انقرة/14 أكتوبر/بول دي بنديرن: يشكو الأتراك المسلمون في أحيان كثيرة من أن بلادهم التي تجرى فيها انتخابات برلمانية جديدة يوم غد الأحد تصور بشكل خاطئ على أنها تتجه لأن تصبح دولة إسلامية لمجرد ان بعض النساء يردن حرية أكبر في ارتداء الحجاب. ويقولون إن المراقبين في الخارج يعجزون عن فهم الديمقراطية الكبيرة التي تمتد بين قارتي أوروبا وآسيا لأنها مزيج نادر من النظام العلماني وسكان يغلب عليهم المسلمون. وقال هيو بوب وهو كاتب يكتب عن تركيا إن "تركيا فريدة تماما بعلمانيتها العامة وتدينها الخاص." ووسط مآذن مدنها توجد أكشاك تباع فيها صحف عليها صور عارضات شبه عاريات. وتبيع الحانات أي نوع من المشروبات الكحولية. وترتدي بعض النساء الحجاب والأخريات سافرات. وبرز دور الإسلام إلى الواجهة في هذه الانتخابات وسلط الأضواء على الانقسامات العميقة مع اكتساب الطبقة الوسطى المتنامية من الأتراك المسلمين المتدينين نفوذا. وتقول أحزاب المعارضة العلمانية إن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي لزعمائه تاريخ في الإسلام السياسي يسعى لتقويض الوضع الحالي وتحويل تركيا إلى دولة تحكمها حكومة دينية على غرار إيران. ويسخر حزب العدالة من الاتهامات قائلا إن سجله في الحكم يثبت العكس. وفي الحقيقة أن سياساته كانت مؤيدة للغرب أكثر من أشد الأحزاب علمانية وحرص على تجنب النظر إليه على أنه مؤيد لزيادة دور الدين في الحياة العامة. وتظهر استطلاعات الرأي ان حزب العدالة والتنمية سيفوز بحوالي 40 في المائة من الأصوات بزيادة عدة نقاط عن عام 2002 مع دخول حزبين آخرين فقط من يمين الوسط واليمين القومي المتطرف في البرلمان. وأزعجت سلسلة من الاحتجاجات المؤيدة للعلمانية والمناهضة لحزب العدالة والتنمية في أنحاء تركيا الحكومة في الشهور الأخيرة لكن ذلك الغضب لم يؤد على ما يبدو إلى زيادة الأصوات لصالح المعارضة. كما هدد الجيش الذي أطاح بأربع حكومات آخرها "حكومة إسلاميين" قبل عشر سنوات بالتدخل في السياسية في حالة تعرض قيم الجمهورية للخطر. واضطر رئيس الوزراء طيب اردوغان للدعوة لإجراء انتخابات مبكرة بعد خسارته معركة مع الصفوة العلمانية التي تشمل جنرالات الجيش وقضاة و زعماء معارضة حول تعيين الرئيس القادم. وهيمنت العلمانية على تركيا منذ عام 1923 عندما أسس مصطفى كمال اتاتورك الجمهورية الحديثة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية وفصل بين الدين والحياة العامة. وكون أتباعه فيما بعد إيديولوجية حوله تركزت على العلمانية والقومية والدولة المركزية. وفي الثمانينات شددت القيود على الدين بشكل كبير بحظر ارتداء غطاء الرأس في الجامعات والمكاتب العامة. وقالت السلطات إن الملابس رمز قوي. وسيطرت الصفوة العلمانية لفترة طويلة على مؤسسات الدولة والصناعة والتجارة ولكن خلال العقد الماضي برزت في المدن طبقة متوسطة آخذة في النمو ذات عقلية دينية. وقالت فاطمة ديسلي وهي كاتبة عمود في صحيفة (تودايز زمان) اليومية "يزعم العلمانيون أنهم يشعرون بالخوف من فرض قيود على نمط حياتهم لكنني لا أعتقد أنها حجة صادقة. أعتقد أنهم لا يريدون مشاركة السلطة التي يتمتعون بها مع مجموعة ناشئة من الناس الذين يحاولون ممارسة (شعائر) دينهم." وأضافت "والدتي التي ترتدي غطاء الرأس لكنها لم تذهب قط للجامعة لا ينظر إليها على أنها تشكل تهديدا للعلمانيين.. لكنني أنا أشكل تهديدا لأنني أرتدي الحجاب وذهبت إلى الجامعة واعمل الآن بصحيفة." كما يتوقع ان يصوت بعض الأتراك الليبراليين لصالح حزب العدالة والتنمية ليس لأنهم يؤيدون معتقداتهم الدينية ولكن لانهم يقرون بان حزب العدالة والتنمية يحقق نتائج بشأن الاقتصاد وأن مسالة غطاء الرأس ليست مشكلة كبيرة بالنسبة لهم. وقال بوب "السؤال يتعلق بما إذا كانت الإيديولوجية (العلمانية) تناسب ما يريده غالبية الأتراك وهذا ما تدور حوله هذه الانتخابات في جانب منها." وتختلف الإحصاءات بشأن ما إذا كان مزيد من الأتراك يرتدون الحجاب الآن ولكن في حالة عودة حزب العدالة والتنمية للسلطة فسيكون لديه تفويض لتخفيف القيود على الدين وهو شيء سيثير على الأرجح توترات جديدة مع المؤسسة العلماني.