علي مهدي عليوهلقد حزن محبو الفنان الكبير فيصل علوي سعد حزناً كبيراًً على وفاته وذلك في يوم الأحد الساعة العاشرة صباحاً الموافق 7/2/ 2010م ولكن لا مرد لقضاء الله - «إنا لله وإنا إليه راجعون». فقد كان هذا الفنان إنساناً أعطى للفن جل حياته، وغنى للأرض والإنسان والماء والشجر والطير والمطر والسحاب، وشارك الناس أفراحهم في الأعراس والمناسبات المختلفة بروحه وقلبه وكان رحمه الله عطر الأغنية اليمنية في لحج من دون منازع.وهنا علي أن أجيب بإيجاز شديد عن السؤال: لماذا تألق هذا الفنان القادم من الريف الزراعي وخصوصاً من قرية الشقعة إحدى قرى حوطة لحج كل هذا التألق وذاع صيته في اليمن والخليج والجزيرة؟.[c1]المرحلة الأولى:[/c]عندما غادر الطفل قريته إلى مدينة الحوطة، احتضنه الملحن الراحل صلاح ناصر كرد ليعطيه أول لحن لأغنيته (أسألك بالحب يا فاتن جميل) من كلمات الأديب الراحل أحمد عباد الحسيني، وكان ذلك في عام 1958م وبعد ذلك أعطى الفنان الكبير سعودي أحمد صالح - أطال الله عمره _ لحناً لفيصل علوي من كلمات الأمير صالح مهدي تقول كلماته (بنار الشوق قلبي تجلع) وبعد ذلك انتقل فيصل علوي إلى أبين وغنى لبعض الشعراء والملحنين بعض الأغاني ثم عاد مرة أخرى إلى لحج ليلتحق بالفرقة الموسيقية التي كان يرأسها وقتئذ الفنان الخالد الذكر/ فضل محمد اللحجي الذي أعجب بصوت فيصل وكذا بعزفه على آلة العود.[c1]المرحلة الثانية:[/c]علاقته بالشاعر والملحن أحمد عوض كريشة - رحمه الله - وكذا عازف الرباب الشهير والملحن هادي سعد - رحمه الله - وعازف الرباب أحمد سالم مهيد - رحمه الله - حيث غنى العديد من الأغاني نذكر منها الأغنية التي صاغها لحناً وألفها أحمد عوض كريشة (أنا با يوم باشوفك) وهي موثقة في إذاعة عدن، وأعيد تسجيلها حديثاً في إذاعة الكويت الشقيقة عندما قام الفنان فيصل علوي بتسجيلها مع بعض الأغاني في بداية السبعينات.[c1]المرحلة الثالثة من حياته:[/c]هي إتقانه العزف على آلة العود، حيث أجاد العزف على آلة العود ببراعة فائقة، وبدأ يركب موجة التلحين، حيث قام بتلحين عدد من الأغاني الجديدة التي أضفى عليها شيئاً من التجديد وألبسها الثوب القشيب، وخرجت عن طابع التلحين التقليدي في لحج على وجه الخصوص واليمن بشكل عام نذكر منها سبيل المثال لا الحصر (انظر الجدول ادناه).ومن نافل القول، ان عدداً من الفنانين العرب قد تغنوا بألحان فيصل علوي نذكر على سبيل المثال: (يعيبون على الناس والعيب فيهم)، التي غناها فنان الكويت عبدالله الرويشد.[c1]المرحلة الرابعة المهمة: [/c]هي التي تألق فيها تألقاً لا يضاهيه فيه أحد وهي إعادة النتاج الفني لأمير الطرب في لحج الأمير أحمد فضل القمندان فقد أعاد إليها الروح بعد أن أهملت بعد اغتيال الفنان الكبير فضل محمد اللحجي في بداية الستينات في المنصورة م/عدن، فجاء فيصل علوي كما قلنا ليبعث الروح فيها من جديد، وأدخل عليها كثيراً من النغمات الجميلة التي انتشرت في داخل اليمن وخارجها كانتشار النار في الهشيم، ولا نبالغ إذا ما قلنا إنه عندما يغني فيصل علوي جل أغاني القمندان ينقل المستمع إلى دلتا لحج ليرى الطبيعة ويسمع صوت الرباب والماء ينساب، والمطر والسحاب، ويرى الأحباب يسحبون الانس سحاب، فكيف لا يكون ذلك، والفنان فيصل علوي ابن الريف الزراعي، قد أدى أغاني القمندان ببراعة فائقة وإتقان جميل، وأطرب الناس، وادخل في نفوسهم المرح والسرور وإذا ما وقف المستمع الحصيف عند أداء فيصل علوي، فإنه يشعر أنه أمام قامة فنية ابتسم لها الزمن وفتح لها أبوابه ودخل فيصل علوي عالم الطرب اليمني واثق الخطى- فهو بحق موهبة ربما لن تتكرر.لقد تتلمذ الفنان فيصل علوي، على أيادي أساتذة كانت لهم صلة وثيقة بالموسيقى، كما لازم كثيراً من الشعراء والملحنين، وأخذ منهم مبتغاه، وكما يقال: لكل مجتهد نصيب، ولأنه لم يحصل من الشهادات العلمية إلا الابتدائية، نتيجة للظروف القاسية التي قاساها، مثل غيره من أبناء الريف الذين عانوا من شظف العيش، ولهذا كانت وجهته نحو الفن وقد تزاوجت ميوله مع موهبته، ونتج عن ذلك عمل فني جميل تهتز له القلوب وترقص له النفوس.والحقيقة التي لا مراء فيها، أن الفنان الكبير فيصل علوي، يمتلك مقدرة على الحفظ، وحساً وذوقاً فنياً منذ أن كان في ريعان الشباب، بشهادات الجميع فقد بلغ مبلغاً يضاهي عمالقة الفن والطرب للأغنية اليمنية التراثية في الأداء والعزف على آلة العود التي ادخل عليها كثيراً من التحسين مع الحفاظ على أصالة اللحن.وما أشبه الليلة بالبارحة، فإذا كان المعلم الأول وباعث النهضة الفنية في لحج الأمير أحمد فضل القمندان، قد أسعد الناس وشاركهم أفراحهم، فقد توفاه الأجل في عمر لا يتجاوز ستين عاماً، وكذا الحال للفنان الكبير فيصل علوي فقد أمتع الناس وشارك الناس أفراحهم في معظم محافظات اليمن، وتوفاه الأجل أيضاً في عمر القمندان، وكان فيصل علوي - رحمه الله- دائماً مبتسماً فرحاً وكأنه لا يزال في عمر الشباب ولكن في السنوات الخمس تقريباً قبل وفاته، رأيته قد ضاق ذرعاً بالمشاكل الأسرية التي حاصرته، والمرض الذي هجم عليه، فتوقف قلبه عن الخفقان، وترك الدنيا الفانية، لكن ستظل الناس تلوك اسمه كفنان كبير يشار إليه بالبنان، ونسأل المولى جل شأنه أن يحيطه بواسع الرحمة والمغفرة، وعزاؤنا لزوجته الفاضلة وجميع آل دبا وابنه باسل وجميع أولاده ومحبيه.«إنا لله وإنا إليه راجعون»
أخبار متعلقة