الحكمة ضالة المؤمن ، أينما وجدها فهو أحق بها !! وأقوى نص شرعي قرن بين العلم والإيمان قوله تعالى في سورة ( محمد ) : « فاعلم انه لا إله إلاَّ الله ، واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ..» فجعلت الآية العلم مستوعباً للإيمان .. وضرورة يقررها في مباحثه ودلالاته . والجهل مقبرة لأصحابه .. إذ هو قيد عنيد يحول بينهم وبين الوصول إلى مفاتح التطور والرقي والنهضة ويأسرهم في أسوأ مستويات عيشهم بين الأمم ! ذمه الله تعالى بقوله في سورة النحل :((... إن الذين يفترون على الله الكذب لايفلحون)) (116) “ ! “ وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( من سلك طريقاً يلتمس به علماً، سهل الله له طريقاً إلى الجنة )) “ ! “ ولله درّ القائل وهو يصف الجهل :وفي الجهل قبل الموت موت لأهله [c1] *** [/c]وأجسامهم قبل القبور قبوروأرواحهم في وحشة من جسومهم [c1] *** [/c] وليس لهم قبل النشور نشوران هذا الجهل وهو كلمة أحرفها قليلة ، ومعناها يحوي الفواجع وما ينتجه من أشواك ومصائب لا تتعدى أصحابه فقط بل يصل ضرره إلى كل أركان الدنيا ، ويبلغ أذاه مدى يجعل من محوه والسعي إلى مكافحته واجباً على كل العلماء والحكماء والدعاة وطلبة العلم في كل مكان وزمان ! . وإذا كان قدر كل امرئ ما كان يحسنه ، والجاهلون لأهل العلم أعداء “!” وإذا كان الجهل هو سبب المصائب التي تحيق بالأمة في كل الأدوار والمنعطفات .. فإن العلم كذلك إذا لم يحسن القائمون به تبليغه إلى الغير ، وإذا لم يرتق أهله إلى مستوى المسؤولية التي تقدرها الضرورة والمصالح واختلاف الزمان وتطور الحياة الطبيعية فإنه قد يصح مع الإخلال بذلك قول قائل: ومن العلم ما قتل !! وثمة حقيقة لا مفر من الاعتراف بها ، هي أن العلم والفكر من موضوعات العقل الإنساني وإفرازاته وليس فيها شيء مصبوغ بالعصمة ، ومحجوز بالخط الأحمر لا يمكن الحديث حوله أو نقده أو تقديم أفكار ومدلولات تصادم بعض موضوعات عفا عليها الدهر وكشف التطور الاجتماعي والجدل الفكري عقمها وفساد صلاحيتها !! . ولذلك ربما أصاب المدعون أن كل المصائب هي وليدة الجهل .. ومنها التطرف وادعاء النيابة عن الله على الخلق .. لذلك لا تجد هناك من يحتضن اداة الإرهاب ، ويتقن لغته التكفيرية ، غير الجهلة والمتخلفين الذين لم يحسنوا إعمال الدين في الحياة ، ولا إعمال العقل في التاريخ .. ولا إعمال الفكر في الدين نفسه ! بل تقدم العالم من حولهم ، وبقوا هم في حضيض التخلف لا يعرفون حتى صناعة الإبرة ( ! ) ، ومع ذلك يحسبون أنهم مهتدون فيزعمون هذا التخلف إيماناً .. والتقدم كفراً وجهلاً ( ! ) وعند هذا المفترق فقط يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ! .. ويميز الله الخبيث من الطيب ! ، ويمحّص الجهل من العلم ! .. ويبقى أهل العلم في نورهم ! .. والمتخلفون في ظلمات قبور الجهل يهيمون !! .. ولله في خلقه شؤون ( ! ) .
قبور قبل القبور .. !!
أخبار متعلقة