صورة للكتاب
صنعاء - سبأ:تتفاوت قصص الكاتب اليمني كمال شرف طولا وقصرا بما يوحي بتلقائية السرد، بعيدا عن قولبة الاحداث، فيما يبدو أحيانا مجرد ومضة، وأحيانا أخرى سردا لرحلة يخوضها البطل كل مرة في زمان ومكان مختلف. ففي باكورة إنتاجه الادبي الاولى بعنوان(هذيان)، الصادرة حديثا عن دار إبهار للاعلان والتسويق صنعاء، يقدم الكاتب كمال شرف من خلال تسجيله لـ( هذياناته) (أحاسيسه وانفعالاته)، تشخيص من نوع أخر لتفاصيل الواقع وجزئياته الدقيقة المركزة بلغة يمتزج فيها الشعر بالنثر. وينجح الكاتب من خلال مجموعته الصادرة في (98)صفحة من القطع الصغير في أن يثير مجموعة من الاسئلة المهمة التي لا تحتاج إلى توصيف او تعريف، حسب الدكتور عبد العزيز المقالح المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية في مقدمته للمجموعة تحت عنوان»اشارات». وبين الشعر والنثر، يتسائل مقدم المجموعة: إلى أين ينتمي هدا المستوى البديع من الكتابة ؟ هل إلى عالم الشعر أو إلى عالم النثر؟ وهل هو مجموعة من القصص القصيرة أو مجموعة من القصائد؟ قبل أن يتنبأ للكاتب ولنتاجاته الادبية، أن تحتل مكانا لائقا في الساحتين المحلية والعربية. وما بين النثر والرسم، يطعم الكاتب لوحاته الكتابية المتناثرة بمجموعة من اللوحات الابداعية التشكيلية، ليكشف عن موهبة أخرى تضاف إلى موهبته المترعة، ولا تقل في براعتها واتقانها عن براعة صاحبها في السرد. وتتباين القصص التي روى بعضها بضمير الغائب وبعضها بضمير المتكلم، حيث يستهل الكاتب أقاصيصه الموزعة على (هذيان) و(هذيان آخر) بقصة(أوصاف الحب) قبل أن يتلمس من خلال القصة التالية «تخوفات القمر « ويقف بقلبة على عتبات «مدينة الحب» . مع قصة ( بقايا عاشق)، وصف لاغراقة عاشق في أعماق الهذيان، وفي سماء الذات، وفي زحمة الكلام ولحظات الكمال يتبلور، قبل أن يتبعثر في هيئة قصة حب أفلاطونية في السراب. كما يتجلى فيها تفكير بصوت عال في وحشة الصمت، ومحاولة سردية على لسان ضمير المتكلم لبقايا روح عاشق منكسر، يسعى إلى إستجماع قواه المنهكة، ولملمه جراحه المفتوحة على أمتداد الحزن. وفي حين تبلغ قصة بقايا عاشق ثلاث صفحات لا تزيد قصة دخول خروج عن تسع كلمات وهي في تناولها تحكي دخول مريض للمستشفى بقديمة وخروج روحة من غرفة العمليات». وينهي الكاتب مجموعته بالخوض في (هذيان من نوع آخر) مع 15 قصة ،تبدأ بـ(صرخات)، وتنتهي بـ(المواجهة)، حيث يختزل الكاتب الهذيان في صورة معركة من معارك الدمار، التي يشعل حرائقها دعاة الحروب والدمار في عالم مسكون بالخطيئة والالم. ويبدأ الهذيان في مواجهة مع تعالي صفارات الانذار التي تخترق الصمت، وتحيل السكون إلى هالة من الصخب والضجيج، ولا ينتهي عند حدود القاء قذائف الموت وسقوط الضحايا والابرياء.. حيث يبقى الدمار متربعا عرش الذكريات.