ظهرت لنا شلة من النفر ينشرون في إحدى الصحف اليومية اعتراضهم على الوثيقة الموقعة والمتفق عليها من قبل الأحزاب الممثلة في مجلس النواب في السادس عشر من شهر يونيو. وكنا نأمل أن يجتمع رأي الجميع لمصلحة اليمن. لا أن يجتمع رأي القليل لخراب اليمن. لكن ليس بمستغرب فقد عرفنا بعضهم. و قد كتب اسمه في التاريخ الماضي الأسودولا يظهر إلا في الظلام هكذا كانوا وهكذا هم؟ولقد دابت هذه الصحيفة أن تنشر مقالات لكتاب يزعمون بوجود مغالطات على أهل الجنوب وهم في رأيي يغالطون الواقع ويزيفون الحقائق الموجودة على الأرض. وكمواطن اعرف كيف كانت عدن وكيف أصبحت،وكمواطن من تلك المناطق الجنوبية بالتحديد وبالصيغة التي يريدون ذكرها للتحديد، وكمواطن من محافظة حضرموت وعشت فيها واعرفها قبل الوحدة وشاهدتها بعد الوحدة وجدت لزاما علي أن أرد عليهم وأفند ادعاءاتهم وأباطيلهم التي يسوقونها. وجدت نفسي لا أستطيع الصمت وأحببت أن أفند وارد على تلك المغالطات رغم أن الوقائع هي الكفيلة على تفنيد تلك الأقاويل التي تتناقض أساسا مع واقع العولمة التي يعيشها العالم وليس اليمن فقط . حيث العالم أصبح قرية واحده مترابطة المصالح..وللأسف فهم بمقالاتهم تلك كمن يدس السم في العسل، حيث دغدغة مشاعر البسطاء من الناس وخصوصا في مدينة عدن . واعني هنا مدينة عدن حيث كانت عاصمة لدولة الشطر الجنوبي قبل الوحدة وبالتالي التركيز على مقارنتها بالماضي كعاصمة له نوايا خفية ومعروفة .وأظن أن هذه الصحيفة قد نسيت أن هؤلاء الذين يتسابقون على طرح تلك مقالات هم أنفسهم الذين أصدروا الحكم على الصحيفة نفسها بالغياب المؤبد وقد تم نقض ذلك الحكم في عهد الوحدة المباركة.شئ مؤسف حقا أن يكون بين أسماء من اعترضوا على اتفاق المبادئ بين أحزاب المعارضة و الحزب الحاكم من يحمل شهادة الدكتوراه . ويعمل صانعا لفكر جيل متفتح قادم نراه يروج لفكر تقسيم الوطن.وشئ مؤسف حقا أن من اقسم للدفاع عن كلمة الحق نراه يصارع ويدافع عن أفكار تتناقض مع مصالح الوطن وتتناقض مع مسيرة الزمن الذي تعيشه اليمن بل وتتناقض مع وحدة المصالح في كل مكانوشئ مؤلم فعلا أن يدافع هؤلاء ويسابقهم من يستطيع إلقاء الكلمة وكتابتها على الصحيفة عن ماضى بغيض وعن تجزئة للمجتمع والوطن عن تفرقة بين أفراد الوطن رغم نكرانه لذلك . لكن القارئ البسيط ولن أقول القارئ الحصيف سوف يستنتج من تلك المقالات وتلك الكلمات إلى عدة نقاط هم أرادوه أن يصل باستنتاجه إليها ألا وهي المقارنة بين المعاناة التي يزعمون في الوقت الحاضر وبين الماضيانه شئ مؤسف في نظري أن يستمر أمثال هؤلاء في دغدغة مشاعر البسطاء من الناس وبقرائن غير منطقية وغير واقعية على الأرض و استغلال بعض الظروف في المجتمع واستغلال إظهار بعض السلبيات الموجودة قطعا في اليمن وتضخيمها وإظهارها على أنها نتاج ما بعد الوحدة رغم معرفتنا بوجود سلبيات لكن في كل مناطق اليمن وليست فقط في الشمال أو في الجنوب .لذلك فانك عندما تقرأ مقالا لكاتب تحترم فكرته فانك تصاب بالصدمة والتعجب من انحراف الفكرة وتسييسها إلى هدف ليس بخفي على القارئ المتمكن لكنها ستنطلي على القارئ البسيط وسترى الكاتب يأتي بأرقام ومعلومات وتحليلات تتعجب كيف استطاع أخينا هذا تركيبها وفق هواه ووفق ميوله وأهدافه وهو هنا يتفق أو لنقل متفق مع من يريد أن يدس السم في العسل للقارئ.ومن خلال متابعة تلك الكتابات من تلك الأقلام في فترة ليست قصيرة نلاحظ الابتعاد الكلي عن النقد البناء والهادف والفكرة المفيدة للدولة وللمصالح الحكومية التابعة لها وعدم إشارتهم إلى أي شئ ايجابي وجميل وانجرارهم فقط خلف مقالات تتمحور في إثارة الفتنة والبغضاء بين أفراد المجتمع وتحميل الدولة وفئات بعينها كل السلبيات بل كل مصائب الوطن رغم أنهم قد كانوا سببا في حصولها واستمرارها.وإشارة بسيطة وليست للمحاججة فانا لست خبيرا في ذلك أورد تعليقا على ما كتبه أكثر من كاتب في تلك الصحيفة افهم منه أن أراضي عدن أصبحت تذهب للشماليين دون الجنوبيين ولا ادري كيف يمكن أن يصبح ذلك. ولم النظر بهذا المعيار. أليست الأرض لمن يدفع؟ وفي كل بقاع العالم ولماذا تمييز مالكي الأرض من خلال هذا المنظار !؟هل يعلم هؤلاء أن هناك قرية في جنوب تركيا (كوياكوي) قمت بزيارتها اشترى كثير من الانجليز أراضي وبنوا فيها منازل وأصبحوا هم الأكثرية فلم يقل الأتراك أن الانجليز استولوا على غالبية الأراضي .ونفس الكاتب يزعم بوجود هضم لحقوق أهل الجنوب وما أسماه بإحلال شماليين مكان الجنوبيين في الوظائف وإحلال دبلوماسيين من المناطق الشمالية بدلا عن مواطني المناطق الجنوبية وزعم وادعى بتغيير نسبة النواب ممثلي المناطق الجنوبية واتانا كاتب آخر وادعى وزعم بحكايات أخرى أشار إليها بصيغة أن يكون رئيس الوزراء من الجنوب ونائب الرئيس من الشمال وهكذا أعجبتهم الفكرة فتمادوا.نمقت هذا التفكير ونرفضه ولا نقبل به ولا نقبل النقاش فيه وصراحة من خلال تلك المقالات. والذين يعلقون عليها تكتشف كقارئ متابع أن هناك لعبة يراد لها الاستمرار أملآ في تسويقها على أكثر من صعيدعجبا أقول : أليست الوحدة وما بعدها ألغت كل أشكال الطائفية والعنصرية والانفصالية والتجزئة والتشطير أم لازال هناك في أفكارهم وآمالهم فرصة للعودة إلى الوراء !؟لدي بعض الأسئلة في مخيلتي آمل لكاتبي مقالات من هذا النوع أن يطرحها على نفسه ويتأمل أجابتها . ربما تلك الاستفسارات توصله إلى طريق العقل والتمعن والتأمل.هل ما أشار إليه الكاتب كان موجودا قبل الوحدة اليمنية؟ وعلى سبيل المثال هل كنا نحن في حضرموت مثلا ناقصي الحقوق أو متساوي الحقوق مع من يحكمون في عدن قبل تحقيق الوحدة اليمنية !؟وهل عدد السفراء الذين يمثلون البلاد من شبوه وحضرموت والمهره ( مثلآ ) يمثلون نفس نسبة مساحة تلك الأراضي أم كان يستحوذ عليها من كان يحكم في عدن !؟وهل كانت أصلا تلك المناطق تحصل على حقوقها من المساواة التي يروجون لها هذه الأيام !؟ وهل كان أبناؤنا يحصلون على البعثات (مثلا)مثلما كان أبناء المسئولين وأقربائهم في عدن يحصلون عليها!؟أسئلة كثيرة بالإمكان مطابقتها وبالإمكان وضعها ومقارنتها. لكن السؤال الوحيد وهو أليست الوحدة ساوت بين المواطنين في الحقوق والواجبات من الناحية القانونية !؟نعم ساوت الوحدة بين المواطنين في الحقوق والواجبات. أما غير ذلك على ارض الواقع فهذه معاناة كل الشعوب ومن كل المناطق وفي كل الدول وليست معاناة اليمنيين في اليمن فقط.أكاد اجزم أن الإشكال في التفريق بين مواطني البلد الواحد هي موجودة في كل بلاد العالم. موجودة في مصر في السعودية في الإمارات وربما موجودة في كثير من الدول الصناعية أيضا.والغريب انه في الوقت الذي تتوحد الجهود. وتتوحد الأمم والشعوب. والمجتمعات والدول دون النظر إلى دينها أو لغتها أو حجمها. نسمع ونقرأ من هؤلاء النفر أحاديث بمصطلحات شتى.شئ اسمه الضم وآخر يدعي فقدان الحقوق وثالث يدعي بنهب الأراضي من قبل متنفذين لا ادري بأي منطق هؤلاء يفكرون وأكاد اشك أنهم يفكرون بمنطق العقل .فقد عطلوا قدرات العقل وذهبوا مهرولين إلى التفكير من خلال العاطفة التي لاتعترف بالتفكير بمنطق العقل. بل تنظر للأشياء بمنطق الحب والكره فقط وأصبح إخواننا يرون كل شئ بمنظار اسود لاغبر .قبل سنتين كنت في ألمانيا لرحلة عمل وبالتحديد في همبرج ومن خلال حديثي مع مدير الشركة عرفت منه أن الحكومة الألمانية تقتطع ما يعادل 40% من رواتبهم لتعمير ألمانيا الشرقية. ولم اسمع منه أي شيء يدعو للاحتجاج أو للتعليق. وآمل ألا يطلب مني احد أن اطلب من الحكومة صرف نفس النسبة للمناطق الجنوبية. فهناك اعتبارات وخطط تعتمد على عدة عوامل ليس من ضمنها القسمة بالتأكيد.قصدت فقط أن أشير إلى أنني لم اسمع منه أي تعليق على حكاية ألمانيا شرقيه أو غربيه. مثلما هم إخواننا هداهم الله يطنبون الحديث لأهداف بغيظه على حكاية شمال وجنوب .ومادمت في ماليزيا فمن المفيد التذكير أن النسبة الغالبة من الشعب الماليزي هم من الملايو لكن رجال الأعمال والتجارة والصناعة والبزنس يكاد يكون غالبيته بيد الصينيين فلم نسمع تلك الاسطوانات أن الصينيين قد غزوا ماليزيا وسيطروا عليها بل أزيدكم من الشعر بيتا أنني قرأت في إحدى الصحف الماليزية مشروع ربط جسور بين ماليزيا وتايلاند وصولا إلى الصين. أين نحن من هؤلاء وتفكيرهم وقلوبهم هل وصل الأخوان خبر أن بإمكان أي كان أن يمتلك ارض ومنزل وتجاره مادام يملك رأس المال في دبي وبقية الإمارات واتبعتها قطر وسبقتهم ماليزيا ونحن لازلنا ندندن على اسطوانة شمال وجنوب !هل يتصور هؤلاء الحاقدون أن الشيخ آل مكتوم حاكم دبي السابق رحمه الله كان يعرف انه سيأتي يوما ما تكون الغالبية لسكان دبي للقادمين من الهند وإيران!؟ وأنهم هم السبب الرئيسي لنمو دبي وتطورها في الوقت الحاضر!؟ وهل يعتقد هؤلاء انه لوقدر له وعاش إلى يومنا هذا ورأى دبي سيغضب من القادمين إليها من الهنود والإيرانيين وسيطلب مغادرتهم . يقيني أنهم يعرفون الجواب بلا بالتأكيد .وهل يعتقد هؤلاء انه ستأخذه العزة بالإثم ويقول دبي فقط لأهل دبي. لا افهم هل يتذكر هؤلاء عندما أتت الجبهة القومية واتى الماركسيون والاشتراكيون لحكم عدن غادر كثير من أهل الجنوب واستقروا في الحديدة .وتطورت أعمالهم ولم يسمعوا اسطوانة جنوبيين أو سيطرة الجنوبيين على التجارة في الشمال.ونفس المنوال نتذكره فكثيرا من الحضارمة هاجر واستقر في البلاد المجاورة. وأصبح من كبار التجار ليس في المملكة فقط. بل في العالم ولم يسمع أو نسمع حكاية سيطرة الحضارم أو ماشابه ذلك من ألفاظ . وكلمات من الدولة أو من مثقفيها وكتابها مثلما أردت أن أشير .لا ادري لم هذه النظرة المتخلفة لازالت معشعشة وموجودة عند الكثير من ضعاف النفوس . بل والبعض يبثها وينشرها وكأنه لا يعيش العصر الذي نحن فيه .وكأنهم يريدون منا أن نعود للخلف عشرات السنين. لا افهم هل يعيش هؤلاء في اليمن قاطبة. أم أنهم فقط يعيشون في دائرة صغيره اسمها عدن !؟ وهل اليمن فقط عدن !؟عشت كثيرا في المملكة العربية السعودية الشقيقة. وعايشت كل فئات المجتمع من مثقفين وكتاب وأساتذة جامعات. وهم من مختلف الأراضي في المملكة. ولم اشعر بشي من التفرقة والتجزئة بينهم أو منهم على بعضهم. ورغم وجود بعض التفضيل أو الغبن الذي يحس به البعض. لكنه لا يصل لدرجة المقالات والتشهير بأهل منطقه على حساب منطقة أخرى. وهم يعرفون أو يعون أن التفضيل والمحاباة هي صفه من صفات البشر. وتقريبا موجودة لدى كل المجتمعات الانسانية والدول ولكنها ليست موجودة في القانون أو التشريع. وهذه الحال تنطبق على اليمن والمملكة وكل دول العالم وخصوصا العالم الثالث .وأتصور لو كان هؤلاء المعترضين والمروجين للفكر الانفصالي (أقولها بالفم المليان) يعيشون مثلا في المنطقة الشرقية من المملكة. لأدعو على عجل أن أهل الجنوب (عسير)قد سيطروا على الأراضي والوظائف على حساب أهل المنطقة الشرقية بحكم هجرتهم إليها بسبب وجود النفط وشركاته. ولو كانوا من أهل جدة وشاهدوا الحضارمة وتجارتهم. لزعموا أن الحضارمة قد سيطروا على تجارة المملكة.ليس معنى ذلك أن البلاد خالية من العيوب والسلبيات أبدا فنحن لدينا مثل غيرنا من الخلل. لكن ليس المفروض هو استغلال وجود ذلك لنشر فكر تجزئة المجتمع وأيدلوجيه انفصال رغم أن الكلمة تغضبهم ولكنني محق أن أقولها لان الكيل قد طفح من ترويج الأباطيل. فعدن ليست للعدنيين وحضرموت ليست للحضارمة واليمن ليست لليمنيين فقط فنحن في عصر العولمة . كيف يريدون لعدن أن تنتقل إلى هونج كونج ودبي وهم لازالوا يجزئون ويقسمون القادمين إليها !؟ يكفينا هذيان من أفواههم. ويكفينا ماشاهدناه ولمسناه من تاريخهم ويكفينا الضحك على الذقون.وعودة إلى القائمة التي رفضت اتفاق المبادئ. وظنت نفسها تتحدث باسم الجماهير الكادحة والمكدوحة بما فيه الكفاية. فأنني لن أتعجب إذا تمعنت في الأسماء ومراكزهم السياسية والايدلوجيه فهذا ديدنهم .قد يعتقد بعضهم أنني اجني من ذلك مصلحة وهو لا يعلم أنني لا املك المنزل أو الأرض. لكنني املك حبا للناس جميعا سواسية وأفضلهم لدي المنتج الذي يعمل ويفيد نفسه ومجتمعه. واملك أملا في أن أرى اليمن في أمن واستقرار وتطور ونمو. واملك رؤية لليمن في قوته وتطوره في وحدته وانفتاحه على العالم قاطبة . أما زرع الفتن ودغدغة مشاعر وأحاسيس البسطاء من الناس فتلك الطريق لن توصل إلا إلى الكره والحقد وهما أرضية خصبة لزرع منتج الحروب والاقتتال والدمار فقط . فهل يفكر هؤلاء مثلما يفكر الآخرون!؟