حملة التخلُّص من الكزاز الوليدي ... تجدد واستمرار
لقاء / محمد أحمد الدبعيتتوارى أمراض ومشاكل صحية حيناً .. وحيناً تعاود الظهور مجدداً متى سنحت وواتت الفرص لظهورها.وهذا حال مرض الكزاز الوليدي ايضاً الذي يصيب المواليد حديثي الولادة بسبب الممارسات الخاطئة وغير الصحية المرتبطة بالولادة وقطع وربط الحبل السري للوليد بأداة ليست نظيفة ولا معقمة.وتحتل اليمن مرتبة متقدمة بين الدول التي ينتشر فيها مرض الكزاز، ولا يوجد فيها كغيرها من دول العالم الثالث حصر شامل ودقيق لحالات الإصابة والوفيات الناجمة من هذا المرض القاتل، إنما يكتفي بما يرد من حصر لسجلات المستشفيات الكبرى في أنحاء البلاد حول عدد حالات الإصابة وكيفيتها وعدد الوفيات.ووفق معايير منظمة الصحة العالمية فإن التخلص من الكزاز الوليدي يتحقق لدى حدوث أقل من حالة واحدة لكل ألف حالة ولادة حية، مما يستدعى بالضرورة رفع معدل التطعيم بلقاح الكزاز الوليدي ورفع معدل التغطية للولادات النظيفة والآمنة للتخلص من هذا المرض القاتل.لعكس ما تم وما سيتم من أوجه أنشطة مكافحة الكزاز الوليدي واستعرض إجراءات مواجهته، وما يزمع تنفيذه من حملة للتخلص من هذا المرض مع تفاصيل متنوعة حول هذا الموضوع .. أجرينا هذا اللقاء مع الدكتور / خالد غيلان سعيد - استشاري طب الأطفال.حيث جاء فيه..[c1]وضع الكزاز [/c] الكزاز كما هو معروف مرض عاصرته الأجيال منذ القدم ولا يزال خطره ماثلاً في زمننا هذا .. ما الذي يمكننا معرفته حول هذا المرض في هذا الإطار؟ وما السبيل للتصدي له؟- الكزاز الوليدي داء قاتل ينتشر في كثير من دول العالم الثالث والدول النامية وفي بلادنا أيضاً.تتواجد جراثيم هذا المرض في أمعاء الحيوانات والإنسان،وفيها تكون كامنة غير ضارة، وهو لا يسبب المرض والاعتلال للحيوان مطلقاً، فالإنسان المتضرر الوحيد ومن تظهر لديه الأعراض والمضاعفات بعد تلوث جرحه بمادة ملوثة بجراثيم الكزاز،أو إذا جرح _ أساساً _ بأداة حادة ملوثة (مسمار - قطعة حديد أو زجاج - شوكة) مالم يداوه ويعتني به ويتلقى الحقنة المضادة بعد حدوث الجرح أو تلوثه مباشرة.ولا يشترط وضوح تلوث الأشياء أو المواد أو الأدوات بجراثيم المرض، لأنها لا ترى بالعين المجردة كما أنها قادرة على البقاء حية لمدة طويلة في الظروف القاسية، مثل (ارتفاع درجة الحرارة - البرودة الشديدة - الجفاف)هذا يعني أن جراثيم الكزاز موجودة في البيئة من حولنا .. في كل مكان ومن هنا تأتي خطورتها لأن بإمكانها تلويث جميع أنواع الجروح.وبفعل جرح غائر في الجلد أو وخزة من أداة أو شيء ملوث بالتربة أو بغبار الشارع أو ببراز الحيوان أو الإنسان، أو بسبب تلوث الجرح بهذه الملوثات .. تستطيع جراثيم الكزاز اقتحام جسم الإنسان وبثها للسموم في الدم لتصل إلى الجهاز العصبي المركزي، وبذاك تحدث الأعراض المرضية.كما تحدث عدوى المرض عقب الولادة ووضع المولود لدى قطع الحبل السري بأداة حادة غير نظيفة أو غير معقمة، أثناء الختان. كذلك الأمر إذا وضعت مواد ملوثة على مكان الجرح بعد قطع الحبل السري أو الختان لذلك تقام دائماً حملات وأنشطة تحصين في المرافق الصحية للتخلص من هذا المرض.ولو تكلمنا عن الإجراءات اللازمة لمواجهة الكزاز الوليدي، فلا يسعني إلا أن أقول أن هناك عدة إجراءات، وهي:أولاً : الولادة النظيفة وقطع الحبل السري بأداة نظيفة ومعقمة مثل موس الحلاقة الجديد الذي يستخدم عادة لقطع الحبل السري، ولابد أيضاً أن يكون الخيط الذي يستخدم لربطه نظيفاً ومعقماً وذلك بغليهما بالماء مدة (30 دقيقة) على الأقل، ويمنع وضع أية مادة، كالتراب أو الكحل أو السمن أو أي مواد أخرى ملوثة، على سرة الوليد بعد الولادة مباشرة، لأنها قد تحتوي على ميكروب الكزازثانياً : لحماية الأم من الكزاز مدى الحياة، ولحماية وليدها في الشهرين الأولين من عمره، يكون عبر تحصين النساء في سن (15 - 45) عاماً بخمس جرعات.الأجراء الآخر تفعيل نظام المعلومات لرصد وكشف حالات الإصابة.[c1]كشف المرض[/c] كيف للأم والأسرة اكتشاف أعراض الإصابة لدى المولود؟- في معظم حالات إصابة المواليد لا تظهر الأعراض المرضية بعد العدوى مباشرة، بل بعد الولادة بثلاثة أيام وحتى ثمانية أيام. حينها تلاحظ الأم أن وليدها بعد أن كان بصحة جيدة تبدو عليه تصلبات وتشنجات في عضلات الفم والرقبة والجسم.كما ترتفع درجة حرارة جسمه وتحدث له نوبات من التشنج والاهتزاز ويزداد خفقان قلبه، ويضعف تنفسه، ويعجز عن الرضاعة والبكاء، ثم يتوفى. وغالباً الوفاة بسبب عجزه عن الرضاعة أو بسبب توقف عملية التنفس.[c1]جرعات التحصين[/c] ماذا عن لقاح الكزاز؟ وما الآثار الجانبية المرتقبة المصاحبة لأخذ الجرعة؟- يولد الأطفال محميين من الكزاز إذا كانت أمهاتهم - أساساً - حصلن على وقاية وحماية من المرض من خلال أخذهن للقاح الكزاز. حيث أنه معطل لجراثيم المرض، سليم وفعال، وأنه يؤدي إلى حماية تعتمد على عدد الجرعات. فإذا أخذت النساء منه خمس جرعات فمعنى هذا أنهن سيحصلن على وقاية وحماية من المرض مدى الحياة، وأيضاً يولد أطفالهن محميين ضد الكزاز الوليدي لفترة وجيزة تمتد إلى شهرين- تقريباً بعد الولادة.والتطعيم ضد الكزاز لا يقتصر على النساء فقط، فهناك تحصين الأطفال الرضع خلال العام الأول من العمر من خلال اللقاح الخماسي ضمن ما يسمى بمرحلة التحصين الروتيني وعلى النحو المحدد في بطاقة التطعيم الروتيني التي تعطى للطفل.ومن الممكن كذلك تطعيم الرجال وغيرهم في حالات الحوادث الناتجة عن الإصابة بأداة حادة تحدث جرحاً غائراً، مثل الشوكة أو المسمار أو الزجاج أو غيرها من الأدوات.ولقاح الكزاز عبارة عن سائل في عبوة تحوي الواحدة منها على عشر جرعات، ومقدار الجرعة الواحدة منه نصف مل.. تسحب في حقنة صغيرة، ومن ثم تحقن بها المرأة في أعلى الذراع الأيسر (العضد) عميقاً في العضلة.أما الآثار الجانبية فهي نادرة جداً، فقد تحدث حمى خفيفة في اليومين التاليين للتطعيم، وفي حالات نادرة يحدث ألم موضعي واحمرار خفيفين.ولا تعاد الجرعة أو الجرعات مطلقاً بسبب الفواصل الزمنية الطويلة بين الجرعة والأخرى، مهما طالت وتباعدت، وإذا تأخرت البعض عن أخذ الجرعة، فلا يعني هذا التخلي عن بقية الجرعات، بل لابد من استكمال كل الجرعات.وأعود لأوكد الجرعة الواحدة من اللقاح لا تكفي لتأمين الوقاية الكاملة من الكزاز الوليدي مدى الحياة، بل يجب تحصين كل النساء في الفئة العمرية من (15 _ 45 عاماً) ضد مرض الكزاز الوليدي، بالجرعات الخمس منه.جدول خاص بمواعيد أخذ النساء في عمر (15 - 45 عاماً) لجرعات لقاح الكزاز الوليدي[c1]لا موانع في التطعيم[/c] ينصح الأطباء الحوامل بعدم تعاطي الكثير من الأدوية لما لها من تأثيرات تضر بالحمل.. فهل من تأثير للقاح الكزاز على الحوامل؟ ولماذا يتم التركيز على ضرورة التطعيم خمس جرعات؟- السياسة القديمة التي اتخذتها منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة في العالم اقتضت عدم تطعيم النساء الحوامل خلال الشهور الأولى من الحمل وإنما من الشهر الرابع.لكن الأمر تغير، فمنذ فترة طويلة تحصن المرأة الحامل حتى إذا كانت في الأيام الأولى أو الأسابيع الأولى من الحمل، لأن اللقاح لا يسبب لها أية مشكلة أو ضرر.الأمر الآخر.. أن جرعة لقاح الكزاز لا تعاد حتى إن طال عليها الأمد، بل لابد أن تستكمل وتعد الجرعة التي تؤخذ بعدها جرعة ثانية، وهكذا بالنسبة لبقية الجرعات.بالتالي فإنه لابد لبقية الجرعات الأخرى أن تستكمل لأن جرعة واحدة لا تكفي - على نحو ما ذكرت آنفاً - لتأمين المناعة الدائمة للأم من الكزاز ولتأمين الوقاية اللازمة للوليد خلال الشهرين الأولين من عمره. بإمكان حدوث الحمل للمرأة في سن مبكرة قبل سن الخامسة عشر بسبب الزواج المبكر، ومن النساء من يحملن في سن متأخرة، في الثامنة والأربعين من العمر.. لماذا تستهدف بالتحصين الفئة العمرية من سن (15 - 45) عاماً بمعزل عن الأخريات التي ذكرتهن؟- ليس هناك مشكلة، فمن المعروف أن سن الإنجاب قد يمتد حتى الثامنة والأربعين من العمر. غير أن منظمة الصحة العالمية أقرت التطعيم الذي يقتصر على الفئة العمرية من سن (15 - 45 عاماً). كما أن أوضاع الحمل والإنجاب في دول العالم ليست كالأوضاع هنا؛ ففي بعض الدول تتحدد الفئات العمرية للتحصين ضد الكزاز من (15 - 35 عاماً) باعتبارها الفئة الأكثر استعداداً وتهيئاً للحمل ومن الممكن أن تتعرض للإصابة بالكزاز.[c1]الحملة في المديريات[/c] اقتصرت الحملة على مديريات معينة في بعض المحافظات.. لماذا لم تكن شاملة لجميع المحافظات؟- التطعيم ضد الكزاز له خصوصية تقتضي وجود الكادر النسائي المدرب خصوصاً في اليمن. وفي هذا صعوبة - أحياناً - لعدم توافر الكادر النسائي في بعض المراكز والوحدات الصحية بالمستوى المطلوب لتولي القيام بتطعيم الفتيات والنساء في سن (15 - 45 عاماً)، ولهذا السبب ولأسباب أخرى يفضل أن تنفذ حملة التحصين على مراحل.أما السبب الثاني فعائد للمعلومات المتاحة عن مدى انتشار المرض في المديريات وعلى أساسها يتم اختيار أو تحديد المديريات للتنفيذ طبقاً للمعلومات المتاحة عن مدى انتشار المرض في هذه المديريات.إذ ليس كل المديريات ينتشر فيها الكزاز وليس أيضاً بنفس الدرجة. لذا يتم التركيز أولاً على المديريات ذات الانتشار الأكبر للمرض.كما أننا نقوم بتحليل الوضع الصحي لكل مديرية من مديريات الجمهورية ونرى أولويات المديريات من حيث عدد حالات الإصابة بالكزاز. فعندما تكون مرتفعة في مديرية ويقابلها انخفاض في التغطية الروتينية باللقاح فإننا نعتبر هذه المديرية ذات أولوية.أضف إلى ما ذكرته من أسباب، ما يقتضيه ضمان جودة الأداء من تنفيذ لحملات تطعيم ضد الكزاز على هذا النحو بينما ما يصلنا من معلومات عن وجود حالات إصابة بالكزاز يأتينا من المستشفيات عبر النزول الميداني ومراجعة سجلات المستشفيات؛ وبالتالي نحصل على عدد حالات الكزاز وأساسها وكيفيتها ومعدل الوفيات بالمرض، ثم يتم فرز المحافظات والمديريات بحسب عدد الحالات ومعدل الوفيات..[c1]حملة التخلص من الكزاز[/c] ماذا عن الحملة الحالية للتخلص من الكزاز؟ وما النصائح التي توجهها في هذا الإطار؟- حرصت وزارة الصحة العامة والسكان ممثلة بالبرنامج الوطني للتحصين الموسع على ضمان نجاح وجودة أنشطة التطعيم ضد مرض الكزاز وعلى رف وتيرة العمل فيها من خلال المتابعة للتغطية الروتينية ومراجعة الخطط في المحافظات والتنسيق والإشراف الميداني على التدشين.بالإضافة إلى إنهاء مسألة المركزية بين المديريات. كما أننا نشيد بدعم ومساندة المنظمات العاملة في الصحة، كمنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف والذي مثل تعاونهم معنا شراكة حقيقية نعتز بها.إذ نشهد في هذه الأيام تنفيذ حملة التحصين في (60 مديرية) بمحافظات (الضالع - الحديدة - إب - لحج)، فأشير إلى أنه سينتهي تنفيذها في (17 أبريل 2008م)، وعلى الفتيات والنساء في الفئة المستهدفة اللاتي لم يتحصن بعد في الأيام الأولى للحملة في المديريات المستهدفة، أن يسارعن بالذهاب إلى مواقع التحصين، كالمراكز والوحدات الصحية والمدارس بالنسبة للطالبات.كما أن هناك مواقع أخرى لفرق التطعيم غير الثابتة سيجدنها في مناطقهن. فالتحصين ضروري لجميعهن حتى لغير المتزوجات وكذا الحوامل في أشهر الحمل المختلفة.