قراءة نقدية في “امرأة تحت المطر” للقاصة/ فاطمة رشاد
د/ زينب حزامالتجهيز لقراءة أعمال الكاتبة اليمنية فاطمة رشاد أمر مشوق وشاق في آن واحد خصوصاً وأن هذه المجموعة القصصية “امرأة تحت المطر” هي أول عمل أدبي لها حيث نجد متعة القراءة تظل مشوبة بالتوتر خشية التقصير.وتتبع سيرتها الذاتية فسحة مصحوبة باستغراب حجم التجربة والدأب وانتقاء الكلمات الناقدة تتطلب مفاصلة مرهقة وبخاصة وأنها كاتبة رقيقة وعملية جذبتها الفلسفة اليونانية والعربية مبكراً ما أثرت على كتاباتها القصصية والتي نلاحظها في هذه المجموعة القصصية “امرأة تحت المطر” .ولئن كانت الكاتبة فاطمة رشاد في طوافها الإبداعي والنقدي قد جربت أنواع الكتابة الصحفية وعايشتها بكل أشكالها فإن النمرة التي اختارتها وتطل (المكث) معها على حد تعبيرها القصصي المشبع بعمق الثقافة اليمنية كانت تتمثل على وجه التحديد في هذه المجموعة القصصية “امرأة تحت المطر” فقد أدخلتها عالم القصص القصيرة كمبدعة وهي مازالت شابة رقيقة الوجدان والمشاعر مسحورة بعالم التخيل ومصارعة التقاليد البالية التي كانت ومازالت تسيطر على المجتمع اليمني.ومن الملاحظ عند قراءة هذه المجموعة القصصية “امرأة تحت المطر” هناك تطابقاً مدهشاً بين طبيعة الكاتبة فاطمة رشاد وخواص هذا الجنس الأدبي الذي اختارت التركيز عليه فتعبر عن شاعرية فاطمة رشاد التي تمتلك أقصى درجة الحب وحرارة الصدق في التعامل مع المحيطين حولها وقد عكست هذه المشاعر الطيبة في كتابتها القصصية وتنمية حسن الاعتراف لديها عبر الممارسة الإبداعية في مجتمع يعادي إلى حد مريع هذا الحس ويصير على خنقه وسط ركام زائف من النفاق والحياء معاً.وبما أن خاصية تعدد الأصوات القصصية وقيامها بدور الأقنعة الشخصية بما يسمح بتوزيع الحقائق الوجودية عليها بشكل مراوغ تجعل فن القص مؤهلاً بامتياز لتجسيد حس البوح من جانب وإشباع أخلاقية القارئ السطحية باسناد مدار الأمر كله إلى عملية التخيل من جانب آخر فإن القارئ للمجموعة القصصية “امرأة تحت المطر” للكاتبة فاطمة رشاد سيجد الفن القصصي القادر على الاعتراف المراوغ بأكثر أشياء الوجود حميمة فهي الكفيلة بتعرف الإنسان حتى مخ عظامه مع الإبقاء على طبقة من الدفء الحنون تحيط به وقد وجد فيها فاطمة رشاد منفذه لطاقتها الإبداعية ومعرضة لقدراتها الفذة على خلق الشخوص والمواقف التي تستطيع أن تتلاعب بها وتنفث في كل منها شيئاً من بوحها الحميم المجنون بالحياة وحيرتها الممضة في أقدارها ونهاياتها.[c1]خيال خصب[/c]في هذه المجموعة خيال خصب تصور فيه الكاتبة فاطمة رشاد المرأة اليمنية سواء كانت طالبة أو باحثة أو أديبة تريد التحرر من قيود الحفظ والمحاكاة لتكتب ما تفكر فيه وتعبر عما تشعر به لم يكن بإمكانها أن تتجاوز واجبات الدراسة كما يطلبها الأستاذ أو كما يحددها شرط النجاح لعمل المرأة اليمنية في المجتمع شرط أساسي أنها تعمل في سبيل تأمينها مصدر رزقها ورزق أولادها وهذا نجده واضح في المجموعة القصصية للكاتبة فاطمة رشاد والتي تقول أن بطلة قصصها هي امرأة يمنية جميلة الوجه في طلعة الصبح شابة الجسم شباب الضحى ملتهبة الأنوثة كشعاع الظهيرة رقيقة الطبع رقة الأصيل زاهية المنظر في مثل شفق المغرب من تأنقها ثم هي تنتهي في كل ذلك لتكن ضحية عادات وتقاليد تحرصها من التعبير عن أرائها في صنع المستحيل لبناء المجتمع المشرق بالعمل وبناء المستقبل المشرق للأجيال القادمة. [c1]الصوت النسائي ورد الفعل[/c]على أننا حين نقرأ هذه المجموعة القصصية نجدها تتميز بالصوت النسائي في الأدب القصصي وهنا نجد مدخلاً لمناقشة هذه المجموعة القصصية للكاتبة الشابة فاطمة رشاد، لا نجد مناصاً من الإشارة إلى أن هذا الصوت لا يزال يعيش مرحلة رد الفعل بالمبالغة في تصوير ما تعارف الناس عليه أنه ألصق باهتمام المرأة وطبيعتها ولا نستطيع أن نجزم هل تأخذ فاطمة رشاد موقعها الجديره به موجه يمنية في سياق موجات رد الفعل في المجتمع اليمني. أم أن هذا الاهتمام المبالغ فيه بما تعارف عليه الناس أنه من شئون النساء وخواص تفكيرهن هو ما يناسب إدراكها ويصدر عن طبيعة تكوينها والاحتمال الثاني هو الأقوى وذلك لتغلغل الطريقة النسائية ويقظتها في تدبيج دقائق التكوين الفني للقصة.ليس يكفى وليس صحيحاً أن نقول أن الاهتمام بالحب سليقة نسائية فالحب هو الموضوع الأثير في القصص منذ وجدت أما الفرق فيتجلى في طريقة تصويره وقبل ذلك في تصويره وهذا ما يميز قصص فاطمة رشاد.لقد سبقت الإشارة إلى أن عالم هذه القصص يمكن وصفه بأنه عالم من الحب وأضداده وعلاقته المثارة. وهذا التصوير الخاص لون موضوعات جميع القصص حتى تلك التي تأبى طبيعتها وتكوينها أن تدخل في وصف الحب فضلاً عن الانحصار في وصف العلاقات الإنسانية إن الكاتبة فاطمة رشاد تريد أن تكتب قصة تمجد فيها دور المرأة اليمنية في بناء المجتمع اليمني الحديث وقد جاء ذلك واضحاً في مجموعاتها القصصية «امرأة تحت المطر» وهي تصف المرأة كم هي جميلة تحسها دافئة وكأنها عشب ارتوى للتو وهدأ ومره أخرى تصفها متوهجة جريئة محبة للحياة وهذا الوصف الفني الأدبي جاء في إعادة تشكيلية في سياق العمل الفني فحسب بل في تحرير هذا الحدث الذاتي من دلالته الشخصية المحددة والارتفاع إلى مستوى الدلالة العامة أو الرمز وهذا الأمر يصعب على المرأة لشدة ارتباطها بتسلسل الأحداث في حياتها الخاصة ومعاناتها الذاتية ولقوة حواسها التي تجنح بها إلى التشخيص وتنأى بفكرها عن التجريد وهكذا ترادفت في قصص فاطمة رشاد.وفي نهاية هذه القراءة النقدية للمجموعة القصصية «امرأة تحت المطر» للكاتبة الشابة فاطمة رشاد والتي تعد هذه المجموعة القصصية من إبداعاتها التي ترقى إلى أفق إبداعاتها في فن القصة يجد فيها القارئ لغة وإفضاء وجمال الصياغة وإحكام تعبير وهندسة بناء وجدلية فكر في اتساع دائرة وعي الكاتبة بالحياة والإنسان وفي مهمة تقديم الوعي الكاشف والتحليل العميق وهو وعي يمتزج أحياناً بقدر من السخرية والرغبة في لفت الانتباه إلى أهمية التغيير في المواقف والإحساس في وضع المرأة العاملة في المجتمع اليمني وهموم المرأة ربة البيت وتعدد الزوجات والمشاكل الاجتماعية التي ترافق الأسرة في ظل هذا النظام الاجتماعي والدعوة الجادة لدعم المرأة وإتاحة الفرصة لها في بناء المجتمع الحديث.[c1]نبذة عن حياة القاصة:[/c]الاسم: فاطمة رشاد ناشر محل الميلاد: محافظة عدنالعمل الأدبي: قاصة المهنة: صحافيةالمستوى الدراسي: بكلاريوس صحافةالطموحات المستقبلية: أن ترفد الثقافة اليمنية بكل ما هو جيد وان تصير قاصة منصفة لذات النساء كلهنالنشاط الثقافي: شاركت بالعديد من المهرجانات أهمها مهرجان السرد الرابع في العاصمة صنعاء ومهرجان البلدة السياحي في حضرموت عضو في هيئة التحرير وأحد مؤسسي رابطة جدل الثقافية لها العديد من النشاطات الثقافية تعد لأصدار مجموعتها القصصية الثانية بعنوان أشياء خارج الحواس.