صنعاء/ سبأ:ليس بالضرورة أن توقع الكوارث الطبيعية خسائر في الأرواح لكي تترك أثرها في النفوس أو لكي تثير حولها الاهتمام، إذ يكفى أن تؤدي إلى انقطاع الطريق الرئيسية وعزل أكثر من 55 ألف نسمة عما يجرى حولهم لليوم الرابع عشر على التوالي .هذا ما يقوله لسان حال الكثير من أبناء منطقة الحيمة،الذين تحدثوا عن معاناتهم لوكالة الانباء اليمنية (سبأ) خلال نزولها الميداني إلى المنطقة، مبدين مخاوفهم من أن يتسبب استمرار ذلك في نقص المواد الضرورية وزيادة اسعار المتوفر منها .[c1]معاناة المواطنين[/c]لكن المعاناة حسب السكان المحليين أكبر من أن يتصورها البعيدين عن المعاناة ،يقول العزي الحضرمي من ابناء المنطقة:"الركام الزاحف يشكل مصدر تهديد لتدمير بقية المدرجات الزراعية الواقعة في النمطقة ". اما دارس الشقاقي رئيس لجنة الخدمات بالمجلس المحلي بمديرية الحيمة يقول: " الاراضي الزراعية الواقعة على المنطقة مهددة بالانزلاق حيث توجد هناك الكثير من التشققات والخوف الاكثر من انزلاقات محتمله على المنازل الواقعة اسفل الانزلاق السفلي ". فيما تكمن مخاوف الاخ محمد علي قاسم عضو في ادارة مشروع المياه بالمديرية في " إن استمرار قطع الطريق قد يؤدي إلى معاناة المواطنين من نقص المياه بسبب نقص مادة الديزل".لكن المشكلة لدى محمد صغير (سائق) تتجلى في اضطراره يوميا للمبيت فوق سيارته اسفل المنحدر نظرا لصعوبة الوصول إلى قريته". وعلى عكس محمد يرى علي محمد صالح (تاجر تجزئة) أن المشكلة في صعوبة عملية نقل المؤن الغذائية إلى المتجر، ويقول :" نضطر للاستعانه ببعض الاشخاص مقابل مبالغ معينه لنقلها إلى القرية". وتبرز معاناة ابناء المناطق المعزولة فيما حدث لاحد ابنائها الذي أصيب بازمة قلبية وحالت الانهيارات دون وصوله إلى المستشفي لتقلي العلاج".كما يعاني الكثير من أبناء المناطق "المعزولة" وهي : ("العر" ، و"بني مهلهل"، و"بني يوسف" ، و"بني عمر" و"بني الحذيفي"، و"بلاد القبائل") من ايصال مادة الغاز إلى قراهم نظرا لصعوبة ووعورة الطريق، ويرجعون السبب الرئيس وراء ارتفاع اسعار مادة الغاز لديهم بسبب انقطاع الطريق، مطالبين الجهات المختصة بسرعة التجاوب مع نداءاتهم".ويتردد المواطنين على هذه المنطقة رغم وجود تحذيرات بمنع حركة السيارات والمواطنين في الجزء المتضرر بغرض السلامة حيث وان الكتلة الركامية ما زالت تزحف وان القيام باي معالجات عاجلة غير ممكن وتم اقتراح بعض المعالجات ومنها تغيير مسار الطريق وتدعيمها تدعيما يطل من امدها.[c1]زحف التربة وتشققات[/c]يصعب على أي شخص عادي تحديد وصف معين للظاهرة وهل هي انزلاقات صخرية ام طينية غير أن تقرير فريق مشروع انتاج خارطة مخاطر الغطاء الصخري التابع لهيئة المساحة الجوليولوجية والثروات المعدنية الذي نزل للموقع كان قد وصف الظاهرة وطبيعة الانزلاق من الناحية الجيومورفولجية "بزحف التربة" (وهو وصف يستخدم للدلالة على الحركة البطيئة غير المنظورة لكتل الصخور والتربة المشبعة بالماء).واوضح التقرير أن منحدر المنطقة تكون بشكل كتل من الصخور متباينة الحجم ممتزجة مع التربة وتتخللها المياه وحدث انزلاق على مراحل زمنية متقاربة جدا واكبرها كان بمثابة انسياب سريع للمواد التي تشبعت كليا بالماء خاصة في المنحدر السفلي الواقع في اتجاه الغرب ، حيث وصل أعلى هبوط للركام في هذا الجزء الى اكثر من 25ر4 متر وعلى طول 48 مترا تقريبا . وأشار التقرير الذي أشرف عليه الدكتور اسماعيل ناصر الجند رئيس هيئة المساحة الجولوجية والثروات المعدنية الى ان هذا الانزلاق يعتبر انزلاق دوراني للركام الذي تغلب على مكوناته التربة الطينية ، وهي مواد طينية مشبعة بالماء مختلطة بالكتل الصخرية ، تتميز بأنها ضعيفة المقاومة لقوى القص المسببة للانزلاق وبالنسبة الى المنحدر الشرقي الكائن على الطريق الاسفلتي، أشار التقرير انه يبدي استقرار نسبيا ودرجة ميل المنحدر يتراوح ما بين 20 -025 درجة ، الا ان الحواف الخارجية بمحاذاة الطريق تدل على حدوث انهيار لمكونات المنحدر اكثر من مرة ، وقد تراوحت الازاحة الرأسية من سنتيمترات الى ما يقارب 3 متر والافقية المتمثلة بالشقوق من 1- 25 سم ويصل طول بعضها الى متر اكثر من 100 مترا .[c1] الماء والردميات والالغام[/c]تتعدد الاسباب وراء الانهيارات الارضية التي وقعت بداية الشهر الجاري في منطقة الحيمة وادت إلى أتلاف سيارة و66 الف متر مربع من الاراضي الزراعية ، لكن النتيجة واحدة حسب الاهالي وأن اختلفوا في تقديرها. يقول ردفان سعيد صالح مدير عام مديرية الحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء :" أن أحد أعضاء المجلس المحلي بالمديرية (تحتفظ الوكالة باسمه) قام بمنع المقاول من العمل وتكسير أقفال المعدات واخذ المعدات إلى منزله".اما الشيخ دارس الشقاقي له وجه نظر اخرى حيث يقول " أن المشكلة من بعض الموظفين في وزارة الاشغال العامة الذين يتعاملون مع الموضوع بعدم اهتمام ".لكن الاسباب كان قد لخصها تقرير فريق مشروع انتاج خارطة مخاطر الغطاء الصخري التابع لهيئة المساحة الجوليولوجية والثروات المعدنية الذي اوضح ان الانزلاق حدث على منحدر يميل بدرجة كبيرة ومكون من ركام السفوح المفككة والاتربة ، وان اعمال الشق للطريق في هذا الجزء ، كان سببا في تهيئة وتحفيز الركام لعملية الانزلاق .كما ان المنحدر العلوي الواقع نحو الشرق يعد مستقر نسبيا بينما المنحدر السفلي الواقع ناحية الغرب لا يعتبر مستقرا ، حسب التقرير الذي أكد أن السبب الرئيس لانزلاق المنحدر خاصة الاسفل الى القطع وسط المنحدر اثناء اعمال الشق للطريق وجعل بقية القطع ملعقا ، بالاضافة الى وجود طبقات مكونة من معادن الطين اسفل مكونات المنحدر سهلت عملية الانزلاق .بالاضافة إلى أن المنطقة مشبعة بالمياه حيث يظهر نبع صغير دائم الجريان طوال العام أعلى منطقة الركام المنزلق من جهة الشرق . وقد اظهر استطلاع للآهالي ان المنطقة قد تعرضت لهطول امطار غزيرة قبل اسبوعين من زحف الركام وان مستوى هطول الامطار الموسمية كانت اكثر غزارة هذا العام ، علاوة على أن الحركة المستمرة للمركبات على الطريق عملت على خلخلة مواد الركام واضعاف قوى تماسكها من خلال الاهتزازات التي تولدها ، بالاضافة الى فعل آله التكسير بالدق ، وكثرة استخدام (الالغام) في عملية الشق ، وكذا زيادة الاحمال باضافة مواد الردم عند المنحدر الشرقي .[c1]مقترحات[/c]وكان التقرير قد وضع عدد من المعالجات أهمهما:- تصريف المياه بصورة سليمة بحيث يمنع تغلغلها بالتربة الواقعة تحت الطبقة الاسفلتية وذلك من خلال عمل عبارة لتصريف المياه بحيث ترصف بالاحجار الغير منفذة والمؤن الإسمنتية وذلك بمحاذاة الطريق من الداخل ، وكذا عمل قناة / عبارة / على طول الحافة الخارجية لنفس الطريق لمنع تسرب للمياه الى طبقة التربة تحت الاسفلت ،وتوصيل مياه للنبع عبر انبوب مناسب الى مكان يمكن الاهالي من الاستفادة من هذه المياه وبحيث يمنع وصل هذه المياه الى الطريق او طبقات التربة المجاورة تحاشيا من الحاق اي اضرار.- تدعيم المنحدر بالطرق الإنشائية المناسبة مثل جدران ساندة أو غيرها لوقع ومنع عملية الإنزلاق وتقسم المنحد الى مدرجات وغرسها بالاشجار المناسبة لتساعد على استقرار المنحدر.-في حالة عدم امكانية تنفيذ الفقرة (2) لاسباب انشائية او زيادة في الكلفة الاقتصادية اقترح دراسة امكانية تحويل الطريق من فوق المنحد الشرقي في اتجاه الجنوب الغربي .-العمل باهتمام في تنفيذ انسب المعالجات المقترحة وسرعة تنفيذ المعالجات لعدم وجود طريق بديل تخدم المنطقة وتلبي متطلبات السكان .- عدم اللجوء للعشوائية عند تنفيذ مشاريع الطرق بجميع انواعها ، وضرورة الاستعانة بمتخصصين جيولوجيين عند وجود اشكالات من هذا النوع .- عدم اغفال الدراسات الجيولوجية في أعمال التحري الموقعي لأي أعمال إنشائية وخاصة مشاريع الطرق وتجنيب خزينة الدولة الخسائر الاقتصادية الكبيرة.
الانزلاق الأرضي بالحيمة.. كارثة مرشحة للتطور
أخبار متعلقة