توقف الإنتاج السينمائي وإغلاق دور السينما في عدن
د. زينب حزامإن السؤال الذي نثيره هنا بصدد إغلاق مباني السينما في عدن له أهمية كبيرة يجب التطرق إليها وذلك لما أفرزه إغلاق هذه المباني وتحويلها إلى محلات تجارية للبيع والشراء والقضاء على المباني الثقافية والفنية من مشكلات أدت إلى تدهور السينما اليمنية، وسبب ذلك آثاراً سيئة على الفنون الجميلة في اليمن خاصة الإنتاج السينمائي الذي مازال مقتصراً على الأفلام الوثائقية، رغم أن الإنتاج السينمائي في بعض الدول المتقدمة شكل قيمة اقتصادية كبيرة للدولة، لقد كانت السينما في اليمن في نهاية الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، لها الفضل في صناعة روائع سينمائية، ومنها الأفلام الوثائقية التي أدرجت ضمن التراث الفني الإنساني منذ نشأتها إلى يومنا هذا، ورغم وجود العيوب في السينما الوثائقية إلا أنها أسهمت إلى حد ما في ظهور السينما اليمنية والمحافظة على كيانها، كما أدت إلى تسارع المخرجين السينمائيين اليمنيين في إنتاج أفلام سينمائية قصيرة من الإنتاج الخاص للبعض من الكتاب اليمنيين أو المنتجين اليمنيين الذين يسعون إلى إيقاظ السينما اليمنية من سباتها.إن دعم الدولة لإعادة المباني السينمائية المغلقة ونشاطها سوف يعمل على تنشيط العمل السينمائي ويساعد على معالجة العمل الجماعي المشترك بين منتجين من القطاع الخاص والدولة من أجل الإنتاج السينمائي لليمنيين خاصة وأننا نمتلك أجمل المحميات الطبيعية في العالم. والتي تساعد على التصوير السينمائي.كما أننا نمتلك كتاب السيناريو والمتخصصين في الإنتاج السينمائي المحلي.إن المحاولات الفردية التي يقوم بها بعض الشباب لإنتاج أفلام سينمائية فردية لا تستطيع إنتاج فيلماً ناجحاً، لأن العمل السينمائي عمل جماعي. وللسينما قوانينها المحددة بدقة الواجبات وحقوق السينمائيين كل في تخصصه. أن العمل السينمائي الجماعي يعمل على تطوير الفيلم ورفع مستوى التذوق الجمالي والإبداعي عند المتخصصين بالعمل السينمائي.ونحن هنا نريد الإشارة إلى ضرورة عودة السينما اليمنية وإعادة كل مبنى تم إغلاقه في عدن أو في أية محافظة من اليمن. ومحاربة كل من تسول له نفسه تحريم العمل الفكري الإنساني من فنون السينما والمسرح والموسيقى والغناء أو من يعمل على تقليل المستوى الثقافي والفني لهذا العمل الإبداعي.إن صناعة السينما تحتاج إلى العمل الجماعي، وأول شيء السيناريو الجيد وآخرهم هو التقني المتخصص في آلة العرض، إن جودة العمل السينمائي ونجاح عرضه في صالات العرض السينمائية ترتكزان في تحقيقهما على السيناريو الجيد والمحبوك أحداثاً وشخوصاً من جهة، وعلى إجادة العمل الجماعي في تأدية الخدمة في العمل السينمائي والإنتاج الفني والتقاط المناظر الطبيعية الخلابة والمتوافرة في المحميات اليمنية ويلعب المصور دوراً هاماً في تصوير الفيلم والعمل السينمائي.. إن كتابة حوار الفيلم (السيناريو ) وعملية الإخراج ونحن نمتلك العديد من الكتاب والمخرجين، يبقى أمامنا مشكلة الدعم المادي للإنتاج السينمائي والذي يتخوف منه العديد من المنتجين في القطاع الخاص، لذا أمامنا دعوة جادة نوجهها للدولة ممثلة بوزارة الثقافة بضرورة دعم الإنتاج السينمائي اليمنيين حتى يطمئن منتجو القطاع الخاص.وبتعبير آخر، إن معظم منتجي الأفلام في الدول المتقدمة، يقومون بتوزيع أفلامهم تحت إشراف الدولة، لذا من الضروري أن يستفيد القطاع الخاص في بلادنا في دعم الأفلام السينمائية المتنوعة والمسلسلات التلفزيونية حتى نوفر لبلادنا العملة الصعبة في استيراد الأفلام والمسلسلات.إن كتاب السيناريو في بلادنا يتحركون ضمن مجالات ضيقة ومساحات محدودة لا تتعدى حدود تخصصاتهم، لذا جاءت معظم المسلسلات المحلية الرمضانية متواضعة حسب ميزانية الإنتاج. إن الكاتب يجب أن يعمل في رحاب فضائيات شاسعة وامتدادات واسعة، لا تحدها حدود الإمكانيات المادية خاصة إذا كان الهدف إنتاج فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني من ذلك النص، فالكاتب يجب أن يحرر قلمه ويغمسه في القضايا الكبرى التي تهم المجتمع والتي سوف تسهم في بناء حوار أو سيناريو قيم يتوغل في جذور المشكلات التي تثقل كاهل المجتمع، ولعل المتتبع للمسلسل الرمضاني التي تم عرضه في القناة الفضائية المصرية والذي قامت بدور البطولة فيه الممثلة القديرة يسرا في مسلسلها التلفزيوني الناجح " قضية رأي عام " من أقوى المسلسلات التي عرضت في شهر رمضان والذي تناول قضية اغتصاب المرأة وهدر كرامتها وتعريضها لمشاكل اجتماعية تؤدي في معظم الحالات لقتلها في سبيل حماية سمعة الأسرة. وأجادت دورها الممثلة القديرة يسرا في الدفاع عن المرأة العربية من الوحوش الآدمية، وضرورة تطبيق عقوبة الإعدام على كل من تسول له نفسه اغتصاب امرأة أو طفلة أو طفل، حتى يتم القضاء على هذه الظاهرة غير الإنسانية والتي عرضت المجتمع العربي للكثير من الأمراض النفسية وتمزيق شمل المجتمع، لقد أضاء كاتب نص " مسلسل قضية رأي عام " بعض الشموع في ظلمات الدروب المعتمة في المجتمع العربي.ومن هنا يحق لنا القول إن دور الكاتب للسيناريو هو من أهم الأدوار في الفيلم السينمائي والمسلسلات التلفزيونية، والتي نحن نحتاج إليها في بلادنا، بضرورة ترك الحرية الكاملة للكاتب حتى يؤدي واجباته على أحسن وجه، ليرفع مستوى إنتاجه، مما ينعكس بطريقة إيجابية على أوضاع الوطن برمتها.إننا ندعو إلى ضرورة فتح الأبواب أمام كتاب السيناريو للنص السينمائي، والمسلسلات التلفزيونية على اختلاف تياراتها وإنتاجها القديم والجديد على أن يتم تشجيع الأعمال الجيدة والهادفة، أن نشاط الإنتاج السينمائي والتلفزيوني المحلي يوسع معرفة الأعمال الفنية اليمنية ومنها تقديم عروض الموسيقى والرقص والغناء وكل هذه الفنون هي في الأصل جزء من العمل السينمائي والعمل الدرامي التلفزيوني.إن دور الصحافة المحلية اليمنية مهم في تشجيع العمل السينمائي اليمني ومكافحة الأفكار المتطرفة التي تحارب الفن السينمائي أو المسرحي أو الفنون الجميلة من موسيقى ورقص وفن تشكيلي، لأن هذه الفنون الجميلة هي أعمال إنسانية تعمل على تقدم المجتمع وتطويره.