قصة قصيرة
انطلقت سيارة الأجرة مسرعة على الطريق السريع وسرعتها بلغت 100 كيلو متر في الساعة كان سائق السيارة يتجاوز السيارات أمامه بحرفنة واضحة منسجماً مع الأغنية الصباحية التي تبثها الراديو المثبتة أمامه كان الركاب المحشورون داخل السيارة يتمايلون يميناً ويساراً حسب ميلان السيارة بهم.. لم يستطع الراكب الجالس بجانب السائق أن يحبس خوفه في جوفه وهو يشعر أن السيارة تكاد تطير بهم من شدة السرعة قال بصوت متردد ممتزج بشيء من الخوف:- سيدي السائق!! هلاّ خففت من سرعة السيارة قليلاً؟!!.أتبسم السائق وهو يتجاوز سيارة أخرى تسير بمثل سرعته ممازحاً وربما ساخراً أجاب:-لماذا؟ أتخاف السرعة ياهذا؟!!قال الرجل وقد مال جانباً وهو يتشبت بكلتا يديه بمقدمة السيارة.ومن ذا الذي لا يخاف من سرعةٍ مجنونةٍ كهذه!؟ ثم انه ليس هذا ما اقصده ألا ترى بأن كل الحوادث التي تقع عادة تأتي بسبب هذه السرعة المجنونة!!ضحك السائق الشاب متهكماً وهو يقول بشيء من الغرور:-لا تخف إنني أسوق منذ خمس سنواتٍ أو أكثر ولم أتسبب في حادثٍ واحد إنني محترف سياقة.قال الرجل محذراً ساخراً:-اسمع ياسيدي السائق المحترف دع الغرور جانباً، الموت والحياة ينتصبان أمامك، وبيدك وحدك أن تختار احدهما..قهقهة السائق ساخراً متهكماً أكثر:من قال هذه الحكمة المأثورة؟!صرخ الرجل بغيظ وغضب:رجل حقير بائس سيء الحظ أن صعد بسيارتك.أجابه السائق مقطباً:اهدأ ياعزيزي فالموت والحياة بيد اللهقال الرجل مؤكداً:نعم وانا لم اقل غير ذلك، ولكن عليك بالحذر!لوى السائق شفتيه قائلاً:ولكن الحذر لا يمنع القدر ياعزيزي إذا كنت تقصد ذلك!صاح الرجل بحدةٍ:ذلك صحيح ولكنني ارغب في أن يجدوا أجسادنا كاملة على أن يلتقطونا أجزاءً متفرقة من كل مكان هل فهمت؟! هذا ما اقصده!همهم الركاب خلفه باستياءٍ واضح بينما صرخ احدهم متذمراً:-يا أخي فال الله ولا فالك، أي فم سييءٍ تمتلكه .. تحدث عن نفسك يا هذا ولا تقحمنا معك، عليك اللعنة.قال الرجل مدافعاً عن نفسه، بينما كان السائق يبتسم بتعالٍ:- المعذرة ياسيدي، إنني لم اقل شيئاً يستوجب عليه اللعن والشتم الأولى أن توجه غضبك إلى السائق المستهتر فهو لا يقيم وزناً لأحد منا.فإذا ما حدث شيء لا سمح الله، فلن يكون هناك متسع للوقت في إلقاء اللوم على احد..في هذه الأثناء كانت هناك سيارة خلفهم تسير بسرعةٍ اكبر محاولة تجاوزهم في اللحظة التي كان سائق السيارة يهم بتجاوز سيارة أمامه ولم يرها وكادت ترتطم بهم لف السائق مقود سيارته ليتحاشاها فاصطدمت بمؤخرة السيارة أمامه التي كان يريد تجاوزها وعندما ضغط على فرامل سيارته انحرفت بقوةٍ عن الطريق فارتطمت بها السيارة المسرعة خلفه والتي لم يستطع سائقها أن يتحكم بها نتيجة لسرعتها، ارتطمت بالرصيف وطارت في الهواء ثم تقلبت كصفيحة فارغة تحولت إلى كتلة من الحديد..كان الجميع ينظر إلى ذلك الحادث والى تلك السيارة التي لم تعد كذلك وعلى وجه كل واحدٍ منهم ارتسمت كثيرة من المشاعر المختلفة.