قصة قصيرة
جمال عبدالواحدعند وجبة العشاء، اجتمع الأب والأم والأولاد السبعة، جميعهم هذه المرة حول وجبة طعام، لم يتخلف أحد، ولم يرد أي عذر؛ لأي أحد.وكانت الأعذار تفرقهم عند كل وجبة، هذا شابع، وذلك أكل قرن ديمن، والثالث بطنه تؤلمه، والرابع شرب ماء للتو، وهكذا....تلاشت الأعذار والعشاء هذا المساء على غير العادة، حبتان من البيض، مع قليل من البصل والبسباس الأخضر، وكثير من الملح والماء.خلال دقائق قليلة، كانت الطبخةالشهية، مع أقراص الخبز السبعة قد تماهت من على المائدة، حالها حال عطر الكولون من على راحة اليد.- قال أيمن _ وكان قد قام يتدرب لتقوية عضلاته، بوسيلة أعدها هو بنفسه مكونة من علبتي حليب كبيرتين فارغتين، محشوتان بخلطة أحجار وإسمنت، ويصل بينهما قضيب حديدي متين (لوأنني أتعشى بمثل هذه الوجبة كل يوم، سأصبح بطل الجمهورية في رفع الأثقال).- قالت يمنى _ وكانت ولا تزال تلحس خلف راحة يدها (إنّ إيجار البيت الذي يدفعه أبي، يكفي لأن يعشينا طوال الشهر دجاجًا لا بيضًا، واستدركت لكن أبي لا يريد أن يفعل كما يفعل الناس._ قالت أمنيات _ وكانت تلتقط بعض فتات الخبز الساقطة (في بيت الجيران يأكلون كل يوم لحم وصيد، وعاد أبوهم في السعودية، كيف لو كان بينهم!!!)- قال أكرم _ (وأنا أمس رحت بيت بسام وبسمة وأكلونا سكريم كثير، الثلاجة حقهم مليانة سكريم وفواكه، لو كان أبي بالإمارات زي أبوهم، بانأكل كل يوم سكريم).- (كل يوم بسباس أخضر) قالت الأم :التي كانت تكشف عن صدرها وهي ترضع صغيرتها، صدر تتخلل هيكله العظمي عروق خضراء، مثل فروع شجرة مقلوبة جذعها في الأعلى، وفروعها في الأسفل، مثل هذا وكانت تلف آخر قطعة بسباس بآخر قطعة خبز، واضافت (لو كان أبوكم اشترى لي صندقة زمان بألف شلن، لكان يوفر الآن عشرة آلاف ريال شهريًا..... حق الإيجار.. ترفع هو من أن يرد على أي منهم، وبدأ يرتفع على السلم درجة درجة إلى أن وصل إلى السطح.هذا هو مكان راحته اليومية، على الركن الصغير جلس القرفصاء، متحاشيًا أن يقع شيئًا من كوب الشاي الأحمر.- سأطعمه ربما يكون مهيلاً، لاأنّه ليس كذلك، وتذكر أنّ زوجته أخبرته قبل أسبوع أنّ الهيل الذي أهداه إياه حمود ابن المهاجر عبد الله علوي قد انتهى.أسند ظهره إلى الجدار خلفه، رفع عينيه إلى السماء، أنّها صافية هذه الليلة، ونجومها تتلألأ، القمر لم يظهر بعد، وتلك النجمة الموازية لخط عيوني في أسفل السماء، ربما تكون نجمة الصبح، تبدو أسفلها هللة ضوء تبشر بظهور القمر قريبًا، خلف عمارة السيد، عمارة قاسم أصبحت أطول من عمارة السيد، قاسم هذا رجل لا بأس به؛ إنّه لا يزال يعترف بأنني درسته في يوم من الأيام قبل 30 سنة، في قريتهم بيافع، والسنة الماضية عندما عاد من المهجر أهداني قارورة عطر.كما أنّه في الأسبوع الماضي أرسل لي ما يقارب رطل لحم وكان أكثر من نصفه شحم، وذلك عندما ذبح عجلاً بمناسبة نجاح ابنه في الصف الأول ابتدائي، بدرجة مقبول.ما لها عمارة حسن حسين!!!هل غيروا لونها الأصفر، أراها مطلية باللون البُني، ربما يكون ذلك قد حصل أثناء غيابي في امتحانات الثانوية العامة، ولكن حتى براميل الماء التي تبدو بارزة في الأعلى؛ كأنّها عيون صفافة، لونها تغير هو أيضًا أنّه لون أسود.. أسود على بني.هذه ليست عمارة ..... هذه صفافة متعلقة بأهداب عيني... صفافة.. صفافة عملاقة.. صفاف... صفاف.- صابر _ قُم، قُم ربما أصابك البعوض وسبب لك الحمى.انتفض واقفًا، وأدرك أنّ فنجان الشاي قد انقلب، وأنّ الشاي الأحمر غير المهيل، لا يزال يأخذ طريقه ببطء، متخللاً أخاديد السقف القديم التي تشبه أخاديد جبهته.