إن ما أتيح لهيلة القصير القيام به من خلال محيطها والإمكانات المجتمعية بحاجة لمراجعة، فقد كانت داعية في كلية للبنات وفق رواية وفي مدارس تحفيظ القرآن في أخرى في مدينة بريدة، مع أن وزارة التربية والتعليم تنفي أنها كانت إحدى منسوباتها. لكنها كانت تقوم بإلقاء محاضرات دعوية في مناسبات نسائية مختلفة فماذا يا ترى يجري في هذه التجمعات؟ عالم الداعيات عالم مقفول أيضاً، استطاعت الكاتبة والباحثة أمل زاهد ولوجه بصعوبة وكتابة دراسة مستفيضة عنه مثيرة لأسئلة أخرى كثيرة منها ما استطاعت الإجابة عنه ومنها ما ينتظر. ومن خلالها قامت برصد الظاهرة وخطابها والفرق بينها وبين الداعية الرجل وصلتها بالخطاب الصحوي وسبب تأخر ظهور المرأة عن الرجل، وكان مما لاحظته مشترك مع ما ذكرته بينة الملحم من ارتباط استدراج المرأة إلى التنظيمات الإرهابية أو الفكر المتشدد باستغلال استعداد العقلية النسائية العربية للانقياد كمحصلة لطبيعة التنشئة المجتمعية التقليدية السائدة لأن تقبل التبعية الشديدة للرجل لدرجة عدم القدرة على التفكير الذاتي المستقل عنه متحولة إلى كائن مطيع للأوامر ينتظر دائماً من يقوده مقدمة الكثير من التنازلات لتنضوي تحت لواء المتحدثة باسم الدين «مشكّلة بذلك نمطا جديدا من السلطة والسيطرة المجتمعية الموازية». العالم الذي بحثته أمل يظهر لنا أبعاداً محتجبة من المجتمع السعودي لها آليتها وقوانينها ومراكز قواها مع مراعاة عدم التعميم. ثم قد نسأل لماذا نعترض كثيراً على هيلة القصير وهي لم تفعل أكثر من القيام بما يوافق عليه أصحاب النظرة المتشددة من بعض أفراد المجتمع ويطلبون من المرأة المثال للخلق والتقوى؟ فهي خريجة ثقافة إسلامية وتعمل مدرّسة لتحفيظ القرآن، وذات نشاط اجتماعي تساهم به في خدمة المجتمع، داعية لمحاربة البدع والدعوة للعطاء والتبرع وأداء الزكاة، وهي حريصة على أن تحصن نفسها فلما سجن زوجها الأول طلبت الطلاق لتحصن نفسها بالزواج بآخر. وبعد مقتله ما زالت تطلب الزواج حتى ولو سافرت لأجله. ثم هي كانت تطيع زوجها في ما تقوم به، وبعد مقتله وفية لذكراه وتقوم بما تمناها القيام به. ربما نأخذ عليها أنها ومجموعتها تغاضت عن إشكالية الاختلاط والخلوة التي من المؤكد أنها كانت تثار في الخطب الدعوية باعتبارها أحد المواضيع المأثورة مثلها مثل لباس المرأة وغطائها وما تستره عباءتها، لكن جوانب كثيرة من سماتها الشخصية يمكن أن تنطبق على الفتاة المثالية في نظر المجتمع المحافظ الذي نباركه، لكننا بحاجة للاعتراض، فلا يمكن أن نقبل بأن تبقى المرأة تابعاً غير مفكر لنفسها. فالمرأة مسؤولة ومحاسبة أمام خالقها قبل مجتمعها مثلها مثل الرجل، وكلاهما مخلوق من نفس واحدة، فتحتاج لأن تفرق ما بين الدعوة للحق والدعوة للباطل. كل هذه السمات تفتح باباً واسعاً لاستغلالها في التجنيد، فنحن عاجزون عن تمييز التطرف لتداخله مع منظومة القيم والأعراف السائدة والتي أسدلت على الإسلام وتشرعنت من خلاله. إن مطالبتنا الدائمة بإشراك المرأة في الشأن العام لم تكن من باب الترف قدر ما هي خيار أن نكون أو لا نكون، بيد واحدة لا يمكن لمجتمع سواء قديماً أو حديثا أن يعيش ونحن نوهم أنفسنا بأننا قادرون على أن نعيش بنصف مجتمع مرفود بعمالة أجنبية تقوم بدور النساء في الفضاء العام. إن منظومتنا الاجتماعية بحاجة إلى غربلة من النخاع حتى يمكننا أن نحدد ما هو الخط الذي يجب أن ننتهج ، وأيه الذي يجب أن نجتنب. أسئلة اختبار مواد الثقافة الإسلامية في الجامعات السعودية تعتبر ترمومترا بسيطا حول ما يجري في قاعات الدراسة وما هو المهم والأهم، والذي تتصدره قضايا غطاء المرأة، الاختلاط، القوامة، قيادة المرأة في المجتمع، السيارة، عمل المرأة .. إلخ .والخلاصة أننا لا يجب أن نقف صامتات أمام من يستغل ثقافة المجتمع لأغراضه/ها التي تدينه. يجب أن نعيد التفكير فيما يطرح، فيما يدعى إليه، نسأل الأسئلة الصعبة، نؤمن بأن الدعاة ليسوا أناساً معصومين ومعصومات وإنما يؤخذ كلامهم ويرد، فمن تسمع ما لا يتفق مع روح الإسلام وتسامحه وسموه فلتقف وتسأل حتى تصل إلى الحق. ولا طاعة لمخلوق/ة في معصية الخالق.[c1]*كاتبة سعودية ( الرياض )[/c]
|
اتجاهات
أسئلة حول المرأة في التنظيمات المتطرفة
أخبار متعلقة