شخصيات خالدة
ينتمي الرسام والرحالة الفرنسي أوجين فرامونتين مع جماعة كبيرة من الرسامين إلى ما يطلق عليه النقاد والكتاب الاستشراق الفني. فعلى غرار كتابات جيرار دي نرفال وفيكتور هيجو عن الشرق، تصدر الكثير من الفنانين في أوروبا لاكتساح ميادين عذراء، باحثين فيها عن ألوان وصور بيتوريسكية وإيكزوتيكية غير مألوفة. نذكر من بينهم جون إتيان ليوتار ودولاكروا وهوراس فرني وماريلا وديكون وغونغين وهنري روسو.ولد أوجين فرامونتين في فرنسا سنة 1820 وتوفي سنة 1876، كان ينتمي إلى عائلة عريقة معروفة بالمحاماة والقضاء. لم يقتنع أوجين الصغير بالمسار الذي سطرته العائلة فرامونتين لأبنائها، فاختار مهنة أخرى، بعيدة كل البعد عن الحقوق، وهي الرسم. وتفتقت موهبته الفنية وهو في السابعة عشرة من عمره عندما حفر صورة جانبية لنابليون بونابرت ، ثم تتلمذ على الفنان جيران ، وكثرت زياراته لمتحف اللوفر وبدأ بنسخ اللوحات التي استهوته وخاصةلوحات مثل لوحات رفائيل و روبنس التي لعبت دورا هاما في توجيهه الفني. وفي هذه الفترة استهوته الموسيقى وكاد ان يكرس لها حياته، إلا انه عاد الى فن الرسم، وانتسب الى معهد الفنون الجميلة، وتأثر آنذاك بالفنان جيريكو جويا .تزوج في سن الرابعة عشر، وافتقد زوجته في سنة 1844، ما جعله يكتب بعد هذا الافتقاد كتابه دومينيك بسنتين.اقتنع أوجين بمذهب الرسام الفرنسي المشهور دولاكروا، فراح يقتفي مسلكه في الموضوعات والأبعاد، إذ اختار هو كذلك الشرق المحتل من طرف فرنسا كموضوع لنسج رسوماته الغرائبية، وأضفى على لوحاته بعدا تاريخيا بتركيزه كثيرا على ما هو نابض في هذا الجنوب الذي يعد من ثقافة وطبيعة وسلوكات وعبادات مغايرة تماما للشمال.لم يقتصر أوجين على اختيار الساحل كموضوع وحيد للوحاته الفنية، بل أصيب بذهول رهيب حينما اكتشف عذرية الصحراء الجزائرية التي كانت بمنأى عن أعين الرسامين الكبار. لم تصبح الصحراء بعد هذا الاكتشاف مجرد ملاذ إيكزوتيكي بالنسبة لهذا الرسام ولكن أصبح لها بعد وجودي وكينوني، لأنها ستصنع منه رساما متميزا وأصيلا في عالم الفنانين المليء بالتنافس والبحث عن الشهرة.بعد كتاب دومينيك، كتب أوجين نصين اهتم فيهما بالرحلة البيتوريسكية، فظهر له في سنة 1857 كتاب «صيف في الصحراء» Un été dans le sahara وفي سنة 1859 كتاب “عام كامل في الساحل” Une année dans le sahel،