في خضم التحديات التي تواجهها بلادنا وضغوط ارتفاع الأسعار ومحاربة الفساد وتصحيح الأوضاع والبدء في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي كان على الدولة أن تبدأ باتخاذ الإجراءات المناسبة التي من شأنها السيطرة والتوجيه والرقابة على الأوضاع الاقتصادية لإصلاح بقدر الإمكان ما خربته الأيادي الفاسدة المستفيدة من الدعم الحكومي لمادة الوقود ومشتقاته وهي شريحة بسيطة جداً لا تتجاوز عدد أصابع اليد ازدادت ثراء على حساب أبناء الشعب الذي ظل ولا يزال يعاني الفقر بسبب الأوضاع التي فرضتها عليه حفنة جشعة من التجار والفاسدين الذين وجدوا في سياسة السوق الحرة مغنماً للثراء الفاحش في ظل سياسات اقتصادية بلا قيود أوجدها النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي الذي أصبح يسير ويقود الدولة والسياسة وأفقد الدولة قدرتها على فرض الرقابة والسيطرة على الأنشطة الاقتصادية المختلفة ما زاد من جنون أصحاب الشركات والمؤسسات الكبرى للتوسع الرأسي والأفقي وسرعة دوران رأس المال لتحقيق الثراء الذي ظل بعيداً عن رقابة الدولة فكان الاستغلال والجشع واضحاً والسيطرة والتمدد والاستحواذ والاحتكار الاقتصادي غير الإنساني يبرز بصور وأشكال جائرة لا تحترم نفسيات وحقوق المواطن العادي “الفقير” والطبقة المتوسطة في المجتمع الذين هم في الأصل المستهدفون من هذه الأنشطة ومستهلكوها.وحيث إن أصحاب رأس المال والشركات والمؤسسات الاقتصادية في ظل سياسة السوق الحر يزاولون أعمالهم بلا قيود وضوابط فيها كما هو الحال في النظام الرأسمالي للاقتصاد الذي زاد من وتيرة الجشع الجائر والبحث عن وسائل وأساليب لزيادة الأرباح وكنز الأموال فكانت المضاربات في الأسواق المالية والتنافس غير الشريف في العمليات الاقتصادية الصناعية ما أدى إلى اختلال التوازن في المنظومة الاقتصادية لعدم وجود القواعد والضوابط المنظمة بالاضافة الى ما نتج عن الازمة المالية والاقتصادية العالمية في اغسطس 2008م في الولايات المتحدة الأمريكية لتنتشر كالنار في الهشيم وبسرعة لتعصف بأكبر اقتصاديات الدول الكبرى والأسواق المالية الدولية فسقط العديد من عناصر الطبقة المتوسطة في براثن البطالة والفقر وأفلست العديد من الشركات والمؤسسات الاقتصادية والمالية فكانت الزيادة في أعداد الفقراء وظل الأغنياء خصوصاً أولئك الذين ازدادوا في ظل الأزمة واختلال التوازن انطلاقاً وانسجاماً مع القول «مصائب قوم عند قوم فوائد».وفي بلادنا ومع ما نشهده من تأثيرات سلبية على الوضع الاقتصادي وانعكاساتها على المستوى المعيشي لأبناء الشعب حيث استمر الاستغلال الجائر وجشع التجار وقلة من المتنفذين الذين أمسكوا بزمام الأمور في إطار ما هو متاح في ظل اقتصاد السوق الحر فكانت الهيمنة الاقتصادية والاحتكار لقلة من الأثرياء الذين كان ثراهم على حساب الفقراء الذين ازدادوا فقراً لانعدام العدالة وابتعاد السياسة والدولة عن المسرح الاقتصادي إلا فيما ندر بحكم الفوضى في النظام الاقتصادي الحر الذي ترك الحبل على الغارب وجعل الاقتصاد هو المسيطر وأصبح يقود نشاط الدولة والسياسة معاً، وهو الذي كان المنطلق للفساد والإثراء غير المشروع للبعض ـ على حساب الطبقة المتوسطة والفقراء من أبناء الشعب ـ الذين كانوا متواجدين في السوق الاقتصادي فزادوا غولهم وجشعهم ليصبحوا أكثر قوة وسيطرة احتكارية مع انعدام القيود والضوابط وابتعاد الدولة والسياسة ما أتاح الفرصة لهم في الملعب الاقتصادي أن يتصرفوا بحسب الأهواء والمزاج الشخصي.ومع ازدياد العبث على الحد ومن أجل وقف التدهور المفتعل وغير المبرر كان على الدولة أن تضع يدها على الوضع والإمساك بزمام الأمور لتلعب دورها الإيجابي وتكون هي الأقوى والأكثر إمساكاً بالاقتصاد وتوجيهه التوجيه الصحيح المنسجم مع سياساتها بإعادة الأمور إلى نصابها بالقيادة الاقتصادية الرشيدة في إطار اقتصاد السوق الحر وفقاً لقواعد وضوابط تحددها للحد من الاستغلال الجائر والعبث بمقدرات الوطن والأمة باتخاذ حزمة من الإجراءات الصائبة لتصحيح مجرى العملية الاقتصادية واستعادة الوجه الصحيح لدور الدولة بالتنظيم السليم لمنظومة الإصلاحات التي التزمت الحكومة بالقيام بها وكان آخرها مؤتمر لندن، وها هي المؤشرات الأولى بدأت تلوح في الأفق عن طريق الخير والنماء.
على طريق الخير والنماء
أخبار متعلقة