.jpeg)
ورغم أنه شكل ثنائيًا ناجحًا مع عبدالرب إدريس الذي لحن له العديد من أشعاره التي لاقت النجاح وكرسته كشاعر غنائي لا يشق له غبار، إلا أن آخرين من كبار المطربين لحنوا وغنوا من أشعاره، فلحن له الفنان الكبير محمد مرشد ناجي (ما شي كما شي) التي غناها الفنان عبدالرحمن الحداد، والفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه (حجة الغائب معاه)، من ألحان عبدالرب أيضا، والفنان الكبير سعودي أحمد صالح (من سعر كم باعاتبك)، وأغان أخرى.
لكن النصيب الأكبر من أشعار عبدالله بقعي كان من حصة الملحن الكبير عبدالرب إدريس (40 أغنية) بحسب الكاتب نجيب اليابلي - رحمه الله - (الأيام - رجال في ذاكرة التاريخ - 22 يوليو 2007م). ومن الأغاني التي لحنها له: يا حب غالي علينا، عشقنا والذي يعشق هواكم دوب هايم، يا عيون السهارى علموني السهر، ما عرفنا الحب مرة إلا من رمش الجفون، راح الزين ياريته يا ريته ما كان.
عبدالله محمد بقعي من مواليد الفيوش لحج، في 27 ديسمبر 1952م، تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في المدرسة المحسنية بمدينة الحوطة المحروسة حاضرة لحج، ثم سافر إلى مصر حيث تلقى تعليمه الثانوي، وواصل دراسته الجامعية في جامعات مصر.
ولأنه كان ذكيا ومتعدد المواهب فلم يخيب أمل والده به، فتخصص في فن النحت والديكور والزخرفة، خريج فنون جميلة. كما يحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة الزراعية، ودبلوم عال في الهندسة الإلكترونية، وتلقى عدة دورات في الهندسة الإلكترونية في اليابان وإنجلترا والولايات المتحدة الامريكية، لكن الغلبة في الأخير كانت للشعر وللكمبيوتر.
دون شك، أن لعبقرية المكان دورًا في تكوين الشاعر عبدالله بقعي، وهو أفصح عنه شخصيًا في ظهور نادر له في أمسية رمضانية في الحوطة - مقر اتحاد أُدباء لحج، أكتوبر 2006م. كان كل شيء يقوده بقوة نحو سحر الشعر.. لحج التي ولد في واحدة من قراها “الفيوش” يقول إن الفضل الأول بعد الله يعود إليها.. إلى لحج التي تشبع بفنها وأدبها، حيث أن ابن لحج يولد بطبيعته شاعرا، وأنه ولد شاعرا.
حياته لم تكن دائمًا جميلة ومدهشة، لكنه كان سعيدًا بآلامه وأشواقه وأحزانه، التي كان لها طعم الجحود، والنسيان والتجاهل في أحيان، وفي أحيان أخرى طعم الشهرة والنجاح..
والده كان يخاف عليه أن يسرق الشعر من ابنه التعليم، فامتثل لرغبته، وكان يعارض أن يمتهن ابنه كتابة الشعر، لكنه لم يتوقف عن كتابته، لأنه كان شيئًا أقوى منه، مما اضطره لأن يعطي قصائده لآخرين! كان هذا أول تنازل يقوم به، وهو يبرر ذلك: “يكفيني أن أرى أولادي يمشون حتى وإن كان من يتبناهم آخرون”. هذا “التخفي” سيستمر معه حتى عام 1966م حين قرر التمرد على هذا الوضع وأعطى أغنية (يا صراب) للفنان محمد محسن عطروش، وكان عمره حينها لم يتجاوز الرابعة عشرة، مما يدل على نبوغ مبكر.
عندما انتقل للدراسة في مصر أعطى أغنيتين للفنان فيصل علوي لم يلحن ولا واحدة منهما، وإحداهما كانت الأغنية التي أطلقت شهرته كشاعر غنائي (تعبنا والتعب راحة) التي لحنها وغناها الفنان عبدالرب إدريس الذي التقاه في القاهرة عندما كان عبدالرب يدرس في المعهد العالي للموسيقى.
ورغم الشهرة الكبيرة التي حققها عبدالله بقعي كشاعر غنائي إلا أن سوء الطالع سوف يلازمه مرة أخرى، إذ سيضطر إلى التنازل عن أشعاره لتسجل بأسماء كويتيين بسبب النظام المتبع الخاص باللائحة المادية التي تفاضل بين الشعراء الكويتيين والشعراء من خارج الكويت، فاضطر إلى بيع عدد من قصائده لبعض الكويتيين، وكان هذا الأمر بالاتفاق مع الفنان عبدالرب إدريس.
ويبدو أن النحس وسوء الحظ الذي لازم شاعرنا الكبير عبدالله بقعي واستمر معه طوال مسيرته الشعرية فارقه أخيرًا بالتكريم الذي لقيه من السلطة المحلية في عدن، بعد رحلة استمرت أكثر من أربعين سنة عانى خلالها من الإهمال وربما من التجاهل، ومن المرض برغم مسيرته الحافلة بالعطاء سواء على صعيد العمل والوظيفة، أو على صعيد الإبداع والشعر الغنائي الذي أثرى به الساحة الغنائية.
يستحق شاعرنا الكبير هذا التكريم من السلطة المحلية في عدن في الحفل الذي أقامته في منتدى الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، والذي شهد أيضاً تكريم الأديب الكبير أديب قاسم علي.