القاهرة / 14 أكتوبر / داليا فاروق :أقام الفنان المصري فريد فاضل معرضه الجديد علي أرض دار الأوبرا المصرية بعنوان " صحراء .. واحة ووادي " وأكد أن فكرة هذا المعرض جاءت باعتبار أن الواحات والأودية هما جوهر الصحراء ، ولذا جاءت إضافة الصحراء إلى عنوان المعرض ،وفي أول رحلة له إلى واحتي" سيوة والبحرية" اكتشف أن الصحراء لها نفس سحر وجمال الواحات والأودية بل ربما تفوقها من حيث غني التنوع والقدرة علي الإدهاش والإبهار .وأضاف الفنان فريد : أن الصحراء عالم مستقل بذاته ، وله قوانينه وأسراره ، وأنه عالم المتناقضات والمبالغات التي تحث المفكر علي التأمل والبحث وتلهم الفنان بإبداعات متجددة ، فعلى العكس تماماً من الظاهر حيث تتميز الصحراء بغني خاص في جيولوجيا الصخور والمعادن والحياة البرية لعالم الحيوان ، بالإضافة إلى كم هائل من النباتات التي تتصارع من أجل البقاء وسط البيئة الصحراوية الجافة وتباين درجات الحرارة بين النهار والليل ، موضحاً بأنه استمتع كثيراً بزيارته لواحة سيوة لأول مرة في نهاية الشتاء الماضي .[c1]لحظات ساحرة[/c]وعن رحلته في الصحراء يقول : في اليوم التالي لوصولي ذهبت إلى حافة بحر الرمال الأعظم علي أطراف الواحة وكانت أشعةالشمس في الغروب دافئه ترسل أكسيرمن الحب لتداعب أسطح الكثبان الرملية الناعمة وهي ترقد في كل جنباً إلى جنب ، مثل حسناءات نائمة ساعة القيلولة ، وأثناء تلك اللحظات الساحرة تسللت الرمال اللزجة الخبيثة إلى آلة التصوير الرقمية التي أحملها ودخلت من كل ثقب لتفسدها نهائياً دون أدني أمل في إصلاحها وقد استوعبت من يومها الدرس جيداً ، أما الكثبان الرملية مهما بدت جميلة وبريئةألا أثق بها.ويشير إلى أنه يحاول من خلال معرضه التعبير عن سطح الكثبان الرملية المصقول ، والتي لم تطئه قدم من قبل ، داعياً بالنظر إلي جمالها قبل أن تلوثها آثار الزيارة متسائلاً: أليست هي علاقة الوجود الحي وآثاره هي برهان علي الحركة والاستمرارية ؟ هل تضفي إنسانيتنا جمالا أم قبحاً على فضاء الصحراء اللانهائي ؟ وياليتني كمثل طائر جارح يحلق عاليا في قبة السماء وينظر إلينا من فوق يتأمل خطانا ويدرك حضورنا ، ويحدد عندئذ إذا ما كان إضافة أم حذفاً لكمال الصحراء وجمالها .وقال : هنا أدركت ذلك الصراع الأزلي بين جمال الفضاء ذو المساحات العريضة الصفراء وبين سحر قافلة الصحراء أبحث في دأب عن مساحة خضراء ، واحة بين نخيل وزيتون وماء ، وتجدها أقدامنا بعد طول عناء ، فلولاها لصرنا جميعاً إلى الفناء .
منظر من الصحراء
[c1]جزيرة العجائب[/c]وحول لوحاته وأعماله التصويريه عن واحة سيوة أكد فاضل : أن سيوة هي أرض الحلم وجزيرة العجائب وسط بحر الرمال يلقها الغموض من كل جانب وتقبع فوق هضابها أطلال تاريخها العتيق وسحر الطبيعة ، ينافسه سحر النبوءة ، فطالما نشد العظماء أسرار المستقبل بين جنبات معبد آمون الشهير ، عراقته لا تشتري بالذهب وأكدتها زيارة الإسكندر الأكبر ابن العشرين قاهر العالم القديم ، ولهذا حاولت رسم " أطلال أغورمي في واحة سيوة بالزيت على القماش" .وعن ذكرياته الجميلة في سيوة قال " لقد عشت في سيوة يومين فقط ، ولكنها عاشت ولا تزال تعيش بداخلي حتي الآن ، وهذا المعرض يظهر مدى تأثري بها ، كما تأثرت بسحر ذوبان البنايات في"شالي " وغروب الشمس على البحيرة وضحكات الأطفال في الشوارع وآلاف النخيل في بستان أخضر ممتد ، وجبل الدكرور بتكويناته الصخرية الفريدة ، ومعبد وحي آمون ذو الشهرة الواسعة من تمرد زيتون وحلي فضية وآنية فخارية ، وشبان يعشق الحياة والرقص والغناء وكارتات الحمير تمرق عبر المدينة والباعة يستقبلونك بابتسامة ترحاب وكرم الواحات وشاي في الخمسينه ونوم هانئ وأحلام سعيدة ، كل ذلك يمثل حياة سيوة وأهلها التي تأثرت بها، وحاولت أن أجسدها بهذا المعرض". [c1]رحلة شرقية[/c]وقال فاضل : إن هذا المعرض يضم لوحات زيتيه علي القماش للرحلة الثانية إلى البرية الشرقية وديري الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا ، وهما جوهرتان مضيئتان وسط صحراء ذات طبيعة قاسية موحشه تتميز بالجبال الصخرية العاتية والوديان التي حفرتها مياه الأمطار زمن أنهار وبحار ما قبل التاريخ ، إنها برية العرب المواجهة للجزيرة العربية لا يفصلهما سوى البحر الأحمر، ولكن في عمق الصحراء بقيت الأديرة شاهده علي إيمان الآباء وحياة النسك والتعبد عبر الأزمنة المتتالية ، خرجت عيون المياه الرائقة من جوف الجبل لتروي المتعبدين وضيوفهم من البدو وعابري السبيل، وشهدت البرية آلاف الصلوات التي تُرفع يومياً إلي الخالق الأعظم رب الطبيعة واحتضنت رمال عظام القديسيين ، الذين عاشوا ورقدوا في كنف الرعاية الإلهية وحدها .
منظر من الصحراء
وقال : إن هذه الأعمال جاءت نتيجة رحلة إلى الواحات الخارجة والداخلة مروراً بمدينة أسيوط عروس الصعيد ومسقط رأسي ،ورسمت بألوان الجواش لوحة " للبحوات " في الصباح ، وكذلك مدينة اللبخة شمال غرب الخارجة العاصمة ، فحاولت أن أُجسد قصر اللبخة بالزيت على القماش ، فهي واحة خضرآء وسط صحراء جرداء ومياه الينبوع الجبلي تتدفق منذ العصر الروماني وحتي يومنا هذا ، وأشجار الدوم الرشيقة ترقص فوق سطور البرسيم الجبلي وتعزف لها زهور عباد الشمس أغنية الحصاد .[c1]فاضل في سطور [/c]و الفنان فريد فاضل ولد بمدينة أسيوط عام 1958 لعائلة تعشق الموسيقي الكلاسيكية وتمتهن الطب والمحاماة والتحق بمعهد الكونسير فتوار عام 1965، وتتلمذ علي يد " أدولف منشة " ليعزف الكمان وآلة البيانو ،وأقام معرضه الأول للتصوير بالألوان المائية عام 1971 بقصر ثقافة النيل وكان عمره حنذاك ثلاثة عشر عاماً ،وتخرج الفنان فريد من كلية الطب جامعة القاهرة 1981 ، كما حصل على الماجستير في طب وجراحة العيون وهو يعمل حالياً أخصائي طب وجراحة العين بمعهد الرمد التذكاري بالجيزة أقام أربعة وثلاثون معرضا فردياً للتصوير بمصر وإنجلترا وأمريكا بمتحف توليد للفنون بولاية أوهايو ، حيث اشترك أيضاً في العديد من المعارض الجماعية بمصر وخارجها في ولاية " مين " وصالون الجمعية الأهلية لفنون والجامعة الأمريكية .حصل على جوائز عديدة في جمال التصوير والحفر منها الميدالية الذهبية للبابا بولس السادس في مسابقة الكتاب المقدس وحصل على المركز الأول في الحفر علي مستوي الجامعات المصرية عام 1980، والمركز الثاني في التصوير عام 1981 .