إعداد/ د. محمد أحمد الدبعيواقعنا يفرض ألا نتغاضى عن الأوضاع غير الصحية التي رسمت على جبين واقعنا المآسي والمتاعب، وأن نرسي قواعد الصحة العامة، متصدين لكل ما من شأنه الأضرار بصحتنا وصحة من حولنا، وأول خطوة نخطوها لوقف هذا اللغط وتقويض أركانه، الحرص على الولادة الصحية النظيفة والسلامة التوليدية باعتبارها إحدى الأسس الضرورية للصحة الإنجابية الكفيلة بحماية الأمهات والمواليد من عدوى أمراض خطيرة، وأبرزها الكزاز الوليدي.. ذاك المرض البكتيري الخطير جداً والقاتل الذي يمكن أن يصيب الأمهات نتيجة الولادة غير النظيفة، وبدرجة أعلى وأشد الأطفال حديثي الولادة جراء تلوث الحبل السري بجراثيم هذا المرض المروع . تتميز جراثيم هذا المرض بأنها لا هوائية، قادرة ًعلى العيش والتكاثر في الأوساط المختلفة، بوجود الهواء أو من دونه، فلا فرق بين هذا أو ذاك. كما أنها تتحمل الجفاف وارتفاع درجة الحرارة وتقلبات الأجواء لمدة طويلة.وبؤرة هذه الجراثيم ومستودعها أمعاء الحيوانات، وأيضاً أمعاء الإنسان ولا تسبب الضرر وهي في الأمعاء، وإنما تبدأ ضراوتها بعد خروجها مع روث الحيوانات أو الإنسان وبقائها في هذه المخلفات، وأيضاً إذا انتشرت في التراب والغبار والأشياء والأسطح غير النظيفة، بل ومن الممكن وجودها حتى على سطع الجلد الميت والتشققات الجلدية وأن تعلق بأي شيء حتى اليدين بواسطة الحويصلات السامة التي تحمي جراثيم الكزاز (الكولستريديم تيتاني) لفترة طويلة دون أن تتأثر بمختلف الظروف القاسية.ولا تبدو على الوليد المتلقي لعدوى الكزازأية أعراض أو علامات مرضية بعد تلقيه لعدوى المرض مباشرة ً. حيث طبيعياً لا يشكو من شيء حتى اليوم الثالث على العدوى، أو أي من الأيام الواقعة بين اليوم الثالث والثامن على العدوى.. وكل ذلك بسبب الممارسات الخاطئة وغير الصحية أثناء التوليد- كما أسلفت- كقطع الحبل السري أو الختان باستخدام أداة غير نظيفة وغير معقمة، مثل( السكين - شفرة الحلاقة المستخدمة - المقص الملوث)، أو نتيجة ربط الحبل السري بخيط غير معقم لم يتم غليه في الماء لمدة نصف ساعة على أقل تقدير، أو مداواة موضع القطع بمواد ملوثة(كالتراب- الكحل - الرماد- السمن..). حيث تنتقل سموم جراثيم الكزاز بسهولة إلى جسم الوليد ومنه وصولاً إلى جهازه العصبي، ما بين اليوم( 8-3 ) بعد الولادة. وبذا تبدأ الأعراض بالظهور، فتتصلب عضلات الفم والفكين و الوجه، ومعها يصعب على الوليد الرضاعة. وبعدها تتصلب الرقبة ومن ثم الجسم كاملاً، وتنقبض أصابع اليد بإحكام، مع ارتفاع درجة حرارة الجسم والتعرق وتسارع ضربات القلب وضعف عملية التنفس. وتسوء المشكلة أكثر وأكثر لدى ظهور نوبات التشنج في الجسم وعجز الطفل عن فتح فمه وعن الرضاعة.وبهذا التدهور الكبير لصحة الوليد، لا يتمكن من العيش وقد وصل إلى مرحلة صعبة خطيرة، يعجز بسببها عن فتح فمه وعن الرضاعة، أو لدى عجزه تماماً عن التنفس. [c1]جدول خاص بالمحافظات والمديريات المستهدفة في حملة التحصين للتخلص من مرض الكزاز الوليدي في الفترة من(24-29 يناير 2009م)[/c][c1] جدول خاص بمواعيد أخذ النساء في عمر (15-45 عاماً) لجرعات لقاح الكزاز الوليدي[/c]وعليه، لا أفضل من الوقاية تلافياً لتلك المآسي والآلام عن طريق استخدام الأدوات النظيفة والمعقمة اللازمة للولادة ولقطع الحبل السري للوليد حتى لا ينتقل المرض إليه وإلى أمه.وهذا يعني توافر شروط ومعايير الولادة النظيفة ومتطلباتها، كالفراش النظيف وقطع القماش النظيفة، وأن تكون يدا المولدة نظيفة، فلا تقوم بالتوليد إلا بعد غسل يديها بعناية فائقة بالماء والصابون، ولا يكون قطع الحبل السري إلا بأداة معقمة، كالموس الجديد ؛ وكذلك ربطه يجب أن يكون بخيط نظيف ومعقم بغليه في الماء قبل استخدامه لمدة نصف ساعة، وألا يتم وضع أي مادة ملوثة على سرة المولود، مثل( الملح- الكحل- الرماد- التراب- السمن) أو غيرها من المواد. الجانب المكمل للوقاية هو تحصين الفتيات وسائر النساء في سن(15-45 عاماً) بالجرعات الخمس ضد الكزاز الوليدي اللازمة لإعطائهن مناعة مدى الحياة ولحماية المواليد لشهرين بعد الولادة، سواءً حصلن عليها في الحملات التي تنفذها وزارة الصحة العامة والسكان، أو ضمن ما يسمى بالتحصين الروتيني في المراكز الصحية ومراكز الأمومة والطفولة للفتيات والنساء في سن الولادة.إلى جانب التحصين الروتيني للأطفال دون العام باللقاح الخماسي في مواعيد أخذ الجرعات، على النحو المدون في كرت التطعيم الممنوح للطفل من المركز الصحي أو الوحدة الصحية، المستمر إعطائها بشكلٍ دائم في المرافق الصحية. وأذكر القراء الأعزاء بأن ثمة حملة تحصين جديدة للتخلص من الكزاز الوليدي، تقرر تنفيذها في الفترة من (24-29يناير2009م) بمحافظات (صنعاء- تعز- حضرموت الوادي والصحراء- حضرموت الساحل- ذمار- أبين- حجه- المحويت- مأرب- البيضاء- شبوة- عمران - ريمه- المهرة- صعدة) ،وهي تستهدف النساء والفتيات ممن ينتمين إلى الفئة العمرية من (15-45 عاماً)، المتزوجات وغير المتزوجات والحوامل أيضاً في أشهر الحمل المختلفة بلا استثناء. علماً بأن الفرق الصحية المقدمة لخدمة التحصين تتخذ المرافق الصحية، مثل المستشفيات والمستوصفات والمراكز والوحدات الصحية، ومواقع كثيرة مؤقتة.. إما منشأة أو منزل شيخ أو أحد الوجهاء..الخ، لأجل أداء مهامها النبيلة وتسهيلاً للمستهدفات في الحصول على جرعة اللقاح اللازمة.فبأخذهن لقاح الكزاز يحصلن على حماية من المرض، لاسيما وأن اللقاح معطل لجراثيم المرض سليم وفعال ويؤدي إلى حماية تعتمد على عدد الجرعات. ولا تعاد الجرعة أو الجرعات مطلقاًً بسبب الفاصل الزمني الأطول بين الجرعة والأخرى؛ كما ليس للنساء المستهدفات التخلي عن بقية جرعات اللقاح إذا تأخرن عن أخذ الجرعة اللازمة. إنما الأحرى والأضمن للوقاية أن تستكمل كل الجرعات في مواعيدها، لنضمن بذلك المُضي قدماً في تطبيق إستراتيجية التخلص من داء الكزاز الوخيم.فإذا أخذت النساء خمس جرعات من لقاح الكزاز، فمعنى هذا أنهن سيحصلن على وقاية وحماية من المرض مدى الحياة. كذلك يولد أطفالهن محميين ضد الكزاز الوليدي لفترة وجيزة تمتد إلى شهرين من عمره.ويمكن للعامل الصحي استخدام عبوة اللقاح المفتوحة لمدة شهر ما دامت ضمن فترة الصلاحية، شرط أن يحافظ عليها باردة عند درجة حرارة تتراوح ما بين(8-2 درجات مئوية) وأيضاً بعيدة عن التلوث.إذ أن لقاح الكزاز عبارة عن سائل في عبوة تحوي الواحدة منها على عشر جرعات، ومقدار الجرعة الواحدة منه نصف ملي.. تسحب في حقنة صغيرة، ومن ثم تحقن بها المرأة في أعلى الذراع الإيسر(العضد).أما الآثار الجانبية للقاح فهي نادرة جداً ؛ فقد تحدث حمى خفيفة في اليومين التاليين للتطعيم وفي حالات نادرة يحدث ألم موضعي واحمرار خفيفين.وأعود لأؤكد بأن الجرعة الواحدة من اللقاح لا تكفي لتأمين الوقاية الكاملة من الكزاز الوليدي مدى الحياة، بل يجب تحصين كل النساء في الفئة العمرية من( 15-45 عاماً) بلقاح الكزاز الوليدي، بجرعاته الخمس.[c1]المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان [/c]
أخبار متعلقة