الأمن المائي يواجه 3 تحديات مع اقتراب إنعقاد القمة العالمية للمياه بالمكسيك فى مايو 2006 حذرت الدراسات من خطورة موقف الدول العربية المائى ، ووقوع معظمها تحت خط الفقر المائى ، وتزايد عدد الدول العربية الواقعة تحت هذا الخط مع مرور الوقت ، وأكد مركز التنمية للإقليم العربى الاوربى " سيدارى " أن معظم الدول العربية تعانى من ندرة المياه واعتماد الدول العربية بنسبة 65 على الموارد المائية من خارج حدودها وتوقع خبراء المركز زيادة عدد الدول العربية التى تقع تحت خط الفقر المائى إلى 19 دولة بنهاية عام 2005 نتيجة لزيادة عدد السكان وقلة نصيب الفرد من الموارد المائية عن ألف متر مكعب ، وهواالمعول الذى حددته الأمم المتحدة لقياس مستوى الفقر المائى للدول .وأكد خبراء المركز أن عدد السكان العرب المحرومين من خدمات مياه الشرب النقية بنحو 50 مليون نسمة يضاف اليهم 80 مليون نسمة أخرى محرومين من خدمات الصرف الصحى .ومن ناحيته أكد د . حفنى عبد الفتاح بمركز بحوث المياه أن القمة المائية الدولية ، أو منتدى المياه العالمى الذى سيعقد فى مارس القادم 2006 بالمكسيك سوف يبحث أهمية تحقيق أهداف الألفية فى مجال المياه عن طريق زيادة الاستثمارات فى مجال المياه ونقل الخبرات لتقليل نسبة المحرومين من هذه الخدمات بحلول عام 2015 ، مع وضع خطط وطنية لكل دولة عربية للإدارة المتكاملة للمياه بحلول نهاية العام الحالى مؤكدا أن الكثير من الدول العربية تعتمد على المياه الجوفية والتى يعد الكثير منها غير متجدد كما هو الحال فى خزان " الحجر الرملى " النوبى المشترك بين مصر والسودان وليبيا وتشاد ، وخزان " الديسي" بين المملكة العربية السعودية والاردن ، " واليازلت " بين سوريا ولبنان .الاستخدام الجائر وقال خالد أبو زيد مدير برنامج المياه فى " سيدارى " : إن الشراكة المائية وخبرة الدول العربية فى دراسة الخزان المشترك قضية هامة ولابد من العمل على وضع استراتيجية عربية للمياه أو استراتيجية اقليمية لاستخدام المياه المشتركة سواء فى الانهار أو الخزانات المشتركة وكذا تبادل المعلومات الخاصة بالمياه محذراً من التأثيرات السلبية من الاستخدام الجائر للخزان الجوفى بالدول العربية ، مشددا على أهمية التعاون وتبادل الخبراء بين الدول العربية ودول أمريكا الشمالية والجنوبية فى مجال الموارد المائية والزراعة وخاصة فى مجال زيادة قاعدة الرى وحصاد المياه والتنبؤ بالامطار ومعالجة واستخدام المياه المالحة وتحلية مياه البحر.واشار إلى أن هناك خبرات خليجية فى استخدام الميا ه الجوفية وتحلية مياه البحر ، وطالب بضرورة تفعيل دور المجلس العربى للمياه كآلية لتنشيط التعاون بين الدول العربية ودول أمريكا الشمالية والجنوبية فى مجال الموارد المائية ، إضافة لضرورة تنسيق المواقف العربية ودول المنابع والحفاظ على مصادر المياه وتنشيط استثمارات المياه لتجديد الثروة المائية العربية حتى لا يتضاعف عدد الدول العربية التى تقع تحت الفقر المائى لأن المنابع تقع خارج الوطن العربى واشار إلى أن هناك مشروعات تهدف لتقليل نسب المياه للدول العربية ، ومن ذلك مطالبة بعض الدول الأفريقية تخفيض حصة مصر من مياه النيل بالاضافة للمشاكل الحالية بين العراق وتركيا حول مياه دجلة والفرات ، وبناء تركيا لسد " الجاب " مؤكدا أن مشكلة ندرة المياه فى الوطن العربى تعد من أبرز المخاطر التى نواجهها فى ظل تربص قوى إقليمية بالقوى العربية فى قضية المياه فهناك صراع تركى عراقى سورى على مياه نهرى دجلة والفرات ، وصراع فى حوض النيل على توزيع الحصص لنهر النيل .الامن المائيومن جانبه شدد د .عصمت عبد المجيد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية على قضية الأمن المائى العربى مؤكداً أن قضية المياه قنبلة موقوته ، وترتبط بالأمن الغذائى العربى ودون توفير المياه اللازمة سيكون الأمن القومى العربى مهدداً فى العديد من جوانبه ، مشيرا إلى أن الصراع على المياه لم يعد قضية إقتصادية أو تنموية فحسب بل أصبحت مسألة أمنية واستراتيجية ، مؤكداً أن المياه فى الوطن العربى تكتسب أهمية خاصة نظراً لطبيعة الموقع الاستراتيجى للأمة العربية ، حيث تقع منابع حوالى 60 من الموارد المائية خارج الاراضى العربية مما يجعلها خاضعة لسيطرة دول غير عربية تستطيع أن تستخدم المياه كأداة ضغط سياسى أو اقتصادى وهو الأمر الذى يزيد المسألة تعقيداً نتيجة لما يعانيه الوطن العربى من فقر مائى قد يصل فى وقت قريب إلى حد الخطر مع تزايد الكثافة السكانية وعمليات التنمية المتواصلة. وأوضح أن الامن المائى يواجه ثلاثة تحديات وهى " قضية المياه المشتركة مع دول الجوار ، وأطماع اسرائيل فى الموارد المائية العربية ، وقد أدخلت الممارسات والسياسات الاسرائيلية مشكلة المياه كعنصر أساسى فى الصراع العربى الاسرائيلى ، لأن المياه تشكل أحد أهم عناصر الاستراتيجية الاسرائيلية سياسياً وعسكرياً ، وذلك لارتباطها بخططها التوسعية والاستيطانية ، أما التحدى الثالث فيتمثل فيما يمكن عمله لمواجهة مخاطر الشح المتزايد فى مصادر المياه العربية ، والمترافقة مع التزايد السكانى والتى تتطلب مواجهتها جهوداً عربيةً مشتركة ، وترشيد مائى وعمل استثمارات كبرى ومعالجة التصحر واستخدام سبل الرى الحديثة ومشروعات تكرير وتحلية مياه البحر والتى قطعت فيها الدول الخليجية العربية شوطاً كبيراً .لغة الارقاموقال د . صالح بكر الطيار رئيس مركز الدراسات العربية: إن لغة الارقام هى التى تحدد الحقائق ، وهو أن سعة الموارد المائية المتاحة فى العالم العربى من مياه جوفية وسطحية لا تتجاوز 371 . 85 بليون متر مكعب يتم استخدام 208 . 82 بليون متر مكعب منها سنوياً ، ويذهب 6 . 3 للاستخدام البشرى و 3 . 7 منها فى الاستخدامات الصناعية ، وتقع معظم الدول العربية تحت خط الفقر المائى ، مشيرا إلى أنه فى عام 1960 كان إستهلاك الفرد فى المنطقة للاغراض المختلفة يناهز 3300متر مكعب سنوياً ، أما اليوم فحصة الفرد لا تتجاوز 1250 منراً مكعباً فى السنة ، وهى أدنى كمية متوافرة للفرد وينتظر أن تصل هذه النسبة إلى 650 متر مكعب فى نهاية العام الحالى بمعنى أن تكون معظم الدول العربية وربما جميعها تحت خط الفقر المائى .. موضحاً أن هناك أزمة مياه موجودة فى الدول العربية وواضحة فى دول الخليج العربى ، وحسب الموارد المائية المتاحة لعام 2015 فإن المياه الجوفية ستشمل 7.2 بليون متر مكعب ومياه التحلية ثلاثة بلايين متر مكعب وإعادة استخدام مياه الصرف الصحى ثلاثة بلايين متر مكعب والمياه السطحية 8.3 بليون متر مكعب ، مؤكدا أن قضية المياه لها شق سياسى يتعلق بدول الجوار وخاصة تركيا واسرائيل وبعض الدول الافريقية واشار إلى سيطرة اسرائيل على الينابيع المتجددة فى الاراضى المحتلة والجولان وجنوب لبنان وانها سحبت مياه بحيرة طبريا كما سيطرت على مياه " الليطانى والحصبانى " ومدت أنابيب بطول 2 كم لنقل المياه لإسرائيل ، وكذا هناك أزمة مائية بين دول العراق وسوريا ، وتركيا التى تسعى إلى استغلال مياه دجلة والفرات واستهلاك قدر أكبر من حصتها ، من خلال تنفيذ مشروع " غاب " والذى يتضمن بناء 21 سداً سعة تخزينها حوالى 186 بليون متر مكعب وذلك على حساب حصة سوريا والعراق .ضرورة استراتيجية وحول أزمة المياه يقول أحمد السيد النجار الخبير الاقتصادى بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية : إن الماء أصبح ضرورة استراتيجية وأنه منذ القدم يشكل مصدراً من مصادر الصراع والنزاعات ومن بين هذه الصراعات اقامة حدود مائية تعتمد فى المقام الأول على الحد المائى وليس على الأرض ، واستخدمت فى ذلك مختلف السبل ومنها احتلال الأرض وسحب المياه من أنهار اليرموك ونهر الأُردن وبحيرة طبريا كما ادخلت مياه نهر الليطانى فى حساباتها ، واحتلت جنوب لبنان واستولت على أكثر من 1290 مليون متر مكعب من مياه حوض الأُردن والليطانى .. مشيراً إلى أن قضية المياه مازالت محل صراع بين دول المصب العربية ودول المنابع ، وتلك الصراعات تهدد الدول العربية بالوقوع تحت خط الفقر المائى وذلك نتيجة لخضوعها لمحاولات الاستحواذ التركية والإسرائيلية، وهو ما يتطلب مزيد من التعاون العربي وتكوين استراتيجية عربية للمياه.