نجيب محفوظ كاتب مصري ولد بالقاهرة سنة 1911م .. فتح أمامنا أبواب مصر وما كنا نعرف عنها إلاّ القليل قبل أن يطلعنا هو عليها .ونجيب محفوظ هو الكاتب المصري الأول الذي أخذ على نفسه عهداً أن يكرس حياته للرواية ، وبعد أن أنهى دراسته في قسم الفلسفة وجد في كتابة الرواية هوى خاصاً في نفسه وقد استهواه آنذاك الأدب الغربي، إلاّ أنه كان يبحث عن أسلوب خاص به يجعله متفرداً عن أقرانه في الغرب مستعيناً في ذلك بثقافته المصرية الواسعة.اتخذ نجيب محفوظ من القاهرة مصدراً رئيسياً لإلهامه الأول وشخصياته التي نجح في تنويعها ووصفها من حيث أنهم أبناء طبقات برجوازية وعمالية كادحة استطاع أن يبرز من خلالها الوصف الدقيق للشوارع والازقة والحارات التي لا تحصى في هذه العاصمة .وقد عاصر نجيب محفوظ تيارات سياسية عديدة واصطدم بقضايا سياسية تمخضت عنها متاعب جمة تتعلق بمفهوم الحرية والديمقراطية .إن الظاهرة الادبية التي تسمى "نجيب محفوظ" -حسب الدكتور محمود الربيعي- كان ينظر إلى أدبها باعتباره ذروة الانتاج الادبي اللائق بالاستحواذ على اهتمامهم وأوقاتهم وباعتباره القالب الادبي التقدمي والفكر الادبي التقدمي ، وكان هذا الادب في نظر هؤلاء هو صوت المستقبل الذي سيقود المسيرة الادبية الرامية إلى إعادة تشكيل صورة الأدب المصري الحديث ،وتحديد أهمية الاشكال التعبيرية فيه ثم الوثوب بهذا الادب وثبة تنتقل به من المجال الاقليمي الضيق إلى المجال القومي الواسع إن لم يكن الى المجال العالمي. وتنتظم أدب نجيب محفوظ حسب النقاد ثلاث مشاكل الاولى : هي وضع أدبه في أقصى درجات التجديد والتقدم حيناً آخر ، ودون إدراك حقيقة بسيطة وهي أن نمو الادب -كنمو الزمن- ظاهرة جوهرها الاستمرار لا التباين ومعنى هذا أنه يستحيل علينا في الادب تحديد الخط الفاصل بين القديم والجديد كما يستحيل علينا في الزمن تحديد اللحظة الفاصلة -وعلى وجه الدقة بين الليل والنهار- (محمود الربيعي - قراءة الرواية). والمشكلة الأولى تسلمنا إلى مشكلة ثانية يواجهها أدب نجيب محفوظ وهي الاحكام العامة التي يتعرض لها هذا الادب إذ وصف نجيب محفوظ بأنه يمثل بالنسبة لمصر ما يمثله "دكنز" بالنسبة للإنجليز ، وتولستوي بالنسبة للروس ، وبلزاك بالنسبة للفرنسيين ، كما وصف بأنه تلميذ وفيّ مقتدر وبخاصة في "الثلاثية" لزولا رائد المدرسة الطبيعية كما وصف أدبه بأنه أدب تسجيلي مع ما في هذا الوصف من الإيحاء بنقص حظه من الخلق والابداع وبأنه قد لاتنقصه المهارة وأحكام الصنعة ولكن ينقصه ذلك البعد البعيد غير المرئي الذي يكون عظمة إنتاج الكتاب العظام .ولقد أضرت الاحكام العامة بأدب نجيب محفوظ كما أضرت به المواقف المتطرفة .. ووقف الضرران حائلاً دون معرفتنا الصحيحة بهذا الادب .والمشكلة الثالثة التي يعاني منها أدب نجيب محفوظ هي "النظر إليه كثيراً باعتباره قوالب فنية".والنقاد شديدو الاهتمام بالكشف عن وجهة نظره الاجتماعية والفلسفية والدينية والسياسية ولكنهم ليسوا شديدي الاهتمام بوجهة نظره الروائية وإزاء هذه المشكلة "ينبغي أن نذكر حقيقة بسيطة هي أن نجيب محفوظ ليس فيلسوفاً اجتماعياً أو سياسياً .. إلخ ، وإنما هو كاتب روائي ( وما أعظمها من صفة) . ومن هنا فإن قدراً كبيراً من الاهتمام يجب أن يتوجه مباشرة الى القالب الروائي عنده والتعرف على بناء هذا القالب والوسائل "الشكلية" الخاصة التي تستخدم في صنعه".لقد دخل أدب نجيب محفوظ الى كل بيت عن طريق المسرح والسينما والتلفزيون وهذا الجانب أيضاً له خطره لأنه صرف الناس -بالقطع- عن قراءة نجيب محفوظ بين دفّتي الكتاب . ومهمة الناقد الادبي هنا - بحكم طبيعة عمله - أن يعمل على أن تظل الكلمة المكتوبة هي المورد الذي يتعطش له الناس . ويتم ذلك حين تحتفظ الكلمة المكتوبة بجدتها وحين يجد القارئ لها مذاقاً خاصاً لا يمكن أن يجده في مكان آخر .وما من سبيل إلى احتفاظ الكلمة المكتوبة بجدتها سوى أن تقرأ قراءة جادة ..(الربيعي-قراءة الرواية).في عام 1988م حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل التي استحقها عن جدارة ، بل إن هذه الجائزة جعلت من هذا الكاتب ملهماً لعدد كبير من الروائيين الشبان ، يقول جمال الغيطاني:" إن نجيب محفوظ هذا الكاتب التقدمي الذي يعد في الوقت نفسه شديد الاحترام للتقاليد -رأى أنه رجل كان لزاماً عليه من واجبه ألا يغير من أسلوب حياته الذي اعتاد عليه ، إن أعمال نجيب محفوظ كلها مكرسة لمصر هذا البلد الذي لم يهجره أبداً". [c1] نجوى عبدالقادر [/c]
|
ثقافة
نجيب محفوظ في مرآة النقاد
أخبار متعلقة