صباح الخير
أناشيد بألحان مستعارة من أغان شهيرة .. لماذا استمرت هذه الظاهرة ؟ أهو دليل عافية أم أنها إشارة إفلاس ؟ ثمة لبس حصل في فهمنا لمعنى البديل ذلك الذي نريده بالضرورة أصيلاً لا مقلدا .. جمهوركم أيها المقلدون مستاء للغاية وعاتب حد السخرية . في قادم الأسطر ما يكفي للاستدلال أن الجمهور ناقد حصيف .. ولاذع ربما .. عدنان هاشم يصاب بخيبة أمل عندما يهرع لشراء ألبوم جديد فيجده عارياً من اللحن الجديد ..! كلمات لا باس بها وأصوات جميلة وتسجيل صاف ، لكن اللحن ماركة مسجلة لآخرين تم تلقفه وكتابة الكلمات على منواله .. ( أستغرب ليس فقط من المؤسسة جهة الإصدار ولا من المنشدين ، ولكن أيضاً من مبدع النص الذي يكتبه وفق لحن جاهز ومكرر وباعتقادي هذا الأمر يقيد إبداعه في الأساس حتى وإن جاء النص وأسقط على اللحن فالتقليد يظل أمراً معيباً .. ) محمد سنان هو الآخر من يضرب عن سماع الأناشيد ذات الألحان المأخوذة من أغان أو أناشيد أخرى ، معتبراً أن اللحن الذي أعد لنص ما لا يصلح لنص آخر ، لأن لكل مقطوعة شعرية استقلالية وجدانية ، تستلزم بالضرورة استقلالية نغمية فمثلاً ليس من المناسب أبداً أن تأخذ لحناً لأغنية عاطفية وتقوم بإسقاطه على نشيد حماسي وهذا للأسف ما حدث في الكثير من الأناشيد خلال عقد التسعينات بالذات . ويضيف ( محاكاة الألحان أحياناً لا تزيد عن كونها عملية مسخ لهذه الألحان ولمدلولها الأصلي الذي عرفت به ) . أما وضاح العواضي فيرى إن تقليد الألحان – لا إبداعها – يعبر عن إفلاس وتراجع : ( التقليد والمحاكاة هي أساساً سمة عهود الانحطاط ، حيث يولي الرواد ويخلف من بعدهم من يتفننون في ( إعادة طحن الطين ) ليس ثمة إبداع ولا طموح ، من ثم فإن هذا التقليد يعوق تطور فن الأنشودة بل ويمثل خطراً داهماً أمام هذا اللون من الغناء ) .إذا القضية لا تقتصر على كونها ( أزمة لحن ) وندرة ملحنين بل تمثل كذلك أزمة فهم و ( اعتداد ) لم تكن موجودة بالأمس ، كما يشير عمر محمد غلاب ويقول أيضاً: ( التقليد ظاهرة دخيلة على فن الأنشودة ، وهو غير لائق ، لا يمكن أبداً أن يصنع قامات فنية ذائعة الصيت على اتساع المكان وامتداد الزمان .. فمثلاً ما كان للمنشد أبو رتب أن يحقق ذلك النجاح المبهر في مهرجان الرباط الثقافي مؤخراً ، وبوجود فنانين عرب كبار ما كان له ذلك لو أن ألحانه كانت نسخة من الحان أولئك الفنانين . ثمة من يدرك ذلك هنا في اليمن ، هناك فرق ومؤسسات تحرص على أصالة إنتاجها وهؤلاء فقط من سيواصل التألق والبقاء ) .يعترض معاذ عبدالغني على توصيفي للتقليد أنه محاكاة مؤكداً ( هذه سرقة .. وهذا هو التوصيف الصحيح لها .. ولو شاء أصحاب هذه الألحان أن يقاضوا آخذيها لكسبوا القضية .. علينا أن نقف بحزم أمام هذه الظاهرة .. يا أخي الفرق شاسع بين الفنان الموهوب المحب لفنه وبين السائر وراء الربح ) . توفيق عبدالباقي : ( افتقاد أي أنشودة لعنصر الأصالة في اللحن يهبط بها كثيراً أثناء المعايرة الفنية ، والبعض يقول إن الفرادة هي أصلاً في اللحن .. الكلمات متوفرة بكثرة ، والحناجر موجودة ، اللحن هو مقياس التميز .. يقال إن اللحن ثلاثة أرباع العمل الغنائي .. والإشكال أن ثمة شحة في الملحنين والموجود منهم يفتقدون للدراسة النظرية في المقامات .. موهوبة فقط .. والحق أن العمل الفني يحتاج إلى تعب وتجويد دائمين ، وعلى قدر الاهتمام المبذول في أي عمل إبداعي تكون قوة تأثير وبقائه .. والتقليد دليل كسل .. لأنه أسهل ألف مرة من الإبداع ) .ويضيف ( غياب النقد له دور كبير في تمادي المسألة .. ليس ثمة نقد فني يقول لهؤلاء : توقفوا .. وابدعوا لنا شيئاً جميلاً . . ( مراهقة فنية ) هكذا يصف فواز الأديمي التقليد ، بل ويذهب إلى القول إن مجرد محاكاة الألحان الإسلامية القديمة ، أو أناشيد الشام أو غيرها ، يعد أمراً مخلاً لأن على منشدينا استلهام روح المجتمع وهويته الايقاعية والمسألة – كما – يقول – مسألة قدرات وهمم . ويستدرك ( إحياء مغمور التراث لا يعد تقليداً ، شريطة عدم تغيير الكلمات .. لدينا موروث ضخم من المهاجل وأناشيد المولد والموسم والحج والاستسقاء . بحاجة إلى من يحولها ويوثقها ويكتب لها البقاء .. الجانب المستغل من هذا كله هو موروث الأعراس .