ينظر إلى المجتمع العربي بالذات بأنه مجتمع المستهلكين وليس مجتمع المنتجين . فكل شيء يستورد من الخارج من الإبرة حتى الصاروخ كما يقال أما إنتاجية الإنسان العربي فلا تزال توضع في مؤخرة الجداول الإحصائية التي تصدر عن المنظمات الدولية والاقتصادية والاجتماعية .نقول ذلك في حين أن العالم يحتفل اليوم أول مايو بعيد العمال في أسوأ ظروف اقتصادية ومعيشية تواجه عشرات الآلاف من العمال بعد تفاقم الأزمة المالية العالمية التي أضرت بالتجارة الدولية وأدت إلى إشهار كثير من الشركات والمصارف المالية إفلاسها وتسريح العمال من أعمالهم كرهاً بينما تتزايد حاجتنا إلى التنويه بأن قيمة العمل يتضاءل دورها في مجتمعاتنا العربية بصوره تثير القلق بعد أن تم خصخصة معظم مؤسسات القطاع العام ، وتخفيض حجم القوى العاملة والتوجيه نحو أساليب وآليات الاقتصاد الحر في عصر العولمة الاقتصادية التي أثبتت فشلها الذريع مؤخراً بعد انهيار النظام المالي الاقتصادي في العالم.ونحن نعلم أن لهذه الظاهرة أسباباً هي ذاتها المسؤولة عن سيادة قيم أخرى بديلة مازالت تنخر كالسوس في الأبنية الأساسية لمجتمعاتنا هذه حتى قيل بحق أن عالمنا العربي يعيش إضراباً صامتاً عن العمل ، ويتسابق ملهوفاً نحو الثقافة الاستهلاكية وقيم الترف والبذخ والدعة والهروب من الواقع ،ذلك أنه بعد هذا الترف يصبح المواطن بغير حاجة إلى أن يسهر ويجهد نفسه في البحث العلمي والتحصيل وجودة الإنتاج.نقول إن كل ما نتعلق به ونستسلم له الآن بديلاً عن العمل إما أن يكون عارضاً أو سراباً خادعاً وإننا بغير سواعدنا هذه وبغير كدنا وكدحنا نحن لن نخطو خطوة إلى ألأمام هذا إذا لم نتعرض في المستقبل للصدمة والانتكاسة.ختاماً نقول :إنه قبل عيد العمال وبعده، صوت القرآن الكريم لا يزال ينادينا ويذكرنا منذ 14 قرناً، قال تعالى : “ وقل اعملوا “ والأحاديث الشريفة التي تمجد العمل والعاملين بغير عد ولا حصر .فمتى نولي أهمية وقيمة للعمل ،ونخطط لقيام مشاريع استثمارية إستراتيجية لصناعات إنتاجية متعددة الأغراض بين القطاع الخاص وقطاع الدولة حتى نمتص ونستوعب الأيدي العاطلة عن العمل لتجد فرصتها في تحقيق ذاتها وتكتسب المهارات الصناعية المفيدة وتهنأ بالعيش الكريم في وطنها ,ليتنا نسمع عن ذلك في القريب العاجل.
أخبار متعلقة