محمد عبدالجليلما اهون الموت في هذا الزمان ، كم هو سهل ومباغث ، لا سيما عند من يشتغلون بالهم العام ، من الفقراء امثالنا ، الذين يجالدون الحياة في محاولة منهم لتصحيح مسار التاريخ وجعله اكثر عدلاً ومساواة واكثر انسانية ، فالعمل السياسي والفكري عموماً يزهق ارواح اصحابه بصورة اسرع من غيرهم ، هكذا كان موت عصام مفاجئاً لنا جميعاً .فحتى الامس القريب كان بيننا يسرح ويمرح ، كما هو ديدنه دائماً يوزع الابتسامات على الجميع ، حتى في اشد اللحظات ( عكننة ) للمزاج ، وفي اكثر اللحظات تبرماً عند الجميع ، كان رجل علاقات عامة من طراز جديد ، لا يمارس الشخيط والنخيط من باب التعالي مع زملائه ، او التكبر عليهم ، كان سلساً ورحباً في احاديثه مع الآخرين الذين يختلف معهم ، ولا يترك وراءه اثراً للحقد او العداوة مع اصحابه واقرانه .لماذا هذا التسارع في موت الاصحاب والاصدقاء الطيبين هذه الايام بالذات .. هل الخروج عن نواميس الطبيعة البشرية التي تجتاح عالمنا كله ، هي وراء غلبنا وتعبنا ومرضنا ثم موتنا .. لماذا انخفض متوسط العمر عند انسان اليوم .. هل بسبب عاداتنا الاستهلاكية النمطية الجديدة .. هل بسبب تلوث المأكل والمشرب والملبس ، ام لتلوث البيئة الاجتماعية والحياتية بوجه عام ، ام هي تداعيات السياسة في عالمنا المعاصر ، الذي صار عالماً بلا اخلاق .كثيرة هي الاسئلة التي تطرح نفسها امامنا عندما تقف امام الفجائع التي تتوالى علينا من كل حدب وصوب . شكيب ومعروف يعانون من المرض ، ومفتاح غادر الحياة قبل شهور وكذا الشدادي ، وابراهيم الكاف يعاني من المرض ، وقبل فترة ودعنا أمين الحزمي وقبله علي فارع وطه حيدر وفتحي باسيف وعوض باحكيم ومحمد حمزة والموت حق ، وكل هؤلاء بين ولادتهم وموتهم تركوا في حياة الاجيال المتعاقبة بصماتهم في تعميم الثقافة والمعرفة وفي البحث عن الحقيقة المغيبة دائماً.مات عصام وخلف بعده ابناء وبنات نجباء يستحقون الرعاية ليس فقط من قبل افراد عائلته الكريمة ولكن ايضاً من قبل اصدقائه وزملائه واحبائه ، وهذا هو اقل الوفاء للعشرة الطيبة المتواصلة بين الاجيال ، لنؤكد من خلالها قيمنا واخلاقياتنا واعرافنا التليدة لنرسخ كل ما هو جميل ومشرق وانساني في حياتنا الجديدة ، فذلك هو ما يعطي لحياتنا معناها وقيمتها ، وبدونها لا تساوي حياتنا شيئاً .مات عصام وترك وراؤه مجلة «صم بم» الكاريكاتيرية ، نتمنى استمرارها وديمومتها ، لانها ستذكرنا به دائماً .عزاءنا لابناء وبنات عصام وللسيدة / حرمه ولاخوانه / محمد سعيد سالم وابراهيم سعيد سالم ولجميع افراد العائلة ، منا جميعاً في اسرة صحيفة« 14 أكتوبر »والمؤسسة ومن كل من عرف عصام من اصدقائه واحبائه .وإنا للَّه وإنا اليه راجعون .
|
تقرير
مات عصام وترك لنا بصمته
أخبار متعلقة