مدن عربية و عالمية
تقع جزر الكناري في المحيط الأطلسي بمواجهة الشاطئ المغربي، وتكاد تكون الأقرب إلى أفريقيا منها إلى أسبانيا، تتكون من جزر مختلفة الطبيعة والتكوين، ما يجعلها مختلفة متمايزة . وتتكون جزر الكناري أساسا من أربع جزر كبرى رئيسية، تحيط بها عشرات الجزر الصغيرة المتناثرة حولها، وهي جزيرة الكناري الكبرى وتنيريفى ولانثروتي ولا بالما ، وإن كانت العاصمة سانتا كروث تقع في جزيرة تنيريفي إلا أن جزيرة الكناري الكبرى التي يسميها الأسبان غران كناريا تعتبر أكبرها حجماً وأكثرها اتساعاً، إذ تناهز مساحتها 1532 كيلومتراً مربعاً، وشكلها يكاد يكون دائرياً، وارتفاعها عن سطح الماء يصل في بعض المناطق إلى أكثر من ألفي متر.والأهمية التي تحظى بها تلك الجزر تعود إلى القرون الوسطى، إذ لعبت دوراً كبيراً خلال الرحلة التي قام بها كريستوفر كولومبس لاكتشاف أميركا اللاتينية، لأن سفنه الأربع التي حملته ومعاونيه انطلقت من ميناء قادش جنوب أسبانيا، وتوقفت في جزر الكناري للتزود بالتموين المطلوب، ومنها انطلقت الرحلات التالية إلى الاكتشاف، ما جعلها طريقاً إجبارياً للذاهبين إلى بلاد العالم الجديد.وزيارة جزيرة الكناري الكبرى متعة لا يمكن وصفها، فإلى جوار الاستمتاع بالبحر والمناخ والشواطئ، يمكن الاستمتاع أيضا بالطبيعة التي يفرضها تدرج أراضي الجزيرة ما بين مستوى سطح البحر والارتفاعات التي فرضتها طبيعتها البركانية على الكثير من أجزائها المرتفعة، ما يجعلها حديقة طبيعية للكثير من الأشجار والنباتات النادرة التي لا وجود لها إلا في تلك الجزر، ومنها الشجرة الألفية التي يطلقون عليها اسم الدراجو والتي تبدو أقرب إلى الحيوانات الديناصورية المنقرضة في خشونتها وجفاء جذعها وتشكيلها العملاق، حيث ويؤكد بعض علماء النباتات إن بعض تلك الأشجار الموجودة في الجزيرة يعود إلى اكثر من عشرة آلاف عام.وتبدو المناطق الشمالية من جزيرة الكناري الكبرى في الصباح الباكر أكثر لمعاناً تحت أشعة الشمس الأولى، لا سيما تلك المناطق الصخرية التي تبدأ في الارتفاع عن سطح البحر وتتشكل قممها الجبلية علي هيئة استدارية غريبة التكوين تعكس جمالاً فنياً نادراً لم تلمسه يد الإنسان. ففي منطقة روكي نوبلو يصل بعض ارتفاعات تلك القمم إلى أكثر من 1800 متر.وبين تلك القمم التي تكونت من البراكين الأولى، التي تعود إليها نشأة تلك الجزيرة والجزر الأخرى المجاورة، حفر عميقة حفرتها في الزمن القديم مساري المياه المتدفقة، وتتخلل هذه الحفر طبيعة الجزيرة وصولا إلى شواطئ المحيط، ما يجعلها مكامن طبيعية للكثير من الأشجار والنباتات النادرة التي انقرضت في مناطق كثيرة من العالم.وتلعب الطبيعة على شواطئ الجزيرة الكبرى دوراً مهماً في اجتذاب السياح، إذ تتكون على شواطئها دوامات هوائية جعلتها عاصمة الباحثين عن ممارسة التزلج على الأمواج، والتزلج باستخدام المظلات الهوائية، ولهذا السبب تعتبر مدرسة الإبحار الشراعي بها من أهم المدارس في العالم في هذا الشأن، وتخرج منها الكثير من الرياضيين المتخصصين في قيادة اليخوت الشراعية، وحصلوا على ميداليات ذهبية في دورات الألعاب الأولمبية.ومن يعشق الطبيعة يمكنه التوغل في الجزيرة داخلياً باتجاه القرية القديمة التي يطلقون عليها اسم أروكاس، والتي يمكن فيها تذوق الأكلات البحرية الطازجة التي تتميز بها مطاعم تلك الجزيرة وتحيط بـ اروكاس مناطق شاسعة من الطبيعة، تتناثر عليها مزارع صغيرة وقطعان الماشية التي تعتبر تربيتها المهنة الرئيسية لسكان تلك المنطقة التي تشكل أكثر مناطق الجزيرة البركانية غنى بالأعشاب والخضرة التي تضفي عليها مشهداً ساحراً.وبالقرب من تلك المزارع هناك الحديقة الطبيعية التي تعتبر من أهم المحميات التي أقامتها الحكومة حفاظاً على الكثير من الأشجار والأعشاب النادرة التي تسير في طريقها نحو الانقراض. أما عشاق البحر والشواطئ فيمكنهم الاتجاه إلى ماسبالوماس، حيث يقوم شاطئ يمتد نحو 27 كيلومتراً، ويبدأ من قرية سان بارتلوميه، مروراً بسان اغوسطين، وحتىانجلس وماسبالوماس، أو الاتجاه نحو شواطئ أجيلا حيث الشواطئ ذات الرمال الناعمة البركانية الأصل.وبعد انتهاء تلك المنطقة الشاطئية يمكن الوصول إلى منطقة ارغينيغين التي تعتبر المعبر الطبيعي إلى قرية موغان التي تشكل مستراحاً طبيعياً لمن يعشق الأسماك الأطلسية بأنواعها المتعددة، والتي يتم إعدادها بطرق مختلفة فاتحة للشهية.ومن أهم مظاهر قرية موغان تلك القنوات الطبيعية التي تتخلل شوارعها ما يجعلها أقرب إلى مدينة فينيسيا مع اختلاف الألوان، اذ يسيطر هنا اللون الأزرق الذي تعكسه أمواج المحيط على واجهات البيوت المحيطة بتلك القنوات وجدرانها .