في الكتاب إن الإنتاج العلمي للجامعات المصرية ضعيف كما وكيفا فمن ناحية الكم فان ما تنتجه الجامعات المصرية من الأبحاث المنشورة أقل مما تنتجه مدرسة الطب بجامعة هارفارد أما من ناحية الكيف فانه «لا يحقق في معظمه المعايير الصحيحة للإنتاج العلمي.»ويضيف أن الجامعة فقدت كثيرا من هويتها كمؤسسة لإنتاج ونقل المعرفة وإشاعة المناخ العلمي من خلال ترسيخ المنهج العلمي كموجه للسلوك الإنساني لأسباب منها علاقة الجامعة بالسلطة السياسية « والتي اتسمت بتسلط الدولة على الجامعة.»ويدلل على ذلك بأن الجامعات المصرية منذ ثورة 1952 تمضي في ظل علاقة تسلطية مارستها المؤسسة الحاكمة ولاتزال وأدت هذه العلاقة إلى سيطرة «العقل المسالم» على الأساتذة والطلاب وهو عقل يفكر بطريقة تقليدية مألوفة ولا يميل إلى الصدام أو النقد ولا يطمح إلى التغيير.ويرى المؤلف أن جهد الأستاذ الجامعي في مثل هذا السياق اقتصر على «طرح ما هو معلن من حقائق دون نقد وتحليل. كما تحولت العلاقة بين أعضاء هيئة التدريس إلى علاقة هرمية شبه عسكرية» بدلا من العمل بروح الفريق.ويقول إن أزمة الجامعة تكمن في عدة عوامل في مقدمتها سيطرة الدولة عليها وحصرها في وظيفتها التعليمية بعد أن أنشأت الدولة أجهزة بحثية خارج نطاق الجامعات مثل مراكز البحوث ومعاهد التخطيط ومنحت هذه المؤسسات حظا أوفر في إجراء بحوث تخدم المجتمع «وتربط بين المعرفة والميدان.«أدت هذه العلاقة الى استبعاد الجامعة من المنظور السياسي والايديولوجي للدولة وهذا بدوره أدى الى فقدها القدرة على تكوين المنظور السياسي والاجتماعي الذي يمكن أن يوجهها في أدائها لدورها البحثي ولدورها في خدمة المجتمع