
منذ أن تولى الرباش هذا الملف، جعل خدمة الحاج هدفه الأول، فبدأ بمرحلة إعادة الترتيب من الداخل. عمل على تطوير أنظمة التسجيل لتكون أكثر شفافية وعدالة، بحيث يحصل كل حاج على فرصته دون تمييز أو وساطة. كما بادر إلى ضبط الحملات والشركات التي تتولى خدمة الحجاج، فارضًا معايير جديدة من النزاهة والمساءلة، وهو ما ساهم في إنهاء كثير من الفوضى التي لطالما أرهقت المواطنين.
ولم تكن جهوده محصورة في الترتيب الإداري فقط، بل امتدت إلى المتابعة الميدانية الدقيقة. ففي كل موسم، كان الرباش حاضرًا بنفسه بين الحجاج، يتفقد مساكنهم، يستمع إلى ملاحظاتهم، ويعالج الإشكالات أولًا بأول، ليؤكد أن المسؤولية ليست توقيعًا على أوراق، بل حضور حي بين الناس. هذا القرب عزّز الثقة وأعاد للوزارة هيبتها، ورسّخ صورة المسؤول الذي يرى في الحاج ضيفًا كريمًا لا رقمًا عابرًا.
ومن أبرز إنجازاته التي لاقت صدى واسعًا، تمكنه في الموسم السابق من استرجاع مبالغ مالية ضخمة لصالح الحجاج بعد أن كادت تضيع بسبب بعض الاختلالات. وقد أثبت بهذا الموقف أن المال العام وحقوق المواطنين ليست مجالًا للتلاعب، وأن الوزارة قادرة على حماية مصالح الناس إذا وُجدت الإرادة والقيادة المسؤولة. كان هذا النجاح علامة فارقة جعل الحجاج يشعرون أن صوتهم مسموع، وأن أموالهم في أيدٍ أمينة.
إلى جانب ذلك، قاد الرباش عملية شاملة لترتيب تفاصيل رحلة الحج والعمرة، بدءًا من أماكن السكن التي حرص على أن تكون لائقة، ومرورًا بوسائل النقل التي تابعها بدقة، وانتهاءً بالخدمات الميدانية في المشاعر المقدسة. كان هدفه أن يعيش الحاج رحلته الإيمانية بعيدًا عن المتاعب الإدارية، وأن يتفرغ للعبادة في أجواء من الراحة والطمأنينة.
اليوم يمكن القول إن تجربة مختار الرباش أعادت لقطاع الحج والعمرة صورته التي يستحقها. فقد جمع بين الكفاءة الإدارية، والوعي الديني، والإرادة الإصلاحية، ليقدم نموذجًا حيًا للمسؤول الذي لا يكتفي بالكلام، بل يصنع الفارق على الأرض. وهو بذلك لم يخدم الحاج فقط، بل رسّخ أيضًا قيم الشفافية والانضباط داخل مؤسسات الدولة، ليبرهن أن الإصلاح ممكن إذا توفرت النية الصادقة والقيادة الواعية.
إن سيرة مختار الرباش في إدارة هذا الملف الحساس هي قصة نجاح تتجاوز حدود موسم حج واحد، لتغدو تجربة ملهمة في كيفية تحويل التحديات إلى فرص، وكيف يمكن للمسؤول أن يصون كرامة الناس ويعيد إليهم الثقة بدولتهم. إنها باختصار، تجربة تستحق أن تُروى وأن يُستفاد منها كنموذج وطني وديني في آن واحد.