أقواس
إلى وقت قريب، وتحديداً في السبعينات من القرن الماضي،كانت هناك غرفة أو غرفتان متجاورتان في مدخل المعلا من جبل حديد، تسمى هذه المنطقة حسب المعروف والملموس تاريخيا (باب السلب) حيث كان الدخول إلى المدينة عبر هذا المنفذ عبر العقبة (الشصر) ولم يكن طريق المحكمة قد شق بعد. باب السلب .. يقال إنه كان يتم فيه سلب الناس حقهم، لكن لمؤكد أنه ليس سلبا أي نهباً، بل كان سلباً (بفتح اللام) وليس بتسكينه وهو أي الموقع كان بمتابعة نقطة تفتيش لكل داخل للمدينة ولايحق لأي كان إدخال حتى لو سكينا، فما بالنا بالسلاح، لذلك كان يتم سلب السلاح بكافة أنواعه ويحفظ أمانة إلى عند ساعة الخروج من المدينة ومن ثم يستلم الشخص ما يخصه .. وهنا يتبين لنا الفرق بين كلمتي (سلب) و (سلب) ... والعهدة على الرواة إن لم نكن قد أصبنا كبد الحقيقية!وكان هناك نظام صارم لدخول المدينة،يحتم على الاغراب غير ساكني المدينة مغادرتها قبل المغرب، والا تعرضوا لغرامة أو ما نسميها ضريبة إقامة، بمثلما يدفع اليوم لقاء المبيت في فندق أو لوكندة ... وهكذا .. وهو يعني تعزيز دور (باب السلب) بكل إجراءاته الصارمة فأمن المدينة يبدأ من هذه النقطة ولذلك كانت مضرب الأمثال على تنفيذ القانون بدون إبطاء. باب السلب اليوم بفعل الحاجة وطلب الناس للسكن وإهمال الحكومة للتخطيط العمراني بسبب ذلك اختفى الأثر وضاعت ملامحه وتحول إلى منطقة سكنية لا تعبر عن الأثر ولا يتشرف ساكنوها بأن يحملوا الأسم ذاته لأن نوعية البناء كانت مميزة وتشبه إلى حد بعيد مع فارق في الشكل بوابة (براندينبورج) في المانيا من حيث المكانة والأهمية، ولكن ماذا نقول .. فكل أثر تحول إلى (أطلال) وذكريات لم يعد يذكر منها إلى الكلمات .. أما الواقع فهو في الحضيض! وكان أحد سكان هذه المنطقة أحتج على تسمية المنتزه المقابل للباب (مطاعم الحمراء) وقال وهو محق في ذلك لماذا لم يسموها منتزه ومطاعم (باب السلب) وقد أعجبني كلامه وغيرته على الاسم لكنه لم يفقه إلى أنه مع أحترامي له هو أول من تنكر لهذا الأثر وبنى عشوائياً، أو بترخيص سكناً له ولأسرته، ما يعني ضياع الموقع بكل تاريخه وعراقته ونفس الحال حدث ويحدث لمواقع كثيرة، لعل استراحة أروى في عقبة عدن (البوابة) قد هدمت وتم بناء هيكل شيطاني مكانها ، وحرم أهالي عدن كافة من التنزه في الموقع ورؤية ما خلق الله في البحر وما وضع لنا سبحانه في هذه الدنيا من أماكن كان يجب أن نحميها مهما كلفنا ذلك من تضحيات .. ولكن .. لا تفيد الإفي تذكر الأطلال وندب الحال وسوء المآل! فماذا نحن فاعلون بعد هذا !؟!