مدن عربية و عالمية
«بيت مري» أو «بيروت العتيقة»، اسمان لمنطقة لبنانية واحدة، عاشت حقبة تاريخية فريدة واحتضنت شعوباً وحضارات متنوعة يعود أقدمها إلى العهد الاغريقي. انها بلدة نموذجية تعبق بسحر التراث اللبناني العريق من جهة وتتميز بالحداثة والنمط العصري من جهة أخرى. وهي تقع على تلة خضراء من تلال جبل لبنان الأخضر، ترتفع 750 متراً عن سطح البحر، وتغمرها غابات الصنوبر والسنديان من كل حدب وصوب. كما تُشكل الواجهة الشرقية لبيروت، وتبعد عنها مسافة 17 كيلومتراويعود اسم «بيت مري» إلى اللغة السامية ويعني «بيتو موريو» أو بيت الآلهة. وربما اتخذت هذه التسمية نظراً إلى المعبد الفنيقي «بيريت» الذي لا تزال آثاره جاثمة في موقع دير القلعة حتى اليوم، أو إلى كثرة المعابد التاريخية التي توالت عليها الحضارات من الآشورية الى الفينيقية والكدانية فالرومانية والبيزنطية. ولا تزال هياكل عشتروت وجونو تستقطب السياح من عرب وأجانب.وتبهر «بيت مري» زائريها بأجمل المناظر الطبيعية التي تشرف على البحر والجبل. فمن الشمال تحدّق بك جبال كسروان وجبيل، فالشاطئ اللبناني من البترون وبيبلوس حتى خلدة والناعمة والدامور. واذا نظرت الى جهة الغرب تذهلك العاصمة بيروت ليلاً بألوانها الفسيفسائية التي تزيّنها حركة المرفأ وأضواء البواخر في وسط البحر. وما إن تتجه جنوباً حتى يظهر أمامك مشهد المطار الدولي وحركة الطائرات ذهابا وايابا، وتسرق نظرك مفاتن بلدات الشويفات وعالية وبحمدون وصوفر، إلى أن تصل شرقاً إلى ذاك الجبل الصامد والمتربع بوشاحه الأبيض على عرشه كالحارس الأمين، ألا وهو جبل صنين الذي ينعشك بنسيمه العليل ويُظلل غابات وادي بيروت بأشعته المُعطَّرة بنور الشمس. ولعل موقعها الفريد على كتف العاصمة وفي قلب الوطن جعل من بيت مري مقراً للكثير من الشعوب والحضارات التي توالت السيطرة في الشرق الأوسط، بدءا من العهد الاغريقي والفينيقي فالروماني والصليبي حتى العهد العثماني. ولا تزال آثارها دامغة في الكثير من الأماكن وأبرزها آثار دير القلعة الشهيرة. واذا نظرت اليها من الساحل أعجبت بتناسق هضابها الأربع المطلة وبجمال انبساط غاباتها الخضراء الممتعة للعين. أما إذا قصدت البلدة فينتابك شعور وكأنك أنت ربّ المنزل، فالتماسك الشديد بين أهل البلدة لا يقل تماسكاً مع الضيف من أينما أتى. والترحيب الصادق يدغدغ مشاعره ويدفعه للإقامة صيفاً شتاءً في هذه البلدة. خصوصاً أن «بيت مري» تتمتع بمناخ معتدل خلال الفصول الأربعة، وارتفاعها عن تلوث المدينة جعل منها منتجعاً صحياً. كما أن قرب مسافتها من العاصمة بيروت دفع بالكثيرين لاعتمادها مقراً دائماً لسكنهم، بالاضافة الى تعدد النوافذ المؤدية إليها.توفّر «بيت مري» لسكانها وزائريها كل مقومات الراحة والترفيه من فنادق ومطاعم ومنتجعات سياحية ونواد رياضية ومراكز خدماتية وحدائق عامة ومستوصفات... كذلك تواكب التطور التقني، خصوصاً المعلوماتي لكي تكون السبّاقة دائماً الى توفير كل مستلزمات هذا العصر. ويعتبر «فندق البستان» الذي تفخر به البلدة، واحداً من أشهر الفنادق في لبنان والعالم العربي، وقد أثبت جدارته وتفوّقه على مدى سنين طويلة ، ولا ننسى «مهرجان البستان الدولي» الذي يقام سنوياً ولمدة أسبوع أو أسبوعين ويضم برامج فنية وثقافية متنوّعة بين حفلات موسيقية راقية واستعراضات تراثية ومعارض للرسم والنحت..وتضم «بيت مري» أيضاً عدداً من الفنادق الصغيرة .