خالد سيف سعيد :في الخامس والعشرون من يونيو عام 1955م نشرت صحيفة البعث في صفحتها رقم (10) الفنية موكب لقاء صحفياً مع الفنان يحي محمد المكي بعد قدومه من قاهرة المعز حيث كان يدرس الموسيقى في بعض المعاهد الفنية هناك ، فكان لصحيفة البعث عظيم السرور حين أرسلت إليه مندوبها الخاص ليسجل مع الفنان يحي مكي الحديث التالي : - متى شعرت لأول مرة بالميل إلى الموسيقى ؟ - كان ذلك إبان الحرب العالمية الثانية في عام 1939م حين هرب معظم سكان عدن إلى لحج ، وسنحت الفرصة لأن أتردد على ثكنات الجيش اللحجي حيث كنت اقضي معظم يومي إلى جوار الفرقة الموسيقية التابعة للجيش وهكذا نشأ عندي حب جارف للموسيقى وتعلمها .- ما هي المرحلة التي قطعتها حتى الآن في دراسة الموسيقى ؟ وفي أي المعاهد ؟- كنت ادرس خلال المدة التي قضيتها في مصر حتى الآن في (مدرسة موسيقى الجيش ) وقد أضفت الكثير إلى معلوماتي الموسيقية في هذا المعهد .وسأنضم حين أعود بعد فترة الإجازة إلى المعهد الموسيقى العالي الذي قد تقرر قبولي فيه .- ما هي الآلات التي تحسن العزف عليها ؟- العود والترمبا (البجل ) والكنترباس ، وشيللو ، وكلارنيت .- هل لك إي مؤلفات موسيقية ؟- نعم ... أغنيتان هما : (عتاب ) و(أمل من بعيد )- ما هو هدفك بعد إنهاء الدراسة؟- أن أفتح معهداً موسيقياً في عدن لتد ريس الموسيقى على أسس حديثة صحيحة .- ما رأيك في ألحان الجنوب بصورة عامة ؟ وأيها أقرب إلى نفسك ؟- موسيقى الجنوب بصورة عامة لها صيغة شعبية تحتاج إلى كثير من الصقل والتهذيب والذي آسف له أن بعض فنانينا ركنوا إلى التقليد ومحاكاة الأغاني المصرية والهندية بينما كان اولى بهم ان يهتموا بموسيقاهم المحلية ويحاولوا انعاشها وإدخال التجديدات اللازمة عليها وأنا شخصياً وان كنت راضياً عن بعض الألحان التي تعتبر محاولات لا بأس بها في سبيل التجديد الا أن هذه المحاولات ينقصها الاستناد إلى المعرفة الصحيحة بأصول الموسيقى وارجو أن يدرك هذا كل زميل ليعمل جهده من أجل خلق موسيقى محلية صحيحة ، أما أقرب ألحان الجنوب إلى نفسي فالاغاني اللحجية اذ تمتاز بطابع شعبي أصيل وتعبر عن البيئة التي تنبعث منها وقد زادها التجديد الأخير الذي أدخله عليها فنانوها الجدد جمالاً وروعة .- ما هي الطريقة التي ترى اتباعها للنهوض بالموسيقى المحلية ؟- الإلمام بأصول الموسيقى اولاً وقبل كل شيء لأن كل صاحب موهبة عاجز عن تقديم إنتاج جيد ما لم يكن ملماً بالأصول والقواعد التي يبنى عليها انتاجها .- ما قولك في الهيئات الموسيقية التي قامت في عدن وقدمت عدداً من الألحان ؟- قيام هذه الهيئات الموسيقية خطوة حسنة نحو تنظيم الشئون الفنية ولو ان بعضها لا يعمل لوجه الفن وحده وأنما لغرض اللهو وتقضية الوقت ، فالمطلوب أن تكرس الجهود لخدمة الفن والفن وحده .- هل لديك ما تحب الادلاء به إلى زملائك الفنانين الناشئين ؟- أرجو أن أوجه إليهم نصيحة خالصة لوجه الفن والزمالة وهي ان يتجنبوا الغرور أولاً ، وان يستمعوا إلى كل أنواع الموسيقى الشرقية والغربية وان يحاولوا دراسة الموسيقى بقدر ما تسمح به امكانياتهم ، واحب ان أشير أيضاً إلى أن معظم أغانينا تنحصر في نطاق مقام واحد فقط هو ( البياتي ) والوصول إلى التجديد لا يمكن الا بأن تتنوع النغمات والمقامات ، ولابد لهذا الغرض أيضاً من التدرب على آلات موسيقية اخرى غير التي نعهدها الآن .كما نشرت صحيفة البعث في 19نوفمبر 1955م في الصحيفة الثقافية موكب الفن لمحرر هذا الباب أحمد شريف الرفاعي تعقيباً للفنان محمد مرشد ناجي بعنوان المقال الموسيقى العدنية بين القديم والحديث ( الاوركسترا) العدنية وتخت (أم كلثوم ) وجاء في التعقيب ما يلي :- لقد قرأت مقالاً في صفحة الفن عن الموسيقى أعجبت به وادهشني عبارة وردت في المقال تلك هي أن الندوات الموسيقية قد حاولت الارتفاع بالموسيقى العدنية إلى الاوركسترا وخرجت بها عن دائرة التخت ، وادركت أن الكاتب لم يفهم الفهم الصحيح وظيفة الاوركسترا والتخت ،وان ندواتنا الموسيقية ما زالت تبذل قصاري جهدها لتصل إلى التخت الذي قال صاحبنا انها خرجت منه إلى الاوركسترا ، واذا كان لهذه الندوات فضل فهو فقط فضل الخروج بالموسيقى العدنية من عهد الغناء الممل أما إضافتها الصاجات والطبول فلم يعد بالعمل إلهام وهي تفتقر إلى الكمان الذي يكاد يكون معدوماً ، والقانون الذي هو احد أدوات التخت كلياً ، لا وجود له إطلاقاً والموسيقى المصرية حاولت ان تتخلص من التخت كلياً ، فلا نسمع العود والقانون إلا نادراً ، والمطربة الوحيدة التي مازالت تتمسك به هي أم كلثوم ويكفى أن يضحى صاحب المقال بليلة من الليالي لسماع أم كلثوم ليعرف بعد ذلك وليقارن بين ما أسماه بالاوركسترا العدنية وبين تخت أم كلثوم .وبعد ذلك قام صاحب المقال أحمد شريف الرفاعي بالرد على تعقيب الفنان محمد مرشد ناجي فجاء الرد ما يلي :شكراً للاستاذ / محمد مرشد ناجي على هذه التحية القيمة والتي اعتز بها أيما اعتزاز، وأنه لما يبعث في قلبي السرور والفخر ان يجد الكاتب قارئاً واعياً ، فالقراء الواعون يخلقون الكاتب الأصيل المحقق الذي يحك الكلمة قبل ان يقذفها في عقول القراء ويحاسب نفسه ألف مرة قبل أن يفكر في نشر ما يقول .والواقع انني لم أقصد في الكلمة المنشورة في عدد فائت حول ( موسيقانا بين الجديد والقديم ) ـ لم أقصد بكلمتي ( الاوركسترا والتخت ) في موسيقانا ذلك الذي نسمعه في الموسيقى الشرقية عامة ، ولكنني تحدثت عن (التخت ) بصورته المتواضعة جداً في عهد الطرب الصنعاني وما هو موجود من الإمكانيات الحالية في موسيقانا الحديثة ، فكلمة ( اوركسترا ) لم تكن في كل ما قلت إلاكلمة ( رمزية ) ومن قبيل حسن الظن والنوايا الطيبة فحسب .واختتم رده قائلاً : لا يسعني إلا أن الرد الشكر لفناننا على هذه اللفتة الكريمة والتي شاء له كرمه فيها أن ينفح قلمي المتواضع بهذا الثناء الجم الذي أرجو أن استحقه في مستقبل ما سأكتب أن شاء الله .
|
ثقافة
الجوانب الفنية في صحف عدن التاريخية«2»
أخبار متعلقة