الاقتصاد التونسي على درب النجاعة واكتساب مؤشرات الامتياز
صنعاء / متابعة رمزي الحزمي :واصل الاقتصاد التونسي خلال سنة 2006 مساره على درب النجاعة واكتساب مؤشرات الامتياز والمرور بالتالي من اقتصاد مسير الى اقتصاد متحرر.ويرتكز الأنموذج التنموي التونسي على تلازم وتناسق البعدين الاقتصادي والاجتماعي تؤشر له اختيارات متناسقة تضمنها البرنامج الرئاسي لتونس الغد (2004 / 2009).وقد تمكنت تونس بفضل هذا الأنموذج من مجابهة الصدمات الخارجية والداخلية (تقلبات مناخية وأزمات عالمية وتقلب عملات المديونية والاستثمار وارتفاع اسعار البترول...)وتحقيق نسبة نمو ديناميكية ومتواصلة مما أضفى على البلاد صورة مشعة على الصعيد العالمي .ويتجلى هذا الإشعاع بالخصوص من خلال التقارير السنوية الصادرة عن هيئات عالمية مشهود لها بالموضوعية والمصداقية ومنظمات غير حكومية تحظى مواقفها بتقدير واحترام عالم الاعمال.فعلى سبيل الذكر لا الحصر صنف التقرير السنوي لمنتدى دافوس حول المنافسة 2006 / 2007 تونس في المرتبة 30 على المستوى العالمي .علما وان هذا التقرير السنوي حول القدرة التنافسية يعتمد في تصنيفه السنوي على مؤشرات التنمية التكنولوجية وقدرات الهياكل العمومية وجودة المحيط الاقتصادي الشامل .ويقيم هذا التصنيف الدليل بصفة جلية على أن تنافسية الاقتصاد التونسي تتطور بنسق تصاعدي جلي .فبالنسبة لسنة 2006 سجلت القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني تقدما بـ 7 مراكز مقارنة بتصنيف سنة 2005 ويعتبر واضعو التقرير وهم نخبة من الخبراء الاقتصاديين العالميين أن هذا التصنيف يعتبر ثمرة التقدم المؤسساتي الهام الذي توفقت تونس إلى انجازه .وبموجب هذا التصنيف تتقدم تونس بفضل انجازاتها الاقتصادية المعترف بها عالميا على حوالي عشرين بلد من منطقة الاورو على غرار البرتغال (المركز 34) وسلوفاكيا (37 ) ومالطا (39) وإيطاليا (42) واليونان (47).وعلى المستوى المغاربي تحتل تونس مركزا متقدما جدا قبل المغرب (70) والجزائر (76) ومصر (82).وإجمالاً تتواجد تونس ضمن مجموعة أحسن البلدان الصاعدة كما أنها تحتل المرتبة 58 ضمن آخر تقرير للبنك العالمي حول مناخ الاعمال والمرتبة 89 في مجال التنمية البشرية ( برنامج الأمم المتحدة للتنمية) والمركز 67 ضمن كوكبة البلدان المصدرة .كما أنها تأتي في المرتبة 49 حسب المنظمة العالمية للشفافية. وتعتبر هذه المصداقية المعترف بها عالميا بمثابة المكافأة لتونس اعترافا بالمجهودات التي بذلتها لدفع النمو حيث أقرت بالنسبة لسنة 2006 تطورا للإنتاج الداخلي الخام بنسبة 3 ر5 بالمائة مقابل 8ر5 بالمائة متوقعة .وقد استفادت الطبقة الوسطية من التونسيين الذين يمثلون 80 في المائة من مجموع السكان من هذه الديناميكية الاقتصادية حيث ساهمت بصفة جلية في تحسين مستوى عيشها خلال سنة 2006 وعلى هذا الأساس يقدر الإنتاج الداخلي الخام للفرد ب3683 دينار مقابل 1766 دينار سنة 2004 كما سجل البرنامج الأممي للتنمية ما توفقت تونس لتحقيقه في خصوص انخفاض مستوى الفقر حيث لا يتعدى عدد السكان الذين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم 3.9 بالمائة.كما كان تحسن مستوى عيش السكان مرفوقاً بتطور اجتماعي هام في مجال الأمل في الحياة والصحة والتمدرس ومكانة المرأة في المجتمع .ومن هذه الصفحات الناصعة للاقتصاد الوطني كذلك تطور الاستثمارات المباشرة الأجنبية والاستثمارات الحافظية سنة 2006 حيث ارتفعت قيمتها خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2005 ليبلغ 778 مليون دينار مقابل 1ر1 مليار دينار متوقعة لكامل السنة .ويبين التوزيع القطاعي لهذه الاستثمارات انها اتجهت بصفة خاصة لقطاعات الطاقة والسياحة التي ارتفع نسقها على التوالي ب 39.5بالمائة و37 بالمائة .ويأتي تحكم تونس في تداينها الخارجي ضمن الانجازات التي تحسب لفائدة الاقتصاد التونسي ناهيك عن هذا التداين يبقى ضروريا لتمكين البلاد من دفع الاستثمار وتحسين مناخ الاعمال وتعصير البنية التحتية والنهوض بالإجراءات والتراتيب .وتعتبر تونس في هذا المجال انطلاقا من تصنيفها ضمن هذا الباب من البلدان القلائل التي لم تلجا إلى إعادة جدولة ديونها رغم صعوبة الظروف .كما أنها تعتبر من البلدان القلائل التي تقوم بتسديد ديونها في الاجال المحددة مما أهلها للحصول على قروض من الاسواق المالية العالمية الخاصة التي تمنح القروض دون شروط متابعة .كما شهدت سنة 2006 إجراء تحديثيا هاما تمثل في قرار السلطة العمومية تخصيص جزء من مداخيل الخوصصة الجزئية لاتصالات تونس والتي آلت للمجمع الإماراتي تيكوم بقيمة جملية بلغت 052ر3 مليار دينار لتسديد الدين العمومي الخارجي قبل بلوغ اجله .ومن شأن هذا الإجراء يمكِّن تونس من الاقتراب سنة 2006 من مستوى تداين بنسبة 55 بالمائة من الناتج الداخلي الخام مقابل 58 بالمائة سابقاً.علما وان البرنامج الرئاسي كان قد حدد مستوى تداين بنسبة 5ر46 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في أفق 2009 وبقطع النظر عن هذه الشهادات الصادرة عن الأوساط العالمية إزاء الاقتصاد التونسي فان المحيط الاقتصادي للبلاد يتميز كذلك بالتحكم في المصاريف العمومية وفي عجز الميزانية فضلا عن مراقبة التضخم والصرف .وقد تم تصنيف تونس في هذا المجال ضمن التقرير العالمي حول التنافسية في مجال أحكام التصرف في المصاريف العمومية حيث تحتل المرتبة الثالثة في خصوص حسن التصرف في المصاريف العمومية بعد سنغافورة واسلندا كما أنها تحتل المرتبة العاشرة في ما يتعلق بتكافؤ الفرص وعدم المحاباة في قرارات الموظفين .وبالنسبة للتضخم يشير البنك المركزي التونسي خلال شهر أكتوبر 2006 أن التطور العام للأسعار يضفي بعض الضغوطات على التوازنات العامة وتنافسية الاقتصاد الوطني .وقد استقر التضخم في حدود 7ر4 بالمائة خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2006 .وقد قرر البنك المركزي في نهاية شهر سبتمبر الترفيع بربع نقطة في نسبة الفائدة الرئيسية التي ارتفعت من 5 بالمائة الى 25ر5 بالمائة وذلك بهدف التحكم في هذا التضخم .وعلى صعيد سياسة الصرف تجدر الإشارة إلى الملاحظات التي صدرت عن بعثة صندوق النقد الدولي الى تونس خلال شهر مايو 2006 حيث جاء في تقريرها بالخصوص أن " الإصلاحات الجوهرية التي ترافقت مع سياسة صرف مرنة ساهمت في دعم تنافسية الاقتصاد التونسي وتنمية الصادرات ".وتعتبر هذه الشهادة دليلا على صحة ودقة سياسة الصرف التي تتبعها تونس. ويبين التحليل القطاعي أن السياحة التي تقدر مداخيلها الى غاية 20 أكتوبر 2006 ب2248 مليون دينار سجلت تطورا مطردا بارتفاع بنسبة 5 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2005 .كما سجل القطاع الفلاحي تطورا هاما حيث بلغت محاصيل الحبوب حوالي 16 مليون قنطار وسجلت المحاصيل من زيت الزيتون والقوارص والتمور نتائج طيبة خلال موسم 2006 / 2007 إذ بلغت محاصيل هذه القطاعات على التوالي 160 ألف طن و225 ألف طن و128 ألف طن.وفي المجال الصناعي تبرز الأرقام المتوفرة النتائج الطيبة التي سجلها قطاع النسيج خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2006. فبعد سداسية أولى متسمة ببعض الصعوبات استرجع القطاع حيويته في الثلاثية الثالثة من سنة 2006 فخلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2006سجلت الصادرات التونسية في اتجاه أوروبا خلاف اًلصادرات مجمل الدول المتوسطية انخفاضا بنسبة 9ر2 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2005 أما مؤشرات استرجاع حيوية القطاع فتبين حسب أرقام المركز الفني للنسيج أن صادرات هذا النشاط ارتفعت خلال شهر سبتمبر 2006 بنسبة 64ر9 بالمائة أي بقيمة 354 مليون دينار(213 مليون اورو) مقابل 323 مليون دينار (195 مليون اورو) خلال الفترة نفسها من سنة 2005 .وعلى هذا الأساس يقدر الارتفاع المسجل ب59ر3 بالمائة خلال الثلاثية الأولى من سنة 2006. أما بالنسبة للأشهر التسعة الأولى من نفس السنة فقد بلغت قيمة صادرات القطاع 3381 مليون دينار (2036 مليون اورو) مسجلة بذلك انخفاضا بـ 2.10 بالمائة .وتأتي هذه النتائج الايجابية لقطاع النسيج بعد تفكيك الاتفاقيات متعددة الألياف سنة 2005 والتي كان لها دور ايجابي في حماية الصادرات التونسية إذ مكنتها من مجابهة المزاحمة الشديدة في السوق الأوروبية لكبار المنتجين على غرار الصين وباكستان والهند.منوال التنمية لتونس للعشرية المقبلة 2007 / 2016 تتضمن الوثيقة التوجيهية للمخطط الحادي عشر والعشرية 2007/2016 جملة من الأبواب تتعلق بحصيلة انجازات العشرية 1997 /2006 وآفاق العشرية القادمة.وتتسم العشرية المقبلة بتعميق الإصلاحات وتسريع نسقها إذ ستشمل الخطة المقترحة تمتين الاقتصاد وتأمين صلابته بهدف تهيئته للاندماج الكامل والناجع في الاقتصاد العالمي.كما سيتم العمل على تثبيت مقومات التنمية الشاملة وتطوير الاقتصاد التونسي إلى اقتصاد مبني على المعرفة قصد توفير مصادر جديدة للنمو فضلا عن دعم الاستثمار في رأس المال البشرى واعتماد سياسات قطاعية تتماشى ومتطلبات تطوير هيكلة الاقتصاد.وتتطلع تونس خلال العشرية القادمة إلى تحقيق مستويات أفضل من الرقي و الرفاه والعيش الكريم لكل التونسيين والى التقدم بثبات في اللحاق بمصاف الدول المتقدمة.ويتمثل الهدف الرئيسي لمنوال التنمية المقترح في مضاعفة الدخل الفردي في أفق 2016 وفي التقليص في نسبة البطالة بأربع نقاط والقضاء على الفقر.- النمو:يتطلب تجسيم هذه الأهداف تحقيق نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 6.3 % خلال كامل العشرية 2007/2016 على أن تتطور هذه النسبة بصفة تصاعدية لترتقي من معدل 6.1 % خلال المخطط الحادي عشر إلى 6.5 % في المخطط الثاني عشر .- التشغيل:ينتظر إحداث 925 ألف موطن شغل جديد بمعدل 85 ألف موطن شغل في السنة خلال المخطط الحادي عشر و100 ألف موطن شغل في السنة خلال المخطط الثاني عشر.كما سيسمح نسق إحداثات الشغل المستهدف من تحقيق نسبة تغطية للطلبات الإضافية للشغل بمعدل 98.2 % خلال المخطط الحادي عشر وبمعدل 121.3 % خلال المخطط الثاني عشر.ومن المنتظر أن تتقلص نسبة البطالة من 14.2 % سنة 2006 إلى 10.3 % سنة 2016.- توزيع الدخل:سيسمح نسق النمو المستهدف من تجسيم الهدف الرئاسي المتمثل في بلوغ الدخل الفردي مستوى 5000 دينار ليصل الدخل اثر ذلك إلى مستوى 5635 دينار سنة 2011 و8000 دينار سنة 2016.-مصادر النمو:- الطلب الداخلي:يبقى تطور الاستهلاك عنصرا هاما في منوال التنمية غير أن تحقيق أهداف العشرية القادمة يتطلب الارتقاء بالاستثمار إلى مستويات ارفع لتتطور حصته من حوالي 22.7 % من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2006 إلى 25.3 % في موفى المخطط الحادي عشر والى 26.1 % في آفاق 2016.- تعزيز مساهمة القطاع الخاص في هذا المجهود لترتقي حصته من 57 % من جملة الاستثمار سنة 2006 إلى 65 % سنة 2011 و70 % سنة 2016.- تعزيز مساهمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتمثل 3 % من الناتج المحلي الإجمالي في السنة خلال العشرية 2007/2016 .-المبادلات الخارجية :يرتكز منوال التنمية على تطور الصادرات بمعدل يناهز 6.6 % بالأسعار القارة خلال المخطط 11 و7.4% خلال المخطط 12 وهي نسبة تفوق معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز مساهمة الصادرات في النمو لترتفع من 23.9 % في المخطط العاشر إلى 41 % في المخطط الحادي عشر و47.7 % خلال المخطط الثاني عشر.- الإنتاجية الجملية لعناصر الإنتاج:يفترض أن ترتقي المساهمة في النمو من 41.5 % خلال المخطط العاشر إلى 46.9 % في المخطط الحادي عشر و49 % خلال المخطط الثاني عشر.- تمويل الاقتصاد:- الترفيع في نسبة الادخار الوطني من 21.4 % سنة 2003 إلى 23.2 % سنة 2011 و 25.4 % سنة 2016.- حصر عجز المدفوعات الخارجية في حدود 2.9 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال المخطط 11 وفي حدود 2.2 خلال المخطط 12.- التخفيض في نسبة التداين من 50.2 % سنة 2006 إلى 40.5 % سنة 2011 و 33.6 % سنة 2016.وقد تمكنت تونس خلال عشر سنوات من تأمين انخراط 3470 مؤسسة صناعية من جملة 3600 مؤسسة في برنامج تأهيل المؤسسات والرفع من القدرة التنافسية للاقتصاد ودفع نسقي التشغيل والتصدير.وحسب ما أفادت به الدوائر الاقتصادية الرسمية في تونس فقد تمت المصادقة منذ عام 1995 على 2260 مخطط تأهيل باستثمارات تناهز 3412 مليون دينار تونسي و منح بقيمة 490 مليون دينارا.وقد شرعت بقية المؤسسات وعددها 1199 مؤسسة في عمليات إنجاز دراسات التشخيص وضبط الاستثمارات وتوفير موارد التمويل معتمدة في ذلك على خدمات المراكز الفنية القطاعية ومكاتب الدراسات الخاصة والقطاع البنكي.ويحتل قطاع النسيج والملابس المرتبة الأولى من حيث عدد المؤسسات التي تمت المصادقة على برامج تأهيلها حيث بلغت 957 مؤسسة أي بنسبة 42 بالمائة تليها الصناعات المختلفة بـ306 والصناعات الغذائية بـ 302 مؤسسة.ويستقطب قطاع الصناعات الغذائية نسبة 21 بالمائة من الاستثمارات المصادق عليها في حدود 711 مليون دينار وذلك لخصوصية الاستثمارات المادية لهذا القطاع باعتبار حجم ودقة معدات وتجهيزات التحويل.كما ناهز عدد المؤسسات المنتفعة بالاستثمارات التكنولوجية ذات الأولوية 1705 مؤسسة تمت المصادقة على 1578 منها باستثمارات بلغت 80 مليون ينار تونسي مما استوجب رصد 3.5 مليون دينار من المنح.وتمثل المؤسسات الصغرى والمتوسطة 68 بالمائة من جملة المصادقات على مخططات تأهيل المؤسسات الصناعية مقابل نسبة 21 بالمائة عند انطلاق برنامج تأهيل المؤسسات.