صنعاء /علي سالم تعد ظاهرة حمل السلاح من العادات والتقاليد اليمنية التي تهدد الأمن والسلام الاجتماعي، وهنالك مخاوف شديدة من هذه الظاهرة ذلكم أن مخاطرها عظيمة وكبيرة على جميع شرائح المجتمع وخصوصاً النشء، فهو يحمل السلاح من أجل أن يثبت للدنيا رجولته معتبراً حمل السلاح حاجة أساسية وجزءا من شخصيته فيتباهى بحمل السلاح، فقد أصبحت ظاهرة حمل السلاح منتشرة وبشكل واسع لا سيما في المحافظات التي لا زال الجهل مخيماً على عقول مواطنيها كما هو الحال في محافظات مأرب والجوف والضالع وغيرها مع عدم وجود الوعي باستخدام السلاح والإهمال الذي يجده من قبل أسرته وسوء التربية، وغياب التوجيه والرقابة، وتفشي العنف في المعاملة، أو التدليل الزائد، وضعف الوازع الديني وفقدان القدوة الحسنة كلها تؤثر في سلوكيات الأبناء وتصرفاتهم، بالإضافة إلى انشغال الآباء في أعمالهم وخصوصاً المغتربين وعدم تمكنهم من مراقبة أبنائهم وما يقومون به من أعمال درامية واستخدام سلبي للسلاح ما قد يؤدي إلى قتل أحب الناس إليه عن طريق الخطأ .
طفل يحمل السلاح والكبار يتباهون به
[c1]أبناؤنا وثقافة حمل السلاح[/c]تتكرس في اليمن ثقافة الاعتداد بحمل السلاح الناري واستخدامه في شكل يمتد إلى الأجيال الجديدة. وباتت الحوادث الناجمة عن عبث الأطفال بالسلاح إحدى المشكلات الكبيرة في المجتمع اليمني. وتقول السلطات إن ما بين 8 و10 أشخاص يلقون حتفهم شهرياً في حوادث بالسلاح، يتسبب الأطفال في معظمها. وفي أغسطس الماضي قتل طفل عمره ثماني سنوات والده برصاصة انطلقت خطأ، أثناء عبث الطفل ببندقية كلاشينكوف. وطفلة في الخامسة عشرة أطلقت رصاصة على نفسها أثناء عبثها بمسدس.وتبعاً للإحصاءات الرسمية فإن 80 في المائة من الجريمة الجنائية سببها العبث بالأسلحة الخفيفة وسوء استخدامها، وحوادث إطلاق النار العشوائي. ويرى مراقبون أن عدد ضحايا العبث بالسلاح ربما كان اكبر من مما يُنشر في الإعلام، لأن حوادث كثيرة لا تقيد في سجلات الشرطة، خصوصاً في المناطق النائية. ويخشى بعضهم من أن يؤدي امتداد «ثقافة السلاح» إلى الأجيال الجديدة، إلى تقويض الجهود الرامية إلى تقليص حمل السلاح في المدن.
اطفال يلعبون بأسلحة لعب
[c1]شعارات مناوئة[/c]وتسخر منى صالح من شعار «يمن خالٍ من السلاح» الذي يرفعه ناشطون. وتقول إن مصير هذا الشعار سيكون كشعار «يمن بلا قات» الذي سبق ورُفع في إطار حملة مكافحة تعاطي القات، بينما تُثبت الوقائع أن تعاطي القات إلى ازدياد. وتعتقد صالح، وهي مدرّسة المواد الاجتماعية، أن بعض المشاكل اليمنية الشائكة مثل القات والسلاح تحتاج إلى حلول جذرية وليس إجراءات دعائية.وأسفرت الحملة التي بدأتها الحكومة اليمنية منذ سنتين لمنع حمل الأسلحة في المدن عن ضبط أكثر من 300 قطعة. بيد أن ثمة من يرى أن مشكلة نزع السلاح لن تُحل بالسهولة التي يتوقعها بعضهم، وخصوصاً أن مشروع القانون المقدم إلى مجلس النواب (البرلمان) يتناول تنظيم حمل السلاح وليس حظره، كما توجد قوى سياسية ترفض حظر السلاح وتعتبره مؤامرة دولية على اليمن.وتسهم التنشئة الاجتماعية والأسرية في شحن الصغار بقيم تمجيد السلاح، وتعيب من لا يحمله ولا يجيد استخدامه. منازل يمنية كثيرة جداً لا تخلو من الأسلحة النارية، بما في ذلك منازل تعود لنُخب، كصحافيين وأدباء... وعادة ما تكون الهدايا المقدمة إلى الأطفال عبارة عن لعب أسلحة.
اطفال يلعبون بأسلحة لعب
[c1]ظاهرة حمل السلاح بالأرقام[/c]دراسة حديثة أكّدت أن انتشار الأسلحة النارية الخفيفة خلال الـ19 سنة الماضية، تزايد. وقالت الدراسة التي أعدها الدكتور عبدالسلام الحكيمي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة تعز، أن حيازة الأسلحة في المجتمع اليمني لا تقتصر على مستوى تعليمي معين أو فئة عمرية أو مستوى اقتصادي أو محل إقامة (ريف / حضر)، بل تنتشر بين كل تلك الفئات الاجتماعية والعمرية، وحيازتها تتصاعد تدريجاً وتقل عند الفئات العمرية العليا أي عند أربعين سنة فما فوق. وبلغت في الريف 66.6 في المائة من إجمالي عينة الدراسة، وفي الحضر 59.1 في المائة.وبلغ عدد الأفراد الذين يمتلكون الأسلحة 1267 شخصاً من إجمالي العينة البالغ عددهم 2083 شخصاً، أي أن من بين كل مائة أسرة هناك 60 إلى 61 أسرة تمتلك أسلحة نارية، بحسب الدراسة.ويعود سوء استعمال الأسلحة النارية إلى ترك السلاح في متناول الأطفال بنسبة 88.7 في المائة، أو تركه مذخّراً بنسبة 80.1 في المائة، وغير مأمون 86.7 في المائة، الجهل في استخدامه 80.9 في المائة، حمله من قبل أطفال 87.3 %، استخدام السلاح في الأعراس والمناسبات 82.4 في المائة، أو حمله بشكل يومي 77.7 في المائة.وكان عدد من المنظمات، من بينها مؤسسة «شوذب للتنمية والطفولة»، شرع في تنظيم حملات مناهضة لحمل السلاح خصوصاً بين الأطفال. وسبق لشوذب إنتاج فيلم كرتون بعنوان «أحمد ولعبة الموت»، ونظمت مسيرة لأطفال نددت بانتشار السلاح. وقالت مريم الشوافي، الأمين العام لشوذب، أن فيلم الكرتون وزع على عدد من المدارس في مختلف المحافظات، بما فيها محافظة الجوف التي يشيع فيها حمل السلاح، بنسبة أعلى من المحافظات الأخرى.وتباينت ردود أفراد عينة الدراسة حول الأسباب التي تدفعهم إلى حيازة الأسلحة، وجاءت مبررات حيازة السلاح في المدينة على النحو الآتي: الدفاع عن النفس بنسبة 44.7 في المائة، الشعور بالأمان 2.8 في المائة، استخدامه عند الحاجة 11.6 في المائة، وجود مشاكل وثارات 2.7 في المائة، للحماية والزينة 11.2 في المائة، لكونه ضرورياً 2.7 في المائة، سلاح شخصي 4.8 في المائة، وللزينة 0.6 في المائة.وأشارت الدراسة إلى أن النظرة الاجتماعية إلى حيازة السلاح من قبل أفراد العينة إيجابية عموماً، ويعود ذلك إلى عوامل اجتماعية ساهمت في ترسيخ هذه القيمة الايجابية تجاه الظاهرة. وبلغت نسبة النظرة الايجابية للأفراد إلى حيازة السلاح من قبل سكان الحضر حوالي 13.8 في المائة من الذكور مقابل 61.6 في المائة من الإناث.وأكدت الدراسة وجود أضرار تترتب عن حيازة السلاح الناري تمثلت في أضرار بشرية بنسبة 95.1 في المائة، وأضرار نفسية على الأسرة والطفل بنسبة 71.2 في المائة، وكذا أضرار مادية تتمثل في الاستيلاء على الأراضي والنهب وقطع الطرق بنسبة 78.1 في المائة.