برامج الأطفال التلفزيونية
د. زينب حزام : تلعب برامج التلفزيون دوراً مهماً في حياة الأطفال منذ السنوات الأولى حتى سن المراهقة والشباب خاصة الفتيات. نتيجة العادات والتقاليد اليمنية التي تجبر كثيراً من الفتيات على البقاء في المنازل حبيسات البرامج التلفزيونية.وفي معظم الأسر نجد أن القنوات الفضائية احتلت مكانة الوالدين والمدرسين في نقل العلم والمعرفة إلى الأفراد، فأصبح التعليم يتم خارج الفصل الدراسي نتيجة انتشار القنوات الفضائية التعليمية.وخلال التسعينات من القرن الماضي انتشرت القنوات الفضائية في اليمن، وأصبح كل منزل يمتلك (الديش) وأصبحت الوسائل الإعلامية تؤثر في سلوك الفرد وتزيد المعرفة عند الأطفال عند فهم البرامج التلفزيونية وتؤثر في سلوك الإنسان بشكل عام سواء كان رجلاً أم امرأة. كالسلوك السياسي والسلوك الاجتماعي، وسلوك الاستهلاك، والصحة والتعليم، والمعارف المهنية، وأصبحت وسائل الإعلام والبرامج التلفزيونية لها دور في تكوين الصور الذهنية عند الأفراد عن الدول والمواقف والأحداث. بل يمكننا القول أنها تحدد مصير بعض الأسر، وتؤثر في تفكير الشباب وسلوكهم، حيث نجد البعض يفهم المسلسلات التلفزيونية الفهم الصحيح ويقرر المصير الهادف والمستقبل المشرف له، وكما نجد البعض يفهم المسلسلات الفهم الخاطئ وينحرف ويثير العديد من المشاكل التي تودي بحياته وتضر بالمجتمع.والبرامج التلفزيونية لا تؤثر في الشباب فقط، بل تلعب دوراً مهماً في حياة الأطفال حتى مرحلة البلوغ والنضج، أي بعد انتهاء مرحلة الطفولة، وفي دراسة ميدانية قمت بها في سنة 2007م على بعض طلاب السنة الأولى ابتدائي وأطفال في سن الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة، وجدت أن العديد من الأطفال في هذه المرحلة العمرية يمكثون ساعات طويلة أمام برامج التلفزيون والتي تبث من قناة الأطفال (سبيستون) وقناة (ام. بي . سي 3) وهناك أطفال يمكثون الساعات ما بين الساعة الخامسة حتى الساعة السابعة مساءً أمام برامج الأطفال في تلفزيون عدن. بل إن معظم الأسر أصبحت تشجع أطفالها على مشاهدة هذه البرامج المسلية والتعليمية.[c1]دور التلفزيون في تعليم وتربية الأطفال [/c]التلفزيون وسيلة شيقة تجذب الأطفال إلى برامجه ومن هذه البرامج التي تجذب الأطفال برنامج (كونان) وهو مسلسل تلفزيوني شيق يجذب الأطفال من السنوات الأولى حتى سن المراهقة، وأشهر البرامج التعليمية هو برنامج (مدينة المعلومات) وهي أحد البرامج التعليمية التي جاءت بعد البرنامج التعليمي المشهور (افتح يا سمسم).والتلفزيون وسيلة متوفرة أمام الطفل في جميع الأوقات اليوم، وهذه البرامج لا تحتاج إلى القراءة مثل الصحف والمجلات، ولذلك يبدأ الأطفال في الانتباه له منذ بداية إدراكهم للصوت والصورة.يتميز الإرسال التلفزيوني بأنه يجذب الأطفال في الأعمال المختلفة، لما يبده الطفل من أصوات موسيقية مختلفة والألوان والأشكال الجذابة، إضافة إلى الأفلام الكرتونية التي أبطالها من الطيور والحيوانات والبشر ومن أشهر المسلسلات الكرتونية مسلسل (ميكي ماوس) ومسلسل (ناقر الخشب) وغيرها من المسلسلات الكرتونية التي تجذب الصغار والكبار معاً..لذا نجد أن التلفزيون يشترك مع الوالدين في الاتصال المبكر المستمر نسبياً مع الأطفال في الأسرة، وبذلك يبدأ تأثير التلفزيون وارتباط الطفل به منذ بداية حياته.لقد شغل التلفزيون الأطفال وحافظ على سلامتهم من مخاطر الطرقات والأذى الذي كان يلحق بمعظم الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة يلعبون في الشوارع. وربما أن التلفزيون قد عوض الأطفال عن الحدائق والملاهي التي أغلقت وتحولت إلى مراكز تجارية خاصة في مدينة عدن.إن إقبال الأطفال على مشاهدة البرامج التلفزيونية أصبحت ظاهرة عالمية لا تقتصر على بلد دون آخر، وفي بلادنا نجد أكثر من 80% من الأطفال والفتيات يقضون ساعات طويلة أمام شاشة التلفزيون و 25% من الأولاد والشباب في سن المراهقة يذهبون إلى محلات الأتاري، وأن 5% من الأولاد يذهبون إلى النوادي الرياضية، والباقون نجدهم في الشوارع، بينما نجد بعض الشباب في سن الرابعة عشرة وما فوق يقضون أوقات الفراغ في مضغ القات و (التنبل) وشرب الشيشة والسجائر. كما نجد أن معظم دور السينما والمسرح قد أغلقت أو أهملت وهي في حاجة إلى ترميم شامل.وعند غياب الرقابة من الوالدين على برامج التلفزيون والمسلسلات التلفزيونية نجد بعض البرامج تعرض العنف والعدوان وهذا يؤثر في سلوك الطفل ويؤدي إلى السلوك العدواني، كما نجد في بعض أفلام الكارتون مشاهد العنف، وهذا يتطلب من الآباء شرح الفيلم حتى لا يفهم الأطفال الفيلم فهماً خاطئاً وحتى لا يتولد السلوك العدواني عند الأطفال.إن معظم الأطفال من سن الثالثة حتى سن 16 سنة يشاهدون التلفزيون بانتظام، ولكننا نجد الأطفال من سن 11 حتى 16 سنة يميلون إلى الأفلام البوليسية وتعلم مكافحة الجريمة في المجتمع وجميع هؤلاء الأطفال لا يوجد لديهم سلوك عدواني، وإنما يتولد لديهم فهم مكافحة الجريمة في المجتمع.إن معظم الدراسات التي تناولها علماء النفس والاجتماع عن سلوك الأطفال من مشاهدة أفلام العنف نجدها مجرد تقاليد تنتهي بعد فترة قصيرة ولا تولد العنف لدى الأطفال.[c1]البرامج التلفزيونية ترفع المستوى المعرفي لدى الأطفال[/c]إن البرامج التلفزيونية والمسلسلات الكارتونية تعمل على رفع مستوى الفهم والمعرفة لدى الأطفال. وقد بدأ الاهتمام بهذا العامل مع بداية إنتاج البرامج التعليمية في التلفزيون، كما بدأت محاولات حديثة لبحث التغيرات المرتبطة بالعمر والتي تحدث في الإدراك والانتباه لفهم محتوى رسالة التلفزيون وأثرها في الجوانب المختلفة للنمو المعرفي عند الأطفال، وقد أثبتت معظم الدراسات أن معظم الأطفال من سن الرابعة إلى ما فوق يدركون كل شيء في التلفزيون كما لو كان حقيقة وصادقاً في الأحداث المعروضة في الفيلم الكارتوني أو الفيلم العادي.. إن معظم الأطفال في سن السابعة تحدث لديهم متغيرات في كيفية الفهم وفي النمو ونمو قدراتهم المعرفية التي تؤدي بهم إلى البحث والبناء المنطقي خلف التغيرات التي تحدث في مظهر الأشياء، وبذلك يرجع عدم فهم الأطفال قبل سن سبع سنوات، وفي الوقت نفسه الفهم الخاص بهم، الأحداث الفيلم إلى عدم نمو قدراتهم المعرفية في السنوات المبكرة في حياة الأطفال.[c1]أفلام الكرتون تعمل على تنمية الخيال والموهبة لدى الأطفال[/c]ومن هنا يأتي دور أفلام الكارتون ومسلسلات الأطفال في تنمية الخيال والموهبة عند الأطفال، فالقصة المخيفة تؤدي إلى الكابوس في أثناء النوم، وهذا ما يؤثر في سلوك الطفل إذا تكرر هذا المسلسل وبالتالي يكون جزءاً من شخصيته في الكبر. أما القصص الخيالية يكون لها جوانبها المعرفية.فالخيال يتعلق بأمور الناس القادرين على التفكير، هذا التفكير قد يكون معقداً أو بسيطاً، صحيحاً أو خاطئاً، ولكن الخيال يتضمن أسساً يكون الفرد قادراً على تصنيفها بطريقة أو بأخرى، فالخيال يتضمن الأمل، الفرح، التوتر، الراحة، السرور، الخوف، الغضب ومشاعر أخرى.إن تأثير دور التلفزيون في حياة الأطفال فعال وحيوي، وقد برهنت العديد من الدراسات على ذلك خاصة على السلوك العدواني والمعرفي، والتعليم الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية، وإن فعالية هذا التأثير تزداد عندما يكون الطفل عنده الاستعداد النفسي لمثل هذه التأثيرات وعندما تكون ظروف الأسرة تساعد على ذلك. وعندما يكون الطفل في مرحلة عمرية تساعد على حدوث هذا التأثير، حيث أتضح أن عمر طفل عامل مهم في حدوث هذه التأثيرات التلفزيونية.خاصة أننا أصبحنا على إطلاع كامل على ما يحدث في العالم من أحداث ثقافية وفنية وسياسية وعلمية.. وكل جديد يحدث في العالم. يطلع عليه الطفل بعد دقائق قليلة من حدوثه والطفل اليمني يقضي ساعات طويلة أمام الشاشة، نتيجة انغلاق الحدائق وملاهي الأطفال والمكتبات ولا يجد أمامه سوى الشارع أو برامج الأطفال.إن أفلام الأطفال التي تعرض على القنوات الفضائية تساعد الأطفال على التعرف على بيئتهم الخاصة بطريقة بسيطة تصحبها الإيقاعات الموسيقية والصور الملونة مما تجذب الطفل، هذه المسلسلات والأفلام الكارتونية هي عوالم قريبة للطفل تساعده على الفهم هذا أولاً.ثانياً : إن الأفلام المترجمة من اللغات الأجنبية، نجدها تقدم بشكل بسيط وقريب لفهم الطفل.لقد تطور إعلام الطفل في القرن الحادي والعشرين، وأصبحت قصص الواقع العلمي أو قصص الخيال العلمي، تجسدها الشاشة الصغيرة، ومنها قصص الفضاء، وقصص الخيال العلمي، عن وصول الإنسان إلى القمر والمريخ، وغيرها من أفلام الكوميديا والقصص الرومانسية جميعها لها تأثيرات في سلوك وفهم الطفل.. كل هذه الأفلام والمسلسلات تتطلب منا تقديم المزيد من الرعاية والدعم للطفل حتى تتوسع ثقافته لتقديم كل جديد ومفيد وجاد وحقيقياً للطفل.وهناك سؤال جاد : كيف نعيش عصر الانترنت ونقدم أعمالاً محلية ساذجة وبسيطة، وهو يشاهد أعمالاً متفوقة في المسلسلات والأفلام الأجنبية؟! إذاً نحن بحاجة إلى تقديم البديل.فالبديل يمكن أن يكون من تراثنا الذي ينهبه الاستعمار الأجنبي في فلسطين والعراق أو يجب أن نأخذ من التراث العربي القديم مثل حكايات الجدات التي يستمتع بها الأطفال في سن معينة، ولكن يجب الابتعاد عن الخرافات التي تثير الفزع والقلق عند الأطفال الذين هم اليوم قادرون على الضغط على أزرار التلفزيون والكمبيوتر والإنترنت، أو مشاهدة القنوات الفضائية العربية والغربية.إن الإعلام الفضائي وسيلة مهمة في تربية الذوق ورفع المستوى الثقافي والتربوي للطفل، كذلك توفير الكتاب الذي مازال يلعب دوراً مهماً في تثقيف وتعليم الطفل، وكيف نقدم المضمون والشكل لكتاب الطفل؟! لذا يجب علينا العناية بصناعة الكتاب وتطويره ونحن نقدم المادة الغنية بالمعلومات الجديدة والمفيدة والمقنعة للطفل حتى لا يعزف الطفل عن الكتاب مهما كانت ألوانه جميلة وعلى الكتّاب مراعاة ذلك.