الطريق محفوف بالمخاطر والصعاب
القاهرة / وكالة الصحافة العربية:من رحم الأزمات يولد الأبطال ومن أصعب المواقف تتولد الإرادات والعزائم القوية، فالإنسان لا يبحث عن جديد إلا عندما يحتاج إلى التجديد، فالحاجة أم الاختراع ، وكذلك كلما كثر بلاء الإنسان وصبر عليه، كان له الأجر العظيم والثواب المضاعف فأكثر الناس ابتلاء هم الأنبياء ثم الأولياء، هكذا يتعامل الإسلام مع الأزمات كنوع من الابتلاء الذي لابد للإنسان المسلم أن يصبر عليها ويتعاطى معها بأقوم السبل المتاحة، فالحياة اختيار صعب لا ينجح فيه سوى المجدين والمجتهدين، ولهذا لا مناص بالنسبة له عن الاستعداد وبذل كل جهد حتى يتجاوز أزماتها ومواقفها الصعبة، فالأزمات التي تعترض طريق الإنسان خطيرة وكثيرة، خاصة وأن الطريق القويم محفوف بالمخاطر والتحديات، والإنسان الناجح في الحياة هو من لا يعرف اليأس أو الانسحاب إنما من والبداية كانت مع د · محمد حسن غانم أستاذ علم النفس بجامعة حلوان قال : الأزمات من أهم حقائق الحياة، فالإنسان يواجه طوال حياته الكثير من الأزمات التي يجتهد في التغلب عليها وقد أكد هذه الحقيقة القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالي: “ لقد خلقنا الإنسان في كبد “ أي في مشقة وتعب ، وأيضاً قوله تعالي “: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين “ البقرة آية 155 ·[c1] تحديات مختلفة [/c]وأشار إلي أن الفشل في مواجهة الضغوط والأزمات يقود إلى العديد من صور وأشكال الاضطرابات النفسية أهمها الاضطرابات الوجدانية، التى تنعكس على الحالة الوجدانية المزاجية للفرد وتبدأ بمشاعر الإحساس بالاكتئاب حتى تصل إلى اضطرابات خطيرة تظهر في الإحساس بالانتعاش أي الدخول في حالة هلوسة، وكذلك من الآثار السلبية لفشل المواجهة الإصابة باضطرابات القلق، التي تؤدي إلى الاضطرابات النفسية والعقلية والانحرافات السلوكية، وأيضاً الاضطرابات ذات التكوين الجسمي، والتي تظهر في كثرة الشكاوي من الإصابة من الأمراض الجسمية غير الموجودة في الأساس ·وأضاف: إحساس الفرد بأنه قريب من الموت ، ويفسر أي إجهاد بأنه بداية غير مطمئنة لأعراض مرضية خطيرة ·· كما يتعرض الإنسان لمخاطر عدم التكيف أو التوافق والتي تظهر في إحساس الفرد الدائم والمستمر أنه غير مستقر وأنه يشعر بالعزلة والانطواء وأنه غريب عن ذاته وعن الآخرين وأنه مشتت الهوية، مما قد يسقط الفرد في حالة من الانفصال عن الواقع والإصابة بالجنون فضلاً عن الاضطرابات الجنسية التي تأخذ مظاهر فقدان في الرغبة في التواصل مع شريك الحياة وفتور في الرغبة الجنسية واللجوء إلي علاقات جنسية محرمة ومشاهدة الجنس بطرق غير مشروعة ·ويري د· غانم أنه لمواجهة الأزمات والتحديات يتطلب من الإنسان أن يضاعف جهوده وأن يستجمع قواه ويجتهد ويسعي لإزالة العقبات والتغلب عليها، وأن هناك العديد من الحيل الدفاعية التي يلجأ إليها الفرد لكي يتخلص من التوتر والقلق، الذي ينم عن وضع الأزمة الذي يكون فيه، وبعض هذه الحيل جيد وسوي ومفيد مثل الإعلاء، والبعض الآخر سيئ مثل النكوص والتبرير وفيها ينتحل الفرد سبباً معقولاً لما يصدر عنه من سلوك خاطئ أو معيب أو لما يعتنقه من آراء ومعتقدات وعواطف تبدو مقنعة مقبولة لكنها ليست الأسباب الحقيقية لما فعل أو يزمع فعله ، ومن الحيل السوية التي تمكن الإنسان من عبور الأزمة بسلام الإعلاء أو التسامي ونعني به تحويل الطاقة النفسية المرتبطة لموضوع مستهجن إلي ممارسة أنشطة مقبولة اجتماعياً مثل ممارسة الرياضة ، الفن ، القراءة التحصيل الدراسي الجيد·[c1]ثقافة الأزمات[/c]وعن كيفية مواجهة المجتمع للأزمات يقول أسامة العقباوي خبير وقاية إشعاعية بهيئة الطاقة الذرية : الأمة بحاجة لتعميق ثقافة مواجهة الأزمات خاصة ونحن نواجه تحديات كثيرة، وهذا يتطلب تعليم المواطنين أساليب المواجهة والاستعداد للتصرف السريع والمتزن في أوقات الأزمات، التي يمكن أن يكون مصدرها كوارث طبيعية أو قيام حرب ·وأوضح أن تدريب الناس علي كيفية التصرف في مواجهة الأزمة يؤدي إلي تماسك الجبهة الداخلية أو القاعدة الشعبية، مما يؤدي إلي دعم صانع القرار، لأن إصابة الأمة بالانهيار المادي والمعنوي يحمل معه مخاطر نشرت روح الذعر والاضطراب والاستسلام للعدو ومن المهم عند مواجهة الأزمات الحالة المعنوية للمواطنين وهنا يتحقق الصمود والشجاعة في مواجهة تداعيات أي أزمة ولذا علينا أن نبث بين أركان المجتمع قيم التعاون والتكاتف والتحلي بروح الإيثار والتخلص من الأنانية وتقديم المصلحة العامة على الخاصة والإيمان بالتضحية والفداء والتجرد عن الأهواء والنزاعات الشخصية والمصالح الضيقة·“كاميليا حلمي” رئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل طرحت بعداً آخر للحديث فقالت: نحن بحاجة لمراجعة جادة مع النفس والارتفاع عن الصغائر واتقاء الله لأننا نواجه تحدياً خارجياً شرساً وعدواناً غاشماً من عدو متجبر وشبابنا عليه مسئولية كبيرة، فالتحديات تفرض عليه أن يأخذ قضايا الأمة بجدية ويهتم لأمر المسلمين ، وينشغل بكل مفيد وما يقويه ويزيد من معارفه وتقدمه حتى يساعد الأمة في مواجهة العدو الشرس المتجبر ومطلوب أن نحيي الهمم ونبتعد عن تحطيم الإرادة والتضامن مع إخواننا المنكوبين من أبناء الشعب اللبناني والفلسطيني ودعم الصمود اللبناني ·وأوضحت أن دور المرأة المسلمة مهم خاصة وهي مسئولة علي تربية أطفالها عن معاني العزة والكرامة والتضحية والدفاع عن المقدسات وحماية الأوطان والثبات والإقدام ·[c1]أجواء الكوراث[/c]ويشير د· محروس محمد عضو هيئة التدريس بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر إلى قول الله تعالى: “ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان “ المائدة 2، وقوله “ كان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه “ فواجب كل مسلم أن يقف إلى جوار إخوانه في الشدائد وأن يسعي لخدمة وطنه على الدوام لاسيما وقت الأزمات ، ومن المهم في هذه الأوقات أن يمسك المواطنون ألسنتهم عن ترديد الشائعات، التي من شأنها أن تزيد الفوضى وتشيع روح الخوف بين الناس ، بل يجب عليهم أن يتثبتوا من الأخبار وأن ينشروا الأمل ، وأن ينقلوا البشارات وينتظروا الفرج من السماء بعد أخذهم بالأسباب مع عدم إغفال الجانب الروحي اللازم للثبات في وقت الكرب ، وذلك بالتضرع إلي الله بالاستغفار والدعاء، فالله عز وجل يقول “ أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء “ ·· “ النمل 62 “ · وتؤكد د·داليا مؤمن أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس أن أجواء الكوارث سواء كانت بفعل الطبيعة “ كالزلازل والبراكين “ أو بسبب الحروب التي يثيرها البشر ، تتسبب في العديد من الآثار النفسية طويلة المدى كأن يتذكر الإنسان شكلاً متكرراً من مشاهد الحرب وأصوات دوي القنابل وانفجارات الصواريخ وصور القتلى والجرحى الذين كانوا من حولهم ، وتتكرر هذه المشاهد أيضاً في أحلامهم، ويترتب علي ذلك نشوء حالة الاستثارة لهذا الإنسان، فيشعر بالرعب لمجرد صوت دق جرس الباب مثلاً ويستجيب كأن هناك غارة جديدة على المكان ·وقد يظل الإنسان في هذه الحالة النفسية التي تشخص على أنها اضطراب ما بعد الصدمة لمدة شهور أو سنوات ويظهر هذا الاضطراب على الأطفال أيضاً، وأنه للتخفيف من هذه الأعراض من المهم أن يقوم الإنسان بنوع من التفريغ النفسي أو “ الفضفضة حول ما يفكر فيه وما يشعر به، فالفضفضة عما بداخل النفس أمام مجموعة من المحبين والموثوق بهم تقلل من الآثار النفسية السيئة للحروب والكوارث، إضافة إلي إعادة النظر في الحرب والحديث عن التضحيات ومكانة الشهداء في الجنة وأن الله تعالى يبتلينا وأن مع العسر يسرا·[c1]تعاون على البر[/c]ويؤكد مهتمون بالشأن الاجتماعي على أهمية نشر الوعي بين أفراد المجتمع حتىيكون مؤهلاً للتعامل مع الشدائد مع ضرورة تنظيم دورات للتدريب على الإسعافات الأولية وكيفية التصرف في الأزمات ·وتري فئات شبابية أن صمود المجتمع في الشدائد يتوقف علي تماسكه وتوحده وتفاني أفراده في سبيل وطنهم وقضيتهم ودينهم وإيمانهم بأن الله معهم، لأنهم أصحاب رسالة وقيم · وقالوا بضرورة أن تتعود الأسر في حال الرخاء على مواجهة حال الشدة بأن يتعود الجميع مثلاً على عدم الإسراف في استخدام المياه والاقتصاد في استهلاك المواد التموينية وغيرها · وحذروا من خطورة انتشار السلبية بين أفراد المجتمع خاصة في أوقات الشدة، عندها ستكون أخطر عائق في مواجهة الأزمات ·