أضواء
أتابع بشكل دائم أخبار الاختراعات في مجالات العلم المختلفة وعلى الأخص المخترعين العرب، والذين أصبحت أخبارهم بارزة خلال السنوات الأخيرة في العديد من المجالات. ومن ينظر إلى خريطة الاختراع على مستوى الوطن العربي، سيجد أن هناك نخبة كبيرة من المخترعين العرب لهم مئات المخترعات في مختلف مجالات العلم والمعرفة. لكن المشكلة هنا ليست في كمّ المخترعات أو كمّ المخترعين، بل المشكلة في مدى استفادتنا نحن العرب من هذه الاختراعات العربية التي أصبحت تذهب بسهولة إلى الدول الأجنبية والشركات الأجنبية التي تكسب من ورائها الكثير، نتيجة الإغراءات الكبيرة التي تقدم للمخترع الذي كرمناه كشكل وأهملناه كفعل، ولم نهتم بمخترعاته، وأيضاً لم تهتم مؤسساتنا وشركاتنا ورجال أعمالنا بتحويل هذه المخترعات إلى منتجات حقيقية نحصل منها على خير كبير وننافس بها الآخرين ونجعلها سلاحاً يخدم حركة التنمية في المجتمع وينقل الأمة من حالة الركود إلى حالة التقدم.إن المخترع العربي اليوم بحاجة ماسة إلى من يتبناه ويرعاه ويهتم بمخترعاته، بحاجة إلى من يوفر له الظروف المناسبة التي يستطيع من خلالها أن يفكر بحرية تامة ويبتكر ويبدع، بحاجة إلى الدعم المادي والمعنوي والفهم العميق لقدرته الابتكارية، بحاجة إلى أن نعطيه الدور الذي يليق بمكانته في المجتمع والتي دائماً ما تكون لها أهمية كبيرة في تحريك مسار التاريخ وحركة الأمة وقوتها بين الأمم. نحن أمة لا نقل عن أمم العالم الأخرى في درجة الذكاء، لدينا كمٌ هائل وثروة عظيمة من المواهب، والتي تملك الاستعداد والميل العميقين للاختراع والإبداع، بحيث تضع الأمة في مصاف الدول المتقدمة. كل ما نحتاجه هو أن نرفع شعار “النهضة العلمية” ونعمل كلنا من أجل تحقيق هذا الهدف، أن يكون لدينا مشروعنا القومي لصناعة “العلماء والمخترعين” في جميع المجالات، أن نهتم بحقل البحث العلمي وتأسيس المعاهد والمراكز البحثية، وأن نرصد لها أعلى الميزانيات، أن يكون لدينا نظام تعليمي قادر على إخراج الطالب عن المألوف والتقليدي، وعلى رصد المواهب واكتشافها وتغذيتها بكل المهارات الابتكارية، أن تتحول المدارس والجامعات إلى مراكز ومعاهد لرعاية الابتكار والبحث العلمي، أن نسعى لبناء مدارس متخصصة في تدريس “علم الاختراع والابتكار”، وأن نكثر من قصص المبدعين والعلماء والمخترعين وأصحاب الاكتشافات الكبيرة والتي غيرت مسار التاريخ العلمي والحضاري للعالم... أن تتحول الثقافة العلمية في المجتمع العربي إلى هواء يتنفسه الجميع ويعيشونه سلوكاً وأفعالاً في البيت والشارع والمدرسة والجامعة والعمل والمصنع، وأن تكون لدينا “أندية للمخترعين” تعمل على تقديم يد العون والإرشاد لكل من توجد لديه موهبة الابتكار وتنمي في المخترع روح البحث، وأن تكون لدينا جمعية أو اتحاد للمخترعين.إن المخترعين، كما يقول “رايموند باتش”، هم “أناس عمليون قادرون قبل كل شيء، على معرفة الحاجة الإنسانية الحقيقية، دون اللجوء إلى الطرق المعروفة لحل المشكلات الطارئة لإشباع تلك الحاجة، وهذا ما يطلق عليه العبقرية». الاختراع هو سبب تطور الأمم وسر قوتها، هو تطبيق للعلم لا ينجح إلا إذا كان المجتمع لديه القابلية والقدرة على دفع المخترع إلى الأمام. لذلك فإن غالبية الدول في العالم تحشد جهودها الكبيرة وإمكانياتها المادية لدعم العلماء والمخترعين ورعايتهم ومنحهم إعانات كبيرة، وإنشاء وقف خيري لدعم جهودهم وبحوثهم العلمية، كما تخصص نسبة من ميزانية الدولة لدعم [c1] *** [/c] الجهود الرامية إلى تحقيق الرقي والتقدم.[c1]* عن/ صحيفة (الاتحاد) الإماراتية[/c]